حلب.. قرار الإغلاق يفقد عمال الورشات المسائية أعمالهم
عنب بلدي – حلب
يتخوف يوسف (40 عامًا) من خسارة عمله في مطعم ليلي بمدينة حلب شمالي سوريا، بعد قرارات الإغلاق المتخبطة الصادرة في المحافظات السورية، والتي تقضي بتحديد أوقات فتح وإغلاق الأسواق التجارية والمحال والمطاعم، ومختلف الفعاليات الاقتصادية.
يعمل يوسف موظفًا حكوميًا، ويبدأ يومه بالعمل صباحًا في الوظيفة، وبعد عودته منها يرتاح في منزله حتى السابعة مساء، ليبدأ عمله في غسل الصحون بمطعم في شارع “بارون”، حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
قال يوسف لعنب بلدي، إن راتبه من الوظيفة لا يكفيه سوى عدة أيام، وبعد قرار الإغلاق يبحث الآن عن عمل جديد يبدأ من الساعة الرابعة عصرًا إلى وقت تطبيق قرار الإغلاق لتأمين مستلزمات المنزل ومصاريف أبنائه، خاصة مع اقتراب بداية العام الدراسي.
وصف يوسف قرار الإغلاق بـ”السيئ جدًا”، و”من أقره لا يهمه شيء وغير مضطر للعمل بدوام آخر لتأمين مستلزمات أسرته”.
ما القضية؟
بدأت محافظات سورية أبرزها دمشق وحلب، مطلع آب الحالي، بفرض أوقات عمل للفعاليات الاقتصادية والتجارية، ما أثار جدلًا كبيرًا بين التجار والصناعيين والعمال في هذه الفعاليات.
وفي 16 من آب الحالي، عدّلت محافظة حلب أوقات فتح وإغلاق بعض المنشآت التجارية، وقالت إن “القرار لا رجعة فيه”، وذلك ردًا على مطالبات التجار بتمديد وقت الإغلاق.
التعديلات أنصفت يوسف، الذي يعمل في مطعم بمدينة حلب، لكنها لم تلبِّ مطالب الصناعيين، فبعد تعديل القرار اعتمدت المحافظة عمل المحال التجارية من الساعة الثامنة صباحًا إلى التاسعة مساء، وهذا التعديل لن يحدث التغيير المطلوب لدى العاملين في نظام الورديات (الصباحية والمسائية).
بينما مدّد عمل المطاعم بكل تصنيفاتها (الحانات، الملاهي) في يومي الجمعة والسبت حتى الساعة الثانية ليلًا بدلًا من إغلاقها عند الواحدة، على أن يُسمح لها بالفتح عند السابعة صباحًا بدلًا من التاسعة.
وحدد القرار عدد ساعات عمل محال بيع المواد الغذائية والخضار والأكشاك بين السادسة صباحًا والواحدة ليلًا، بعد أن كان القرار القديم يسمح لها بالعمل من الساعة الثامنة صباحًا حتى الساعة 12 ليلًا.
وعدّل القرار أوقات عمل مراكز التسوق (المولات)، لتفتح أبوابها عند الساعة السادسة صباحًا وحتى الواحدة ليلًا، بعد أن كان يُسمح لها بالفتح عند التاسعة صباحًا.
وجاءت هذه التعديلات استجابة لمطالب واعتراضات تقدم بها التجار، تضمنت توضيحهم أن القرار يسبب أضرارًا كبيرة لهم في التوقيت الحالي، خاصة مع دخول الأسواق بفترة الاستعداد للعودة إلى المدارس، وارتفاع درجات الحرارة خلال ساعات النهار طوال شهر آب الحالي، ما يجعل المستهلكين يرغبون بالتسوق مساء.
وتخبط مسؤولون سوريون في تبرير هذه القرارات، فوفقًا لما قاله نائب محافظة دمشق، أحمد النابلسي، فإن القرار تنظيمي، ومعمول به سابقًا، إنما أجرى القرار الجديد تعديلًا طفيفًا على القرار القديم، نافيًا أن يكون له أي أبعاد أو أسباب وغايات أخرى، ترتبط بواقع الكهرباء أو غيره.
بينما أوضح نائب رئيس مجلس إدارة “غرفة تجارة دمشق”، عبد الله نصر، أن مبررات القرار تأتي بهدف “توفير الطاقة” و”تنظيم الدوام” وفق وجهة نظر المحافظة.
كما اعتبر عضو مجلس إدارة “غرفة تجارة دمشق” مازن حسن، أن تحديد فتح وإغلاق بعض المنشآت الاقتصادية، سيسهم بتوفير الطاقة وتوجيهها نحو المنازل.
أصحاب ورشات يعترضون
“لن أستغني عن عمالي، وإن اضطر الأمر سأتوجه إلى محافظ حلب لتقديم توضيح بخصوص إيقاف العمل ليلًا، لأنه سيسبب ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل”.
يتخذ غسان (47 عامًا)، وهو صاحب ورشة تطريز في حلب، هذا الموقف، في مواجهة قرار تحديد ساعات الإغلاق، مؤكدًا أنه سيستمر بفتح ورشته، التي تشغّل عمالًا ضمن دوامين، نهاري وليلي.
وتحدث صاحب الورشة أنه يتحرك مع أصحاب ورشات ومشاغل ليلية لتقديم شكوى بهذا الخصوص في مبنى مجلس المحافظة، على غرار ما فعله التجار، مشيرًا إلى أن أصحاب الورشات لن يقبلوا بإغلاقها حتى وإن تلقوا مخالفات بسبب الفتح.
الغرامات تنتظر المخالفين
محمد (50 عامًا)، وهو صاحب ورشة خياطة، قال لعنب بلدي، إن قرار الإغلاق خفض من إنتاج الورشة، مشيرًا إلى أن بعض العاملين فيها موظفون حكوميون.
ويعمل هؤلاء الموظفون على حسابهم الخاص (بالقطعة)، لكن بعد قرار الإغلاق، صار العاملون في الورديات المسائية، ومنهم موظفون حكوميون، لا يستطيعون العمل في وقت المساء، وهو ما كان يساعدهم في الحصول على راتب مقبول لتأمين مستلزمات أسرهم.
وأضاف محمد أنه في حال البقاء في الورشة مساء والعمل داخلها دون الالتزام بالقرار، فسيسجل موظفو الرقابة مخالفة بحق صاحب الورشة.
وتلقى بعض أصحاب الورشات مخالفات نتيجة عدم إغلاقهم والبقاء والعمل حتى ساعات الليل، علمًا أن المخالفة لم تحدَّد بدقة من المحافظة، ولكن تسجَّل حسب مكان المخالفة، فمخالفة ورشة الخياطة تبلغ حوالي 24500 ليرة سورية، وأحيانًا أكثر من ذلك.
وبحسب القرارات الصادرة عن المحافظات، يُكلَّف قسم شرطة كل محافظة بالقيام بجولات يومية وتنظيم ضبوط في حالة مخالفة التجار للقرار، تتراوح بين الإنذار والإغلاق في حال تكرار المخالفات مع فرض غرامات مالية.
شارك بإعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حلب صابر الحلبي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :