درعا – حليم محمد
تنتهج قوات النظام السوري سياسة “التعفيش” (سرقة منازل المدنيين)، في كل حملة عسكرية تشنها على المناطق المعارضة لها، ولذلك يتخوف سكان درعا من “تعفيش” ممتلكاتهم في حال اقتحام قوات النظام السوري مناطق درعا البلد وريف درعا.
نديم (33 عامًا)، أحد سكان ريف درعا، قال لعنب بلدي، إنه يتخوف من ترك منزله، فإن سلم من الدمار الذي تخلفه قذائف “الهاون” والصواريخ التي تنهال على المنطقة، فهو معرض للسرقة في حال سيطرة “الجيش” على المنطقة.
وتابع نديم أنه مع أي توتر تشهده المنطقة، يخشى على ممتلكاته الخاصة، فسعر الثلاجة حاليًا 500 ألف ليرة سورية، ولا يقل سعر الغسالة عن مليون ليرة، مسترجعًا سرقة منزله عام 2018 من قبل “الجيش”، عندما اقتحم المنطقة.
وكذلك يخشى محمد الخليل على مواشيه من السرقة، لا سيما بعد أن خسر صديقه مزرعة أبقار كاملة، في أثناء اقتحام “الجيش” منطقة حوض اليرموك سابقًا، فقوات النظام “لا توفر شيئًا”، حتى أسلاك الكهرباء داخل الجدران.
كما عبرت فاطمة عبد الرحيم عن خوفها على منزلها في منطقة اليادودة بريف درعا الغربي، الذي هُجّرت منه بعد عمليات قصف مستمرة بصواريخ “الفيل”.
وقالت فاطمة، “أخشى أن يسرَق منزلي، خرجنا من بيتنا في أثناء القصف وتركنا كل شيء وراءنا، ولنا تجارب سابقة في تعفيش منازلنا”.
وكانت منازل أهالي منطقة درعا البلد أولى غنائم قوات النظام التي بدأت حملتها العسكرية في 25 من تموز الماضي، وبدأت العمليات بسرقة عدة منازل في منطقة ضاحية درعا غربي محافظة درعا، في أثناء استقرار التعزيزات فيها.
وقال قيادي سابق في فصائل المعارضة لعنب بلدي (طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، إن “الجيش” الذي انتشر خلال الأيام الماضية استولى على المنازل، واتخذ من منطقة الضاحية مركز المحافظة مقرًا لعناصره.
ولفت القيادي إلى أن عناصر “الجيش” كانوا يدخلون إلى المحال التجارية في منطقة الضاحية ومركز المدينة، ويأخذون ما يريدونه دون دفع الحساب.
كما أكد إعلامي سابق في فصائل المعارضة، لعنب بلدي، أن قوات النظام اتخذت من مسجد “الضاحية” مقرًا بعد “تعفيش” عدد من المنازل، ولم تكن تلك المرة الأولى التي يقوم فيها “الجيش” بسرقة منازل المدنيين في الضاحية، إذ تعرضت للسرقة في أثناء تحشد قوات النظام لاقتحام مدينة طفس في كانون الثاني الماضي.
وأصبحت المنطقة غير مرغوبة للسكن، كونها صارت منطقة عسكرية يقصدها النظام في كل اقتحام على المنطقة.
مهمة الجيش “تعزيز الأمان”
كان قائد الشرطة في محافظة درعا، العميد ضرار دندل، صرح، في 25 من تموز الماضي، بوصول نحو ألف جندي من قوات النظام إلى محافظة درعا، للبدء بتنفيذ الاتفاق، الذي توصلت إليه الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري مع “اللجنة المركزية”، واقتصار مهمتها على تعزيز الأمان في كامل المحافظة وليس فقط في درعا البلد، مع إفساح المجال لحلول المصالحات العادلة وتسليم السلاح و”تسوية” أوضاع المطلوبين، بحسب تعبيره.
من جهته، وثق “تجمع أحرار حوران”، المختص بنقل أخبار محافظة درعا عبر “فيس بوك”، دخول ميليشيات تابعة لـ”الفرقة الرابعة” إلى منطقة درعا البلد، وسرقة “الجيش” العديد من المنازل على أطراف حي طريق السد ودرعا البلد بعد مداهمتها، وإنشاء حاجز عند بئر “الشياح”، وإطلاق النار بمضادات أرضية باتجاه السهول والمزارع المحيطة بمنطقة درعا البلد.
وخرقت قوات النظام الاتفاق الذي جرى مع لجنة درعا المركزية، بدخولها إلى درعا البلد لإنشاء النقاط العسكرية المتفق عليها خلال المفاوضات مع “اللجنة المركزية”، ولكن دون تنسيق مع أعضائها أو مرافقتهم.
وأسفرت الضربات العسكرية التي شنتها قوات النظام خلال الأيام الماضية عن مقتل 12 مدنيًا في درعا، إثر قصف للنظام السوري على مناطق متفرقة في المدينة.
وكانت مدن وقرى مدينة درعا في ريفي المدينة الشرقي والغربي، شهدت هجمات من قبل سكان المنطقة على الحواجز الأمنية التابعة لقوات النظام، وسقطت الحواجز بأيدي مقاتلي المدينة المحليين بشكل سريع، كون أغلبية هذه الحواجز تُشغَّل عبر المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة والمشمولين باتفاق “التسوية” المعقود بين روسيا ووجهاء المنطقة عام 2018.
ظاهرة “التعفيش”
انتشرت ظاهرة “التعفيش” منذ العام الأول للثورة ضد النظام السوري، وفي مقابلة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، أواخر 2016، قال إن “الجيش السوري” مارس انتهاكات عديدة في هذا المجال، لا سيما في حمص وريفها، وريف دمشق وحوران، وأخيرًا حلب.
واعتبر رئيس النظام أن ظاهرة “التعفيش” تعتمد “على ضمير الأشخاص الموجودين في النسق الأول للمعارك”، حيث “لا يوجد رقيب، لا توجد شرطة، لا توجد مؤسسات رقابية، فإذا كان هذا الشخص فاسدًا فهو يسيء للمواطن، وإذا كان شخصًا ذا ضمير فهو يقوم بالعكس”.