رفض مسؤولون في أحزاب سياسية تركية الاعتداءات ضد لاجئين سوريين في أنقرة، على خلفية شجار بين مجموعتي أتراك وسوريين في المدينة، تسبب بمقتل شاب تركي، بينما تختلف رؤيتهم حول مستقبل السوريين في تركيا.
ونعى المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم عمر تشيليك، اليوم الخميس 12 من آب، عبر “تويتر”، الشاب التركي أميرهان يالتشن الذي قضى في أثناء المشاجرة على يد لاجئ سوري، مشيرًا إلى أن السلطات التركية ألقت القبض على الفاعل.
وتحدث تشيليك عن محاولات تحريض يُرتب لها عبر هذه الحادثة، داعيًا المواطنين إلى توخي الحذر من الأخبار الكاذبة وحملات التحريض.
وقال إن الحادثة فردية، معتبرًا أن “المحرضين المُعادين للاجئين والمحرضين الذي يتنكرون بزي لاجئين وجهان لعملة واحدة، يريدون إيذاء الشعب التركي وتركيا”.
Sığınmacı düşmanlığı yapan provokatörler ile sığınmacı kılığındaki provokatörler aynı şeyi hedefliyorlar. Hepsi aynı madalyonun iki yüzüdür. Ülkemize ve insanımıza zarar vermek istiyorlar.
— Ömer Çelik (@omerrcelik) August 12, 2021
وكان مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ياسين أقطاي، أكد أن إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا أمر “مستحيل”، في رد على تهديدات رئيس حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كليشدار أوغلو، بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وقال في تصريحات، في 26 من تموز الماضي، إنه لا يوجد شيء يدعى طرد أو إرسال الأشخاص الذين لجؤوا إلى تركيا وحصلوا على وضع اللجوء في ظل ظروف معيّنة إلى بلادهم.
ولفت أقطاي إلى أن السوريين في تركيا أصبحوا جزءًا من المجتمع، واستفاد منهم المجتمع التركي، وأن “صنع سياسة للهجرة هو أمر شعبوي، وخطير جدًا، يوجد خطاب كراهية يوجه لمجموعة معيّنة من الناس، كما أنه خطير للغاية من وجهة نظر الإنسان”.
اقرأ أيضًا: كيف يتعامل القانون التركي مع التصريحات العنصرية تجاه السوريين
المعارضة تعد بترحيل اللاجئين
من جانبه، اعتبر رئيس حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كليشدار أوغلو، أن سلسلة الأحداث التي وقعت في الأيام الماضية من اللاجئين الأفغان والسوريين “مؤامرة مدبرة”.
وقال في تغريدة عبر “تويتر”، الأربعاء 11 من آب، إنه لن يسمح للنظام الحاكم بإشعال البلاد.
ووعد كليشدار أوغلو بحل أزمة اللاجئين بـ”عقل سليم”، وتوديعهم بالطبل والزمر، داعيًا المواطنين الأتراك إلى الهدوء والثقة بالمعارضة.
Ben bu işin nereye gidebileceğini görebiliyorum; Saray iktidarının ülkeyi yangın yerine çevirmesine izin vermeyeceğim. Biz bu sığınmacı sorununu çözeceğiz; ve tabii ki bunu aklıselim ile yapacağız. Davul zurna ile uğurlayacağız misafirlerimizi. Lütfen sakin olun ve bize güvenin.
— Kemal Kılıçdaroğlu (@kilicdarogluk) August 11, 2021
وكان زعيم المعارضة التركية هدد، في 16 من تموز الماضي، السوريين الموجودين في تركيا بأنه في حال تسلّمه الحكم ستكون خطة الحكومة ترحيلهم بعد عامين، كواحدة من أهم خمس خطط للحزب.
وقال رئيس الحزب المعارض في تسجيل مصوّر نشره عبر حسابه في “تويتر“، “بوسعنا أن نقول وداعًا لضيوفنا السوريين ونرسلهم إلى وطنهم بعد عامين، هذه واحدة من أهم خمس أولويات لحكومتنا وخططنا وبرامجنا الجاهزة. أردت أن يبقى هذا الفيديو هنا كالتزام بهذا”.
مبادرة دبلوماسية
بدوره، نعى زعيم حزب “المستقبل” المعارض، أحمد داوود أوغلو، الشاب التركي المقتول، مطالبًا بمعاقبة القتلة بشدة.
وقال في تغريدة عبر “تويتر” اليوم، إنه لا يمكن القبول بالعنف في المجتمع بناء على خلفية هوية القاتل العرقية، دون التفريق بين طفل وامرأة، داعيًا المواطنين إلى الفطرة السليمة وضبط النفس.
Ankara'da öldürülen genç kardeşimiz Emirhan Yalçın'ın acısı yüreğimizi dağladı. Katiller en ağır şekilde cezalandırılmalı.
Ancak katilin etnik kimliği üzerinden çocuk, kadın demeden toplumu hedef alan şiddet kabul edilemez.
Vatandaşlarımızı sağduyuya ve itidale davet ediyorum.
— Ahmet Davutoğlu (@Ahmet_Davutoglu) August 12, 2021
وكان داود أوغلو تحدث في الاجتماع الـ14 لرؤساء الولايات للحزب، في 29 من تموز الماضي، عن اتفاقية الهجرة الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 من آذار 2016.
وقال إن “العنصر الأكثر أهمية في تلك الاتفاقية كان إرسال مليون لاجئ سوري إلى أوروبا، ولكن بعد ترك رئاسة الوزراء، تجاهلت الحكومة اتفاقية الإعفاء من التأشيرة من أجل تدمير الهيبة السياسية التي سيجلبها لنا الإعفاء من التأشيرة، بطريقة تمنع عبور مليون لاجئ إلى أوروبا”.
ودعا داود أوغلو النظام الحاكم إلى الشروع في مبادرة دبلوماسية فعالة وشاملة مع جميع الدول الفاعلة بشكل مباشر في الأزمة السورية، وخاصة إيران والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، “بدلًا من الجلوس مكتوفي الأيدي في أنقرة ومشاهدة قضية الهجرة تتطور كجرح اجتماعي كبير في تركيا”.
كما دعا إلى إصدار ضمان أممي بعدم تعرض اللاجئين السوريين للاضطهاد عند عودتهم من تركيا إلى سوريا، فوجودهم في تركيا “ليس دائمًا”.
وعادة ما يؤدي حديث المسؤولين المعارضين عن اللاجئين السوريين في تركيا، أو ترويجهم لحملاتهم الانتخابية عن طريق وعود تتعلق بإعادتهم إلى بلادهم، إلى تعرض سوريين لمواقف عنصرية، تتطور أحيانًا إلى مشادات كلامية أو عراك أو حوادث قتل.
وشهدت منطقة ألتنداغ في أنقرة، مساء الأربعاء 11 من آب، أعمال شغب واعتداءات طالت لاجئين سوريين في المنطقة، على خلفية شجار بين مجموعتي أتراك وسوريين، أدى إلى مقتل شاب تركي وإصابة آخر.
وأعلنت الشرطة التركية إلقاء القبض على 76 شخصًا متهمًا بالضلوع في هذه الاعتداءات، منهم 38 شخصًا من أصحاب السوابق العدلية، بحسب مديرية الأمن في أنقرة، الخميس 12 من آب.
وهجمت مجموعات من الأتراك على منازل السوريين في المنطقة، واستخدم المهاجمون العصي والحجارة لتدميرها مع أماكن عملهم وسياراتهم، بحسب ما نقلته صحيفة “يني شفق” التركية اليوم.
ووثق “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” الدوافع التي أدت إلى تصاعد خطاب الكراهية من قبل الأتراك تجاه اللاجئين السوريين.
وأصدر المركز تقريرًا، في 29 من كانون الأول 2020، يتحدث فيه عن تباين المرحلة الأولى التي جاء فيها اللاجئون السوريون إلى تركيا في بداية موجات النزوح مع المرحلة التي تلتها.
وعزا التقرير عدم استمرار الترحيب الشعبي والحكومي التركي باللاجئين السوريين، كما كان في بداية موجات النزوح، إلى الوضع الاقتصادي والاختلافات الثقافية الاجتماعية والمنافسة على سوق العمل، وخصوصًا لذوي المستوى المعيشي المنخفض، وهي نتيجة طبيعية قد تحصل في أي مكان تجاه اللاجئين في العالم.
ويبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا والحاملين لبطاقة “الحماية المؤقتة” ثلاثة ملايين و690 ألفًا و896 نسمة، بحسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة لعام 2021.
اقرأ أيضًا: شجار يتحول إلى اعتداءات على سوريين في أنقرة.. الشرطة تعتقل 76 متهمًا
–