يبدأ قبل الثلاثين
ماذا نعرف عن التهاب القولون التقرحي
د. أكرم خولاني
التهاب القولون التقرُّحي (Ulcerative colitis) هو داء معوي التهابي مزمن، يصيب البطانة الداخلية للأمعاء الغليظة التي تضم القولون والمستقيم، فتصبح ملتهبة ومتورمة ومتقرحة، ما يسبب حدوث هجمات من الإسهال الدموي والمغص والحمى، وهو لا يصيب كامل سماكة جدار الأمعاء الغليظة عادة، إنما تتشكل قرحات سطحية (تقرحات) في الأجزاء المتضررة من الأمعاء، وبالتالي فهو لا يتسبب في حدوث نواسير أو خراجات.
يمكن أن يبدأ التهاب القولون التقرحي في أي عمر، ولكنه يبدأ عادة قبل سن الـ30، وذلك في المرحلة العمرية ما بين 14 و24 عامًا، وتكون بداية الهجمات عند مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و70 عامًا.
ما أنواع التهاب القولون التقرحي؟
يبدأ التهاب القولون التقرحي في المستقيم عادة، وقد يبقى الالتهاب مقتصرًا على المستقيم أو قد يمتد مع مرور الوقت ليشمل كامل القولون، وقد تحدث الإصابة في معظم الأمعاء الغليظة في نفس الوقت عند بعض المرضى، ولذلك هناك عدة أنواع من التهابات القولون التقرحي:
- التهاب المستقيم القرحي: يقتصر الالتهاب على المنطقة الأقرب إلى فتحة الشرج (المستقيم)، ويصاحبه نزيف في المستقيم وهو العرض الوحيد لهذا المرض.
- التهاب السيني والمستقيم: يتضمن الالتهاب القولون السيني والمستقيم وهو يتمثل في الطرف السفلي من القولون، وتشمل أعراضه إسهالًا دمويًا، وألمًا وتشنجات في منطقة البطن، وعدم القدرة على التبرز بشكل طبيعي رغم الحاجة إلى ذلك.
- التهاب الجانب الأيسر من القولون: يمتد هذا الالتهاب من المستقيم حتى القولون السيني والقولون النازل، وتشمل أعراضه وعلاماته أيضا إسهالًا دمويًا، وألمًا وتشنجات في البطن على الجانب الأيسر، وفقدان الشهية وبالتالي فقدان وزن غير مقصود.
- الالتهاب الكلي للقولون: يؤثر الالتهاب في القولون بأكمله، وتشمل أعراضه نوبات من الإسهال الدموي المزمن الحاد، ووجود ألم وتشنجات في منطقة البطن، والشعور بالإرهاق والتعب المستمر، وفقدان ملحوظ في الوزن.
- التهاب القولون التقرحي الحاد الشديد: يعتبر هذا النوع من الالتهاب نادر الحدوث، وهو يؤثر على القولون بأكمله ويسبب ألمًا حادًا، وإسهالًا مزمنًا شديدًا، وحالات نزيف، والإصابة بالحمى، وعدم القدرة على الأكل.
ما أسباب التهاب القولون التقرحي؟
ما زال سبب حدوث التهاب القولون التقرحي غير معروف بشكل مؤكد، إلا أن هناك عوامل قد تسهم بحدوث الإصابة:
- الوراثة قد تلعب دورًا في حدوث التهاب القولون التقرحي، إذ إن المرض أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين لديهم أفراد من العائلة مصابون به.
- رد الفعل المناعي: عندما يحاول الجهاز المناعي مكافحة فيروس أو جرثوم غاز قد تحدث استجابة مناعية غير طبيعية تجعل جهاز المناعة يهاجم الخلايا في الجهاز الهضمي أيضًا.
- هناك مجموعة عوامل خطورة تزيد احتمال الإصابة:
- العمر، حيث يحدث عادة قبل عمر 30 سنة.
- الإفراط في تناول الألبان ومشتقاتها.
- الإكثار من تناول الأطعمة الحادة التي تهيّج القولون.
- تناول الأطعمة الدهنية الغنية بالدهون والزيوت المهدرجة
- تناول مضادات الحموضة.
- التدخين.
ما أعراض التهاب القولون التقرحي؟
تظهر أعراض التهاب القولون التقرحي عند حدوث الهجمات، وتبدأ الهجمة بشكل تدريجي في كثير من الأحيان، حيث يشعر الشخص بالحاجة إلى التبرز مع مغص خفيف في أسفل البطن وملاحظة وجود دم ومخاط في البراز، وقد تكون الهجمة مفاجئة وشديدة، ويمكن أن تستمر لأيام أو لأسابيع، وقد تتكرر في أي وقت.
وتشمل الأعراض التي يصاب بها المريض في أثناء الهجمة:
- إسهال شديد يحتوي على المخاط والدم.
- حمى شديدة.
- ألَم في البطن.
- وقد يحدث التهاب في البريتوان (بطانة تجويف البطن) في بعض الأحيان.
هناك العديد من الأعراض التي يمكن أن تحدث لدى المريض بهذا النوع من التهاب القولون، أشيَعها:
- ألم المفاصل.
- الشعور بالتعب والإجهاد والإعياء العام.
- الشعور بالغثيان أو فقدان الشهية.
- فقدان الوزن بشكل ملحوظ.
- أعراض فقر الدم.
ما مضاعفات التهاب القولون التقرحي؟
يعد النَّزف أكثر المضاعفات شيوعًا، ويسبب غالبًا الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد.
كما أن التهاب القولون الخاطف هو أكثر المضاعفات شدة، حيث تكون الهجمة الأولى سريعة وشديدة جدًا عند حوالي 10% من المصابين، فيكون النزف غزيرًا، ويحدث ضرر في أعصاب وعضلات جدار الأمعاء يؤدي إلى حدوث “العِلَّوص/ ileus” (وهي حالة تتوقف فيها حركات التقلص الطبيعية في جدار الأمعاء مؤقتًا) خلال أيام أو حتى ساعات، وبذلك لا يجري دفع محتويات الأمعاء، ويحدث توسع في القولون (تضخم القولون السمي)، وتمدد في البطن، قد تسبب هذه المضاعفات حدوث ارتفاع في درجة الحرارة وألم في البطن، ويمكن أن يحدث انثقاب في الأمعاء الغليظة في بعض الأحيان فتنتشر العدوى، وقد يصاب الشخص بالتهاب الصفاق.
وأما سرطان القولون فهو أكثر المضاعفات خطورة، ويزداد حدوثه مع ازدياد حجم المنطقة المصابة بالتهاب القولون التقرحي من الأمعاء الغليظة ومع طول فترة الإصابة، حيث تزداد خطورة الإصابة بسرطان القولون بعد حوالي سبع سنوات من بدء الإصابة بالتهاب القولون التقرحي عند الأشخاص المصابين بالتهاب القولون المنتشر، لكن الأشخاص المصابين بالتهاب القولون التقرحي والتهاب الأقنية الصفراوية (التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي) يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان القولون بدءًا من وقت تشخيص التهاب القولون، لذلك يُنصح بإجراء تنظير القولون كل 1- 2 سنة للأشخاص الذين مضى على إصابتهم بالتهاب القولون التقرحي أكثر من 8- 10 سنوات أو المصابين بالتهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي، مع أخذ عينات نسيجية من مناطق مختلفة من القولون وفحصها تحت المجهر والتحري عن علامات تحذيرية مبكرة للإصابة بالسرطان (خلل تنسُّج).
وقد تشمل مضاعفات التهاب القولون التقرحي أيضًا:
- التهاب المفاصل.
- هشاشة العظام.
- التهاب بياض العينين (التهاب ظاهر الصلبة).
- عقيدات جلدية ملتهبة (حمامى عَقِدَة).
- قرحات جلدية أرجوانية داكنة قد تحتوي على قيح (تقيح الجِلد الغنغريني).
وهكذا نكون قد عرّفنا بداء التهاب القولون التقرحي وأسبابه وأعراضه وأشيَع مضاعفاته، وسنتابع الحديث في عددنا المقبل إن شاء الله عن طرق تشخيص الإصابة بالتهاب القولون التقرحي وخيارات العلاج.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :