عنب بلدي – معضمية الشام
مع شروق الشمس توقظ الحاجة أم أحمد أولادها الثلاثة وترسلهم إلى مزارع معضمية الشام لجمع الحطب تحضيرًا لفصل الشتاء، الأمر الذي يكرره أغلب أهالي المدينة وسط غياب المحروقات والكهرباء بسبب إغلاق معبر المدينة الوحيد.
وتقول أم أحمد إن «الحطب أصبح من المستلزمات الأساسية التي لا يمكننا الاستغناء عنها، لكننا لا نستطيع شراءه بسبب غلاء سعره»، مبديةً أسفها على تناقص أشجار الزيتون في مزارع المدينة والتي عايشتها طيلة حياتها.
ويوضح العقيد أبو الخير العطار، الذي ترك العمل العسكري، أن «قوات النظام تتبع سياسة التجويع والحصار سبيلًا لإخضاع أهالي المدينة الذين أصبح همهم الوحيد تأمين قوتهم، وسط أوضاع معيشية مأساوية بسبب عم توفر الكهرباء والمحروقات والسماح بإدخال القليل من المواد الغذائية غير القابلة للتخزين».
وكانت قوات الأسد وقعت على هدنة مع مقاتلي الجيش الحر في المدينة أواخر عام 2013، لكن الهدنة توصف بـ «الهشة»، خصوصًا مع إغلاق قوات الأسد المعبر الوحيد ورئة المدينة نحو دمشق، وتكرار قصف المدينة.
ويضيف أبو الخير إن «فصل الشتاء سيكون قاسيًا جدًا هذا العام على أهالي المدينة وحالهم يرثى لها بسبب غلاء سعر الحطب، والذي تجاوز 40 ألف ليرة سورية للطن الواحد»، ما يعني أكثر من راتب أكبر موظفي الحكومة التابعة لنظام الأسد.
ويعتبر العطار أن قطع أهالي المدينة لأشجار الزيتون المستمر بوتيرة حادة سيؤدي إلى تدمير تاريخ المدينة المشهورة بأشجارها المعمرة لمئات السنين.
يقول محمود، وهو شاب عشريني محاصر في المدينة منذ ثلاث سنوات، إنه تربى وعاش طفولته وسنوات شبابه بين أشجار الزيتون، لكنه حين يمرّ اليوم ويرى أنها متجهة إلى زوال يشعر بـ «غصة» كما لو فقد أحد أقربائه.
«لا يستطيع من لم يعش في المدينة تقدير الخسارة»، بحسب محمود، الذي يردف «كل شيء يموت هنا، فقدنا أهلنا وأصدقاءنا واليوم نخسر ذكرياتنا».
أبو قيس، إعلامي في لواء الفتح المبين العامل في معضمية الشام، ينقل لعنب بلدي أن الأهالي تخلوا عن استخدام الغاز في الطهي وتحولوا إلى الحطب والنار، ويوضح «أسعار المحروقات تقدر بـ 2500 ليرة لليتر الواحد من المازوت، و3500 ليرة لليتر البنزين»، بينما لا يزيد سعر الليتر في الحي الشرقي للمدينة، الواقع تحت سيطرة النظام ويقطنه فيه مؤيدوه وعوائل «الشبيحة»، عن 150 ليرة لكليهما.
ويضاف إلى معاناة الأهالي استهداف المزارع في المنطقة الجنوبية والغربية بقصف متكرر من البراميل المتفجرة أسفر عن عددٍ من الضحايا خلال الأسابيع القليلة الماضية، وفق أبي قيس.
وتنص الهدنة الموقعة في كانون الأول 2013 على وقف القتال في المدينة مقابل إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار وإدخال مستلزمات الحياة والمواد الغذائية والطبية، لكنها لم تنفذ وبقيت البنود حبرًا على ورق.