خطيب بدلة
أكثر مَن أغاظني، خلال الأيام الماضية، الأشخاص الانبطاحيون، الزئبقيون، الانهزاميون، الذين تذمروا من تدخلنا، نحن السوريين، في الشأن التونسي، وراحوا يوبخوننا، ويقولون إن المفروض بنا أن نترك تونس للتوانسة، فهم أدرى بقضيتهم، وتشعباتها.
أقل ما يمكن أن يُقال في هذا الكلام إنه هراء، لا يصدر إلا عن ذات مريضة، جاهلة، فنحن، يا عين عمك، من يوم يومنا نغيث الملهوف، ونجير المستجير، وعندما تصيح امرأة حرة (ليست عبدة تُقرع بالعصا): وا أبو فلانااااه… ننتظر أن يهب أبو فلان لنجدتها، فإذا كان غائبًا، أو مشغولًا، أو متقاعسًا، نهب نحن لنجدتها، ولا يهمنا أن تكون على حق، أو على باطل، فنحن، أساسًا، لا نميز بين هذين المفهومين، وحتى لو ميزنا بينهما، بأيش يفيدنا التمييز؟
تدخلنا، سنة 1948، بقضية فلسطين، أرسلنا إلى ثراها الغالي جيوشًا ومتطوعين، وهُزمنا، حاشا السامعين، ولكن عزيمتنا لم تهن، ولم تلن، ولم نتوقف عن دعمها قط. وعندما ينقسم الفلسطينيون ننقسم معهم، ناس مع فتح أبو عمار، وناس مع الجبهة الشعبية جورج حبش، وناس مع القيادة العامة أحمد جبريل، وحواتمة… يا سيدي، وحتى أبو نضال الذي كان متخصصًا بخطف الطيارات، أيدناه، وكلما خطف طيارة نقول: أووف، والله ما قصر بهؤلاء العكاريت، خله يخطف طيارات للدول الغربية المتقاعسة عن نصرة قضايانا حتى تعرف أن الله حق.
إذا شهدت الأراضي الفلسطينية انتفاضة سلمية، نؤيدها، ونحكي ساعتين متواصلتين عن فضائل الاحتجاج السلمي، وجدواه في تحصيل الحقوق المستباحة، وإذا اتجهت جماعة فلسطينية، أو أكثر، إلى العمل المسلح، وقاموا بتفجير هنا، وقتلوا أناسًا هناك، نقول: هذا هو الحكي الذي تأتي منه أسئلة في الفحص، وبلا نضال سلمي بلا بطيح مبسمر! ونسترجع قول الزعيم الأسمر جمال عبد الناصر بأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، دون أن نسأل أنفسنا: لماذا تركهم الزعيم الأسمر يأخذون أراضيه بالقوة وقد كان يومئذ في أوج قوته وجبروته؟
ما علينا. يا سيدي الكريم، وأيدنا منظمتي حماس والجهاد الإسلامي، وقلنا لمن يمارينا: تفضل، انظر بعينك، وارحم بقلبك، وكن على يقين أن الأمور تشرّق وتغرّب، وتصعد وتهبط، وفي المحصلة لا يصح إلا الصحيح، والصحيح معلوم للقاصي والداني، وهو أن “الإسلام هو الحل”، وما عليك الآن إلا أن تنتظر اللحظة التاريخية التي ستتمكن منظمتا حماس والجهاد، بعون الله، من تحرير فلسطين، وفوقها ألف متر مربع من أراضي الجولان، على البيعة، ووالله لو لم نكتشف أن حماس متحالفة مع إيران، وإيران تقتل شعبنا في سوريا واليمن ولبنان والعراق، لبقينا مؤيدين لها مدى الدهر.
وأيدنا، يا سيدي منلا أنت، القضية المصرية، ويوم قتل ذلك الإخوانجي خالد الإسلامبولي أنور السادات، انفتحت في سوريا أبواب جهنم، لم يبق حامل رشاش أو كلاشينكوف أو مسدس ماكاروف، إلا وأطلق النار ابتهاجًا بمقتل الخائن “السادات” الذي صالح إسرائيل وصافح الصهاينة! وهلق، بدك إيانا، بقى سيدي، نشوف بعيننا، قيس سعيد، عم يعتدي على الدستور والديمقراطية، ونبقى ساكتين؟ خسئت.