صار مشهد وقوف طوابير الأهالي أمام أبواب الأفران ومراكز توزيع مادة الخبز أمرًا مألوفًا في شمال شرقي سوريا، الذي تشرف عليه “الإدارة الذاتية”، رغم احتواء هذه المنطقة على 80% من المخزون الخاص لمادة القمح.
ففي ظل الأزمة وغلاء الطحين، صار من الصعب الحصول على ربطة الخبز، على اختلاف جودتها، الأمر الذي يتحمله الشخص طوال اليوم في طوابير الفرن ليحصل على الخبز.
ولم تفلح “الإدارة الذاتية” حتى الآن في حل مشكلة الخبز وتأمينه بشكل كافٍ للسكان في المناطق التي تديرها، وفق ما يراه عضو في “اللجنة الاقتصادية” التابعة لـ”مجلس الرقة المدني”، إذ قال إن الأشهر المقبلة ستشهد أزمة متزايدة بخصوص عجز “الإدارة” عن تأمين احتياجات السكان من الخبز.
وأضاف العضو، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحًا بالحديث للإعلام، أن “الإدارة” قد تلجأ لـ”قرارات صارمة وأكثر حزمًا تستهدف التجار المحتكرين للقمح ومنع إخراجه من شمال شرقي سوريا إلى مناطق أخرى بشكل نهائي”.
وتتحضر المناطق التي تديرها “الإدارة الذاتية” لإمكانية حدوث أزمة خبز خلال الفترة المقبلة، بسبب تدني إنتاجية القمح خلال الموسم الحالي.
وأشار عضو “اللجنة الاقتصادية” إلى إمكانية رفع سعر الخبز المدعوم، بسبب اضطرار “الإدارة الذاتية” لاستيراد كميات من القمح لسد النقص الحاصل في إنتاجية العام الحالي.
غرامة للمتاجرين بالخبز المجفف
في 8 من آب الحالي، أصدرت “اللجنة الاقتصادية” في الرقة قرارًا بمنع الاتجار بالخبز المجفف (اليابس) من قبل التجار، ووضعت “اللجنة” غرامة مالية بلغت مليون ليرة سورية (حوالي 300 دولار) لكل من يتاجر بالخبز “اليابس”.
وقال عضو في “اللجنة” لعنب بلدي، إن القرار جاء لردع بعض الأشخاص ممن يقومون بسرقة مخصصات السكان من الخبز وبيعها علفًا بعد تجفيفها.
ويباع الخبز المدعوم في المناطق التي تديرها “الإدارة الذاتية” بـ225 ليرة للكيلوغرام الواحد، بينما يصل سعر الخبز المجفف إلى حوالي الـ800 ليرة (20 سنتًا).
وتحتوي مناطق شمال شرقي سوريا على فئتين من الأفران، المدعومة والسياحية، التي تنتج خبزًا من الطحين المستورد من إقليم كردستان العراق، ويباع الكيلوغرام الواحد بـ1200 ليرة (37 سنتًا).
“المناديب” زادوا الطين بلة
يُطبق نظام “المناديب” في عملية توزيع مادة الخبز في شمال شرقي سوريا، وقد أنتج هذا النظام شبكات من الفساد يسرق أعضاؤها مخصصات السكان من مادة الخبز، ويبيعونها في الأسواق الحرة أو يجففونها ويبيعونها أعلافًا للمواشي، وفق ما رصدته عنب بلدي من آراء بعض السكان في منطقة الرقة.
وفي 2020، اعتمدت “اللجنة الاقتصادية” في الرقة نظام “المناديب” في توزيع الخبز على السكان لتتبعها مناطق أخرى في شمال شرقي سوريا.
وأرجعت اللجنة قرارها باعتماد نظام “المناديب” إلى تخفيف الازدحام أمام الأفران خلال الإجراءات الاحترازية الخاصة بمنع انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
إنتاج ثلث الاحتياج
وتبلغ احتياجات شمال شرقي سوريا من القمح بين 500 و600 ألف طن سنويًا، لكن ما تم تسليمه من المزارعين للمراكز التابعة لـ”الإدارة الذاتية” بلغ 183 ألف طن فقط.
وفي بداية تموز الماضي، قال الرئيس المشترك لـ”هيئة الاقتصاد والزراعة”، سلمان بارودو، لوكالة “نورث برس” المحلية، إن “الإدارة الذاتية” أصدرت قرارًا بتشكيل لجنة للضغط على التجار لتسليم القمح المخزن لديهم.
وعلّل بارودو القرارات المتخذة بمنع النقل والاتجار والاحتكار بأنها جاءت لأهمية مادة القمح في تحقيق الأمن الغذائي لسكان شمال شرقي سوريا، وخاصة بعد انخفاض إنتاجية موسم القمح للعام الحالي بسبب شح الأمطار وانخفاض مستوى نهر “الفرات”.
–