جريدة عنب بلدي – العدد 43 – الأحد – 16-12-2012
حسين الرجب
اعترف مؤتمر أصدقاء الشعب السوري (الاجتماع الوزاري الرابع)المنعقد في مدينة مراكش المغربية بالإئتلاف الوطني السوري المعارض كـ «ممثل وحيد للشعب السوري» في خطوة يمكن النظر إليها كانتصار ديبلوماسي للإئتلاف الناشئ. وقد ترافق هذا الاعتراف بحزمة من المساعدات الإنسانية تعهدت بتقديمها المملكة العربية السعودية بقيمة 100 مليون دولار. ويأتي ذلك بعد اعتراف الإدارة الأمريكية على لسان الرئيس باراك أوباما بالإئتلاف ممثلًا شرعيًا للشعب السوري، وتوجيه الدعوة لرئيس الإئتلاف أحمد معاذ الخطيب لزيارة واشنطن. وقد أثار اعتراف الولايات المتحدة بالإئتلاف استياء روسيا واستغرابها متهمة واشنطن بالمراهنة على الانتصار بوسطة السلاح لصالح الإئتلاف.
الإئتلاف الوطني… اعترافات بالجملة
خلال مؤتمره الصحفي في ختام أعمال اجتماع مراكش لأصدقاء الشعب السوري قال سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي: «اليوم، تم الاعتراف الكامل بالائتلاف الوطني كممثل وحيد» للشعب السوري. وبذلك تكون حوالي 130 دولة مشاركة في الاجتماع الذي انعقد يوم الأربعاء 12 كانون الأول 2012 قد اعترفت بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري كممثل وحيد للشعب السوري، وهو مايمثل قرابة ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ويمثل هذا الاعتراف انتصارًا ديبلوماسيًا مهمًا للإئتلاف الذي تشكل مؤخرًا ويضم في صفوفه طيفًا واسعًا من أطياف الممعارضة السورية، كما أنه خطوة إضافية في نزع الشرعية الدولية عن نظام بشار الأسد. كما أعلن الوزير المغربي أن الاجتماع القادم لأصدقاء الشعب السوري سيُعقد في إيطاليا دون تحديد موعد له.
من جهته، قال وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني من مراكش حيث حضر الاجتماع، أن الاعتراف الجماعي الذي حصل عليه ائتلاف معارضي النظام في دمشق يشكل «تقدمًا حقيقيًا». وأضاف أن «النقطة الأساسية الآن هي الحصول على مزيد من المساعدة». وتابع هيغ قوله: «في حالتنا، سيكون دعمنا غير مسلح، بل سيركز على المساعدات الإنسانية». وقال: «حان لأولئك الذين في النظام وضع حدٍ لما يجري، أقول لهم تعرفون أنكم لن تنجحوا»، داعيًا الأسد للتنحي.
ومن مراكش أيضًا، أعلن وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رينديرز أن بلجيكا اقترحت على الائتلاف الوطني فتح ممثلية له في بروكسل مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وأوضح رينديرز أان بلجيكا مستعدة أيضًا «إما لاستضافة مؤتمر لأصدقاء سورية، أو اجتماع لحكومة انتقالية إذا شُكلت بسرعة».
وفي سياق متصل، كانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت يوم الثلاثاء 11 كانون الأول 2012، وعلى لسان الرئيس باراك أوباما اعتراف بلاده بالائتلاف الوطني السوري المعارض ممثلًا شرعيًا للشعب السوري. وقد جاء هذا الموقف من الرئيس الأمريكي بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزيرة كلنتون لن تحضر اجتماع مراكش بسبب عارض صحي، وهو الإعلان الذي طرح الكثير من التساؤلات حول الموقف الأمريكي. إلا أن الاعتراف الأمريكي جاء من قبل الرئيس أوباما بالذات ليبدد تلك التساؤلات.
وفي ترجمة أخرى لدعم واشنطن للائتلاف، أعلن وليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركية الذي مثّل بلاده في الاجتماع، أن رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب مدعو لزيارة واشنطن. وصرح بيرنز خلال الاجتماع في مدينة مراكش المغربية «لقد وجهنا الدعوة لمعاذ الخطيب ولقيادة الائتلاف الوطني من أجل القيام بزيارة إلى واشنطن في أقرب فرصة».
الخطيب يدعو العلويين لعصيان مدني ويحذر من استخدام النظام للسلاح الكيماوي
وكان رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب دعا الطائفة العلوية في بلاده إلى القيام بعصيان مدني ضد الرئيس بشار الأسد الذي ينتمي لهذه الطائفة. وقال الخطيب في كلمته أمام اجتماع مراكش لأصدقاء الشعب السوري «أوجه رسالة مباشرة إلى الإخوة العلويين ونقول بكل صراحة إن الثورة السورية تمد يديها لكم فمدوا أيديكم لها، وابدأوا العصيان المدني ضد النظام فقد ظلمكم كما ظلمنا».
