عروة قنواتي
تشتد حرارة المواجهة بين الأندية التي تعد الأقطاب المؤسسة لفكرة بطولة السوبرليج الأوروبي بكرة القدم وبين المؤسسات الرسمية، التي تعنى باللعبة في العالم وعلى رأسها “الاتحاد الأوروبي لكرة القدم” (يويفا)، في كل جولة قضائية أو تصريح رسمي من أي طرف داخل أفواج الصراع الذي بدأ قبل ستة أشهر تقريبًا.
وتعلو أمواج الصراع في قضية السوبرليج الأوروبي وتعود للهدوء في كل شهر، بحسب مجريات المعركة، التي لا يبدو أنها ستقف عند الطابع الرياضي لوضوح الأدوات الاقتصادية والمالية من خلالها والتدخلات السياسية التي أنهت وجود الكثير من الأندية داخل البطولة (التي لم تكتمل بعد)، بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة.
ومن بوابة الميركاتو الصيفي، وتأثيرات جائحة “كورونا” على الكثير من التعاقدات المهمة وتدهور حال الخزائن المالية في بعض الأندية الكبرى، يظهر السيد شيفرين، رئيس “يويفا”، بهيئة المنتصر أو “أبو الفقراء” بحديثه عن الدفاع المستميت بما يخص اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وتارة تأتي تصريحات السيد بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، وحليفيه، السيد أنيللي، رئيس نادي اليوفي، والسيد لابورتا، رئيس نادي برشلونة، لعكس المشهد عطفًا على قرارات قضائية بدأت تظهر، لتجميد قوة الاتحاد الأوروبي والدولي لكرة القدم في منع أو التأثير على إقامة البطولة، وتحذيرات من المحكمة الرياضية الأعلى في “فيفا” بعدم التدخل بشؤون الأندية كونها لا تخترق أي قانون وتعمل ضمن الأصول.
جولات المعركة، كما هو واضح، تحولت إلى روابط الأندية في الدوريات الكبرى، وهذا ما تجلى من خلال مواقف السيد خافيير تيباس، رئيس رابطة الليجا الإسبانية، بمحاولته المتكررة لضمان انسحاب الأندية الإسبانية من البطولة الجديدة أو التأثير عليها، وخلق الفوضى بمواجهة الناديين الأكبر في إسبانيا، برشلونة وريال مدريد.
وبصرف النظر عن الشعارات التي أطلقها بعض المسؤولين باللعبة في العالم، وعلى رأسهم شيفرين، رئيس “يويفا”، الذي على ما يبدو وكما هو واضح لا يستند إلى قوة قانونية لدعم موقفه بمواجهة البطولة وأقطابها، لتعويله المستمر على التدخلات السياسية وآراء بعض الشخصيات الكروية القديمة، واستغلال المناسبات القارية والدولية بكرة القدم لإعادة تعويم شعارات الفقراء وكرة القدم الشعبية، فإن ثقة عالية مصحوبة ببعض الإصابات في الجدار الخاص بالسوبرليج مع رحيل لاعبين مهمين في صفوف برشلونة وريال مدريد، ومنهم سيرجيو راموس وليونيل ميسي إلى باريس سان جيرمان، وصعوبة التجديد بسبب الأوضاع المالية لفرق السوبرليج مؤخرًا. هذه الثقة تنبع من خلال القرارات القضائية التي بدأت بالظهور قبل شهر تقريبًا، ومنها القرار الذي صدر بتاريخ 30 من تموز الماضي من محكمة مدريد، والذي يلزم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بإلغاء الإجراءات المتخذة ضد جميع الأندية المؤسسة لدوري السوبر الأوروبي، بما في ذلك إنهاء الإجراءات التأديبية ضد الأندية الثلاثة الموقعة على البيان، وإلغاء العقوبات والقيود التي فُرضت على الأندية التسعة الأخرى.
يومها كانت صيغة القرار: “تدعم المحكمة الطلب المقدم من مؤسسي السوبرليج، وترفض استئناف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وتؤكد تحذيرها لـ(يويفا) بأن عدم الامتثال للحكم سيؤدي إلى غرامات ومسؤولية جنائية محتملة”. ورحبت حينها أندية السوبرليج بهذا القرار، وأعلنت عن جولات قضائية جديدة تحد من حركة وتدخلات الاتحاد الأوروبي، ويبدو أنها ستستمر في هذا الموسم وستشهد مفاجآت بالجملة، بقدر تأثير ومفاجأة رحيل ليونيل ميسي عن برشلونة ورحيل كريستيانو رونالدو عن ريال مدريد قبل ثلاثة أعوام.
وكانت وزارة العدل السويسرية منعت الاتحادين الدولي والأوروبي من فرض أي عقوبات بحق أندية برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس، على خلفية تمسك هذه الأندية بمشروع دوري السوبر الأوروبي، في الوقت الذي ما زالت فيه محكمة العدل الأوروبية تنظر في الدعوى المرفوعة أمامها من القضاء الإسباني لحماية الأندية الثلاثة.
إذن، أنياب من ورق تحميها قوة سياسية وشعارات براقة من دون مستند قانوني، وأظافر تحاول تغيير مشهد كرة القدم في العالم والتحصن ماليًا لكيلا تندثر جراء موجات الوباء والجائحة وأي ضربات اقتصادية جديدة، حتى لو كان المشهد الجديد المحتمل على حساب الأندية المتوسطة والمتواضعة واختفائها مع بعض المسابقات المحلية للأبد… المعركة قائمة.