السلام المفقود

  • 2015/11/01
  • 10:38 ص

الكاتب: دينيس روس

يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب التي وثقت “مفاوضات السلام” من وجهة نظر أمريكية بين إسرائيل والعرب منذ انطلاقها في مؤتمر مدريد 1991 حتى فشلها في عام 2000 وانطلاق الانتفاضة الثانية نتيجة لذلك.

وتأتي أهمية الكتاب من أهمية كاتبه، فدينيس روس اليهودي الأمريكي تولى ملف الوساطة الأمريكية بين الطرفين، وهو من هندس عملية المفاوضات بين الطرفين خلال فترة حكم الرئيس جورج بوش الأب، وبعده بيل كلينتون.

يدّعي الكاتب الحيادية بين الطرفين، وإن كان يصف طريقة عمله خلال المفاوضات بـ ”التسويق” (نتناول أفكارًا إسرائيلية أو أفكارًا يستطيع الإسرائيليون أن يتعايشوا معها، ومن ثم نعمل على بلورتها محاولين مضاعفة جاذبيتها في أعين العرب)، وقد ظهر هذا التحيز حين حمّل ياسر عرفات مسؤولية فشل المفاوضات لأنه رفض دولة فلسطينية (كانت ستقوم على معظم أرجاء الضفة الغربية تقريبًا).

يبين الكاتب الأجواء التي دفعت إلى المفاوضات، فقد كان العرب يتجنبون الاعتراف بإسرائيل بكل الوسائل، ولكن انهيار الاتحاد السوفيتي وانطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وغزو صدام للكويت هيأت الفرصة لعقد هذا المؤتمر.

(إذا كنا قادرين على عقد تحالف دولي من أجل الحرب، فالأولى عقد تحالف دولي من أجل السلام) هي الكلمة التي قالها حافظ الأسد والتي راجت في الأوساط الإعلامية والسياسية بعد هزيمة صدام في الكويت.

يعتبر دينيس روس أن الأسد أراد السلام مع إسرائيل، ولكنه لم يقبل (بأقل مما حصله السادات في اتفاق كامب ديفيد)، أي انسحاب كامل من الجولان مقابل ترتيبات أمنية بين الجانبين، فسوريا خسرت  الجولان عندما كان الأسد وزيرًا للدفاع، ولن يقبل بأقل من عودتها كاملة بحسب روس، وهو ما أقرته ما بات يطلق عليه “وديعة رابين”، وهو تعهد شفهي نقله وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر عن إسحق رابين وبقي طي الكتمان.

يعتبر الكاتب أن عين الأسد كانت دائمًا على العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر من علاقاته مع إسرائيل، كما يظهر بوضوح في أماكن شتى من الكتاب كيف استعمل الأسد المقاومة في لبنان وفلسطين للضغط في مسار المفاوضات دون أن يسعى لتحريك جبهته مع إسرائيل.

من المهم الإشارة إلى نقطة خلاف جوهرية أدت لتوقف المفاوضات السورية الإسرائيلية وقد لا تكون معروفة لكثيرين، وهي حدود الرابع من حزيران 1967، التي تطالب سوريا بانسحاب إسرائيل منها كشرط للسلام، في حين أن إسرائيل قبلت بالتراجع إلى حدود خرائط 1922 بموجب اتفاقية بين فرنسا وبريطانيا حينها لتقاسم سوريا وفلسطين (على اعتبار أن ما كان أرضًا فلسطينية حينها هو أرض إسرائيلية اليوم)، والفرق بين الخطين هو عشرة أمتار فقط، ولكنها تعني أنه لن يكون لسوريا وفقًا لحدود 1922 أي تماس مع بحيرة طبرية، التي تعتبرها إسرائيل أكبر خزان استراتيجي لديها للمياه العذبة.

من الصعب اختصار الكتاب في كلمات موجزة، فهو يربو عن ألف صفحة مليئة بالتفاصيل الشيقة، ولكنه يبقى شهادة تاريخية هامة على مسار أعقد الصراعات في العالم على الإطلاق، كما سيبقى شاهدًا على الانحياز الأمريكي الدائم لصالح إسرائيل.

مقالات متعلقة

كتب

المزيد من كتب