دولارات مزورة ومجمدة تنتشر في أسواق مدينة الرقة
الرقة – حسام العمر
لم يتمكن عيسى العبود (35 عامًا) من استرداد 400 دولار أمريكي بعد أن اكتشف أنها مزوّرة، وحاول أن يعيدها إلى الشخص الذي أعطاه إياها لكن دون جدوى.
عيسى كان قد باع عددًا من ماكينات خياطة بمبلغ ألفي دولار أمريكي، اكتشف لاحقًا أن أربع ورقات نقدية منها من فئة مئة دولار مزوّرة، حاول إعادتها إلى الشخص الذي دفعها له، لكنه رفض بحجة أنها ليست من عنده، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وتنتشر في مدينة الرقة أوراق نقدية مزوّرة من العملة الأمريكية (الدولار)، وقع بعض السكان ضحية لامتلاكها، بسبب عدم المعرفة الكافية لبعضهم بالمواصفات التي تتمتع بها الأوراق النقدية الأجنبية بما فيها الدولار الأمريكي.
الضحية يخشى الاتهام
قال عيسى، إنه لم يتمكن من تقديم شكوى لـ”قوى الأمن الداخلي” (أسايش)، خشية أن يوضع في دائرة الاتهام في حال عدم تمكنه من إثبات أن النقود ليست منه، بل من شخص آخر.
وأضاف عيسى أنه قرر أخيرًا حرق تلك الأوراق بعد تعذّر إيجاد حل آخر يحميه من المساءلة أو يعوّض له خسارته المادية “الكبيرة”، على حد وصفه.
وتحوّل الدولار الأمريكي إلى العملة الأهم في التداول التجاري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ومنها مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، بعد عدة انهيارات أصابت الليرة السورية خلال سنوات الحرب الماضية.
ولامس سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز 5000 ليرة سورية في آذار الماضي، قبل أن يتراجع ليسجل وسطيًا منذ نيسان الماضي 3200 ليرة سورية، في السوق السوداء.
صرافون يحذّرون
جمال العلي (40 عامًا)، يملك محلًا للصرافة في مدينة الرقة، قال لعنب بلدي إن الصرافين يطلقون تحذيرات عبر شبكات التواصل الاجتماعي بشكل دائم عند اكتشاف وجود الأوراق المزوّرة في أسواق المدينة.
وأضاف جمال أن بعض المحال غير المرخصة أو بعض الشبان المجهولي الهوية الذين يتنقلون بين أسواق المدينة، هم المصدر الرئيس لمثل هذه الأوراق النقدية.
وأشار إلى أن بعض الأوراق النقدية المزوّرة تمتلك مواصفات تقترب كثيرًا من مواصفات العملات الأصلية، ويصعب على الأشخاص العاديين اكتشافها.
ورصدت عنب بلدي انتشار شبان في شارع “المنصور” بمدينة الرقة، يحملون أوراقًا نقدية من العملات الأجنبية يبيعونها للسكان خارج محال الصرافة، ويتهمهم أصحاب تلك المحال بأنهم المصدر الأبرز لترويج العملات المزوّرة.
أحد الشبان الذين التقت بهم عنب بلدي، قال إنه يحمل أوراقًا نقدية سليمة، ويرغب بالعمل في الصرافة، لكنه لا يمتلك القدرة على استئجار محل وترخيصه.
ويعمل الشاب (الذي طلب عدم ذكر اسمه) في بيع وشراء العملات، ولم ينكر ترويج بعض الشبان العملات المزوّرة خارج محال الصرافة ومكاتب الحوالات.
ويقصد السكان شارع “المنصور” لبيع وشراء العملات الأجنبية، والذي تحول تدريجيًا لما يشبه سوقًا للصرافة بعد اتجاه أغلبية المحال الموجودة فيه للعمل بالمهنة.
وتحدث صرافون في شارع “المنصور” بمدينة الرقة عن أن أغلبية ضحايا العملات المزوّرة هم من كبار السن وبالأخص من النساء.
ولا يقتصر انتشار الدولار الأمريكي على العملة المزوّرة، بل يتجاوز ذلك لوجود أوراق نقدية تُعرَف بالدولار المجمّد، وترجع أصوله لبنوك دول طُبقت عليها العقوبات الأمريكية خلال السنوات الماضية، وتدخل عبر مناطق سيطرة المعارضة السورية.
الدولار المجمّد، أوراق نقدية طُبعت بشكل رسمي لكن أرقامها التسلسلية عُطّلت وجُمّدت أرصدتها في المصارف الواقعة بمناطق الحروب أو بسبب السرقات.
تُعرض هذه الأوراق بأسعار تتراوح بين نصف وثلثي قيمتها الحقيقية، إذ يُباع مبلغ عشرة آلاف دولار “مجمّد” بمبلغ خمسة آلاف دولار نظامي، على سبيل المثال. |
ولا يكترث صرافو مدينة الرقة لمثل هذا الأمر وفق ما قال بعضهم لعنب بلدي، طالما أن التعامل بالعملات التي يبيعونها ويشترونها هو تعامل محلّي بالكامل.
وفي الوقت ذاته، لا يميّز الصرافون الدولار المجمّد عن غيره، ويعود ذلك لعدم وجود مصرف مركزي في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” يستطيع تمييز الأوراق النقدية ذات الأصول المجمّدة وذلك من خلال الكشف على أرقامها التسلسلية.
ويدخل الدولار المجمّد مناطق شمالي وشرقي سوريا عبر تجار ومروّجي عملات ينشرون عبر حسابات لهم على “فيس بوك” صورًا للأموال المجمّدة ويعرضونها للبيع.
اتهامات للنظام بتصدير المزوّر
يتهم مصدر في “أسايش” بمدينة الرقة النظام السوري والميليشيات الإيرانية بأنهما المصدران الرئيسان للعملات المزوّرة والمجمّدة التي تنتشر في مدينة الرقة ومدن أخرى في المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” في شمالي وشرقي سوريا.
وأضاف المصدر (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) أن “قوى الأمن الداخلي” في شمالي وشرقي سوريا وجهاز الأمن العام ومكافحة الجريمة المنظمة تتابع عن كثب مروّجي العملات المزوّرة، واستطاعت القبض على الكثير منهم، على حد قوله.
وتتصل مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية من جهة و”الإدارة الذاتية” من جهة أخرى بأرياف محافظات الرقة ودير الزور وريف حلب الشرقي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :