منصور العمري
نيابة عن 13 ضحية، تقدم محامون شركاء لـ”المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان”، في 22 من تموز الحالي، بطلب إلى محكمة “كوبلنز” الألمانية بتعديل التهم ضد العميد السابق في مخابرات الأسد أنور رسلان، وإدراج الإخفاء القسري للمدنيين كجريمة بموجب القانون الدولي في لائحة التهم الموجهة إليه.
كما قدم “المركز الأوروبي” قبل أيام تقريرًا إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالإخفاء القسري لتسليط الضوء على فجوة المساءلة الحالية عن جريمة الإخفاء القسري في الإجراءات الجنائية الألمانية ضد مسؤولي النظام السوري. يطالب التقرير أيضًا بتعديل تعريف الإخفاء القسري كجريمة ضد الإنسانية في قانون الجرائم ضد الإنسانية ليتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري.
رغم أن قانون الجرائم الدولية الألمانية يجرّم الإخفاء القسري باعتباره جريمة ضد الإنسانية، فإن لائحة الاتهام التي أعدها المدعي العام الألماني ضمّت تهمة “حرمان شديد من الحرية”، التي لا تنطبق بشكل كافٍ على الجريمة التي يمارسها النظام السوري بشكل منهجي لاستهداف المتظاهرين السلميين والمعارضين، لقمع ومعاقبة المجتمع المدني. أخفى النظام حوالي 150 ألف شخص في سوريا منذ عام 2011، حسبما استطاعت المنظمات الحقوقية توثيقه، لكن الرقم الحقيقي أكبر بكثير.
أتت هذه الخطوة بعد انتهاء محاكمة المُدان إياد الغريب عنصر المخابرات السابق، الذي انشق عن النظام السوري بداية عام 2012. أدانت المحكمة إياد بجريمة المساعدة في جريمة ضد الإنسانية. في تفاصيل جريمة إياد، صرحت المحكمة بأنه شارك في “هجوم واسع ومنهجي على السكان المدنيين، وساعد آخرين على حرمان 30 شخصًا بشكل خطير من الحرية الجسدية وتعذيبهم في أثناء احتجازهم”.
كما أوضحت المحكمة في بيان حكمها استنتاجها “أن الحكومة السورية كانت تنفذ هجومًا واسعًا ومنهجيًا ضد السكان المدنيين منذ نهاية نيسان 2011، من أجل القضاء على الحركات الاحتجاجية التي نشأت في سياق ما يسمى بالربيع”، إذ اعتقلت الحكومة أعضاء المعارضة الفعليين أو المزعومين والمتظاهرين ومنتقدي النظام، وأساءت معاملتهم وعذّبتهم وقتلتهم في جميع أنحاء البلاد.
عاقبت المحكمة المُدان إياد، بموجب عدة مواد من قانون العقوبات وقانون الجرائم الدولية الألمانيين. لكن لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام الألماني ضمّت “الحرمان الشديد من الحرية” لا جريمة الإخفاء القسري، الذي شارك فيها إياد أيضًا بوصفه عنصرًا في مخابرات الأسد، ومارس الاعتقال ضد المتظاهرين لإيصالهم إلى أقبية النظام السوري.
إن قبلت المحكمة بإضافة هذه التهمة، لا يبدو أنها ستؤثر في حكم المحكمة الذي سبق أن صدر ضد إياد، لكنها ستؤكد على الإدانة الأخلاقية له بهذه الجريمة أيضًا. بالمقابل، ربما تؤدي القاعدة التي استند إليها الدفاع لتعديل جريمة الحرمان الشديد من الحرية إلى جريمة الإخفاء القسري، إلى منطقية تعديل الاتهام الموجه إلى الغريب إن تقدم بطلب استئناف. ينص قانون الجرائم الدولية الألماني على عقوبة تصل إلى خمس سنوات على جريمة الإخفاء القسري، بينما تصل عقوبة الحرمان الشديد من الحرية إلى ثلاث سنوات.