يضع أصحاب الأراضي الزراعية القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام أنفسهم تحت خطر القصف، حتى يستطيعوا جني محصولهم كل موسم، نتيجة تكرار استهدافهم من قبل قوات النظام خاصة في جبل الزاوية جنوبي إدلب.
وبدأ المزارعون في محافظة إدلب منذ أكثر من أسبوعين بقطف التين، الذي يشكّل موردًا مهمًا لأهالي جبل الزاوية، وهي منطقة تعتبر الأخطر حاليًا، بعد تصعيد النظام وروسيا من قصفهما على قراها وبلداتها خلال الشهرين الماضيين.
تشكّل المواسم الزراعية متنفسًا اقتصاديًا للأهالي في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، في ظل تراجع الوضع المعيشي وندرة فرص العمل وتدني أجور اليد العاملة، وما يصاحب ذلك من حالة نزوح لأكثر من مليون شخص داخليًا.
تفاوت في صعوبة القطف
المزارع حمود الحمود، المهجر من جبل الزوية إلى مخيمات شمالي إدلب، يعتبر نفسه ذا حظ جيد باستطاعته قطف جزء كبير من محصول التين في أرضه، على الرغم من المخاطر التي يمكن أن تواجهه، وذلك بعد التنسيق مع العسكريين في المنطقة باعتبار أرضه قريبة من خطوط التماس.
ويعاني موسم التين هذا العام من تراجع في كمية المحصول مقارنة بالسنوات الماضية بسبب ضعف العناية، من حراثة أرض ورش مبيدات حشرية وتقليم وسقاية، حسب حديث حمود لعنب بلدي، الذي نوه إلى أهمية العائدات المالية لموسم التين في تلبية حاجات العائلة.
وطلبت “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، عبر بيان، من المزارعين في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب عدم الاقتراب من الأراضي الزراعية لقطاف التين دون تنسيق مع المكلفين من قبلها، نتيجة قصف النظام للمنطقة.
وقسمت “تحرير الشام” المنطقة إداريًا إلى ثلاث مناطق، الأولى من جنوب قرية كفر عويد حتى قريتي سفوهن والفطيرة، والثانية كامل الخط المحاذي لبلدة كنصفرة، والثالثة كامل الخط المحاذي لبلدة البارة وقرية دير سنبل شرقًا.
أنس الأسود من أهالي جبل الزاوية، قال لعنب بلدي، إن الأراضي القريبة من نقاط التماس يجري التواصل مع العسكريين لقطف محاصيلها، أما الأراضي بين نقاط حراسة المعارضة والنظام فمن الصعب الوصول إليها.
وكلما كانت الأرض أبعد عن خطوط التماس كانت أقل خطرًا.
ويستخدم المزارعون في جبل الزاوية الدراجات النارية في نقل التين بعد قطفه وتعبئته في صناديق بالأراضي القريبة من خطوط التماس.
عمليات القطف في الجبل تكون غالبًا خلال غياب طيران الاستطلاع الروسي والإيراني من سماء المنطقة، لأنه يصعّب حركة المزارعين، حسب أنس.
وانتقل عدد من أهالي جبل الزاوية النازحين في المخيمات إلى القرى والبلدات القريبة من الجبل مؤقتًا لقطاف الموسم.
وتحدث حسين العلي من أبناء قرية الفطيرة على خطوط التماس، عن صعوبات تنقل الآليات في الطرقات الرئيسة، واستخدام طرقات زراعية بين الأراضي، مشيرًا إلى أن أكثر من 70% من الأراضي لا يمكن الوصول إليها.
كما أحرقت قوات النظام عددًا من الأراضي بإطلاق القذائف على العشب اليابس الكثيف، بسبب عدم فلاحة الأرض.
وتعمل المراصد المتخصصة برصد التحركات العسكرية في المنطقة على إطلاق تحذيرات في حال وجود طيران استطلاع في سماء المنطقة، حسب حسين.
تصعيد روسي وضحايا مدنيون
وكانت روسيا والنظام صعدا من قصفهما على مناطق سيطرة المعارضة منذ 5 من حزيران حتى نهاية تموز الماضيين، إذ تراجع القصف في آب الحالي حتى ارتكاب النظام مجزرة قُتل فيها أربعة أطفال وأُصيب خمسة آخرون بينهم حالات حرجة جميعهم من عائلة وحدة، في 8 من آب، حسب “الدفاع المدني السوري”.
واستجابت فرق “الدفاع المدني”، منذ بداية حزيران الماضي حتى صباح 8 من آب الحالي، لأكثر من 393 هجومًا من قبل قوات النظام وروسيا على منازل المدنيين.
وتسببت الهجمات بمقتل أكثر من 94 شخصًا، بينهم 31 طفلًا و17 امرأة، إضافة إلى متطوعين اثنين في “الدفاع المدني”، في حين أنقذت فرق “الدفاع” أكثر من 260 شخصًا أُصيبوا نتيجة القصف بينهم أكثر من 66 طفلًا.
وتركز القصف على جبل الزاوية وسهل الغاب شمال غربي حماة، وهو ما يمكن أن يشكّل خطرًا على حياة المزارعين خلال موسم قطاف التين، إذ استهدفت في وقت سابق قوات النظام المزارعين خلال موسم الزيتون والكمون.
ويعتبر قصف النظام المستمر لمناطق سيطرة المعارضة خرقًا للاتفاق الموقّع في “موسكو” حول إدلب في 5 من آذار 2020 بين روسيا وتركيا، الذي قضى بوقف إطلاق النار كأحد أبرز البنود.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد
–