وفي كلمته أمام الاجتماع حمّل الخطيب القوى العالمية لاسيما روسيا مسؤولية استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية في حال حدث ذلك. وقال الخطيب في كلمته «إننا نحمّل المجتمع الدولي وخاصة روسيا كامل المسؤولية في حال استخدم النظام الأسلحة الكيميائية ضد شعبنا». وحث الخطيب إيران على سحب قواتها التي تقدم الدعم للأسد في حربه ضد معارضيه، كما دعا حزب الله اللبناني لسحب عناصره من سوريا في حال وجودهم هناك، حيث قال «نطالب النظام الإيراني بسحب جميع خبرائه من سوريا، كما نطالب قيادة حزب الله بسحب أي مقاتلين لها إن وجدوا في سوريا».
الخطيب: جبهة النصرة توجه سلاحها للإطاحة بالنظام
وخلال كلمته امام المؤتمر دعا زعيم الائتلاف الأكبر لقوى المعارضة، الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرارها إدراج جبهة النصرة على لائحة المنظمات الإرهابية. وقال الخطيب أن «القرار باعتبار إحدى الجهات التي تقاتل النظام جهة إرهابية تلزم إعادة النظر فيه»، مؤكدًا أن «كل بنادق الثوار هدفها إسقاط النظام المجرم» في سورية. وتابع: «إنه قد يكون هناك اختلاف مع بعض الأحزاب وأفكارها ورؤيتها السياسية والأيديولوجية، لكن ما من شك في أن كل أسلحة المعارضة تهدف إلى الإطاحة بالنظام السوري الإجرامي».
وكانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت الثلاثاء (11 كانون الأول) أنها وضعت جبهة النصرة، على لائحتها السوداء متهمة إياها بالعمل على «مصادرة» النضال المشروع للمعارضين السوريين. وأكدت وزارة الخارجية بعد إدراج الجبهة على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية أن المجموعة تصور نفسها كجزء من المعارضة السورية المشروعة لكنها «في الواقع محاولة من القاعدة في العراق لمصادرة نضالات الشعب السوري لأغراضها الخبيثة». وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في السياق نفسه أنها أضافت أسماء قادة في جبهة النصرة وجماعات مسلحة مؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد على لائحتها. وأعلن مساعد وزير الخزانة لشوؤن الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين أن بلاده «ستستهدف الميليشيات المؤيدة للأسد وكذلك الإرهابيين الذين يتسترون خلف راية المعارضة المشروعة».
الدعم المالي بين المساعدات الإنسانية وتسليح المعارضة
إضافة إلى الدعم السياسي والديبلوماسي الذي حصل عليه، تلقى الائتلاف دعمًا ماديًا كبيرًا، إذ أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن المملكة العربية السعودية ستتبرع بمبلغ مائة مليون دولار أمريكي كمساعدة إنسانية للشعب السوري. وشدد الأمير الفيصل على أن الوضع الإنساني في سورية محور اهتمام المملكة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية وترديها. كما أكد وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ أن التركيز في المرحلة المقبلة سيكون على المساعدات الإنسانية.
فيما أكد رئيس الوزراء – وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم أن المجتمع الدولي اليوم أكثر استعدادًا لدعم الشعب السوري من أي وقت مضى. داعيًا إلى مساعدة السوريين بمن فيهم اللاجئون «الذين يعيشون في ظروف مأساوية مع حلول الشتاء». كما دعا إلى دعم مقاتلي المعارضة قائلًا «واجبنا الإنساني والأخلاقي يدعونا كذلك لأن نقدم الدعم والمساندة وبكل الوسائل المشروعة لمن يقاتلون ضد الظلم والقهر، ومن أجل الحرية والكرامة الإنسانية»، مقترحًا عقد مؤتمر دولي للمانحين لإعادة إعمار سوريا ودعم اللاجئين السوريين.
وكانت روسيا قد خرجت عن الإجماع الدولي قبل انعقاد اجتماع مراكش، واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة بأنها «تعول على انتصار بواسطة السلاح» للائتلاف الوطني السوري المعارض بعد أن اعترفت به ممثلًا شرعيًا للمعارضة السورية. وقال لافروف «استغربت إلى حدٍ ما» إعلان الولايات المتحدة، مضيفًا أن يمكن بالتالي الاستنتاج «أن الولايات المتحدة قررت أن تراهن على انتصار بواسطة السلاح لهذا الائتلاف».