عنب بلدي – خاص
لم يعد مشهد إحراق المستودعات أو أماكن تجميع الأضابير والملفات الهامة في مؤسسات النظام السوري الاقتصادية مشهدًا جديدًا، فكثير من الموظفين المتهمين بقضايا فساد ورشاوى وسرقة أموال عامة بحاجة إلى مثل هذه السيناريوهات لطمس معالم ما اقترفوه، بغية إخفاء أي دليل يمكن أن يسوق هؤلاء الفاسدين إلى المحاكم بقصد المحاسبة.
وخلال السنوات الأربع الماضية من عمر الثورة، ومع ارتفاع حالات الفساد وسرقة الأموال العامة بسبب انتشار الفوضى وتراجع المحاسبة، بدأت هذه الظواهر بالبروز إلى السطح بشكل جلي، واللافت أنها لم تقتصر على قطاع بعينه، بل امتدت إلى عدد من المؤسسات في المحافظات السورية التي لا تشهد أحداثًا أمنية، فمن حرائق المؤسسة العامة للتبغ (الريجة) في اللاذقية إلى مؤسسة كهرباء دمشق وريفها، وحرائق معمل الزيوت العامة، هناك قصص لا يعلمها الكثيرون عن حرائق مفتعلة كان سببها منع المحاسبة وكشف اللصوص.
لكن التبريرات والردود على أسباب هذه الحوادث كثيرة وجاهزة فورًا، ومنها رد مدير عام المؤسسة العامة للتبغ التابعة للنظام، فيصل سماق، عندما التهم حريق جزءًا من مؤسسة التبغ – فرع اللاذقية قبل فترة، وعندما سئل عن سبب الحريق، أجاب “الأسباب مجهولة ومحيرة وسيتم فتح تحقيق بالموضوع”، وغالبًا ما تخرج هذه التحقيقات بنتائج واهية لا معنى لها وأحيانًا كثيرة لا تعلن.
لم يقف الأمر عند حريق معمل الريجة ذاك، بل امتد إلى إحراق مستودعات شركة التأمين الحكومية للسيارات، إذ أعلن فوج إطفاء اللاذقية يوم الثلاثاء 27 تشرين الأول الماضي، عن أن حريقًا نشب في حي الصليبة ضمن مستودع أرشيف الشركة السورية لتأمين السيارات، مشيرًا إلى احتراق العديد من المصنفات والسجلات، “دون تحديد أسباب اندلاعه”.
ووفقًا لما أورده الفوج، عبر صفحته في فيسبوك، فإن “الحريق بدأ عند الساعة 12:50 ظهرًا بجانب مخبز الكرامة ضمن مستودع أرشيف الشركة السورية لتأمين السيارات، وكان حجم الطابق وعدد الغرف الكبير وطول الممرات وانعدام الرؤية العائق الأكبر امام فوج الإطفاء لإخماده، والنتيجة كانت احتراق العديد من المصنفات ضمن الغرفة بينما استطعنا إنقاذ عدد منها”.
ويأتي إحراق المبنى على خلفية تسريب، صحيفة الوطن الموالية للنظام، عن مسؤول في المؤسسة العامة السورية للتأمين، يكشف عن وجود ضبوط وهمية لحوادث سيارات، أثناء محاولة أصحابها الاستفادة من التعويض عن الأضرار الجسدية المزورة لدى فرع المؤسسة في محافظة اللاذقية.
وكشف المصدر حينها أن أكثر من طرف شارك في تنظيم الضبوط بالحوادث المذكورة، منهم طبيبان شرعيان، تم توقيفهما لتقديم تقارير خاطئة ومزورة، عن الحوادث ومساعدة أصحابها للحصول على تعويضات ليست من حقهم.
وفي نفس السياق، حلّت سوريا العام 2014 بين الدول الأكثر فسادًا في العالم وفق دراسات منظمة الشفافية الدولية، إذ جاءت في المرتبة 159 من الدول العشر الأخيرة الأكثر فسادًا من أصل 173 دولة.
وبحسب المنظمة، فإنّ من أهم أسباب زيادة انتشار الفساد في سوريا إساءة استخدام الأموال العامة من قبل كبار القادة والمسؤولين الفاسدين بما يخدم مصالحهم الشخصية، والذين قاموا بتهريب الأموال التي سرقوها إلى خارج البلاد.