لم تتوقع “أم حسين” أن يأتي عيد من دون أن تصنع “خبز القالب”، ولكن حرصها على المحافظة على أسطوانة الغاز، حرم عائلتها من الخبز لأول مرة منذ سنوات.
يمنع توفير استهلاك الغاز المنزلي أهالي درعا من ممارسة طقوس العيد التي توارثوها عن أجدادهم منذ عقود، ومنها صنع “خبز القالب”، إذ لم تتمكن “أم حسين” من صنعه خوفًا من نفاذ أسطوانة الغاز، مع عدم توفر الغاز وصعوبة الحصول عليه.
تعيل “أم حسين” (40 عامًا)، وهي من سكان مدينة طفس بريف درعا، عائلة من خمس أفراد تأثروا لعدم صنع أمهم “خبز القالب” لعيد الأضحى الحالي، إذ اعتادوا، ومنهم الابن حسين (20 عامًا)، تناول الخبز صباح العيد.
“توجد فيه نكهة تجعلني أقدس العيد، وخسارة تفصيل صغير هو خسارة لما ألفناه منذ طفولتنا”، قال حسين لعنب بلدي.
قررت “أم حسين” شراء أسطوانة غاز من “البسطة” لصنع الخبز، ولكنها ألغت الفكرة بشكل كامل بعد طلب البائع 80 ألف ليرة سورية ثمنًا لها، بحسب ما ذكرته لعنب بلدي.
“خبز القالب” عادة متوارثة
تعودت نساء درعا صنع خبز القالب، في عيدي الفطر والأضحى، وتحول لأحد أهم الطقوس الذي يبدأ قبل فجر العيد، إذ تجتمع النساء ويتساعدن في صنعه، ويقدم الخبز للمعايدة، ويوزع على الفقراء عن أرواح الموتى.
ويحتاج خبز القالب في شيه للفرن المنزلي، الذي يعمل على الغاز، وهو ما منع أهالٍ في درعا من صنعه هذا العام.
وكانت “مديرية المحروقات” في درعا، حصرت تسليم الغاز عبر “البطاقة الذكية”، في حزيران عام 2019، إذ كان من المفترض تسليم حامل البطاقة أسطوانة كل 23 يومًا بسعرها المدعوم.
ولكن التسليم أصبح يمتد لثلاث شهور في الفترات بين توزيع الغاز المدعوم، ما أجبر سكان درعا لتوفير الاستهلاك.
اقرأ أيضًا: “خبز القالب”.. نكهة متوارثة للعيد في درعا
لا معمول منزلي أيضًا
فريال (35 عامًا)، من بلدة المزيريب بريف درعا، اعتادت صناعة المعمول بالعجوة كل عيد كنوع من الحلويات تقدمه للزوار، لكنها لم تستطع صنعه في العيد الحالي.
“رائحة المعمول تعطي انطباعًا لذيذًا، يعلن قدوم العيد”، وتتفاخر نساء درعا بمن تسطيع تقديم معمول طيب المذاق، والخبرة المتوارثة لها دور في تقديم الأشهى، بحسب وصف فريال في حديثها إلى عنب بلدي.
لكن فريال فضّلت التخلي عن هذا الطقس لتوفر من استهلاك الغاز، إذ يحتاج المعمول لشي بالفرن الذي يعمل على الغاز.
وأوضحت أن المشكلة في تأمين الغاز لا تقتصر على تباعد فترات الاستلام، وتشمل فقدانه من السوق المحلية، وتوفره بشكل قليل على “البسطات” بسعر يتجاوز 80 ألف ليرة سورية (25 دولارًا).
ويتوفر المعمول بمحلات الحلويات في الأسواق المحلية، لكن سعر الكيلو الواحد يبلغ 8000 ليرة سورية، ما يعادل تقريبًا دولارين ونصف.
ومن الحلويات المتوارث صنعها كعك العيد، المحشي بالعجوة أو الراحة الحورانية، لكن الأهالي في درعا تحجم عن صناعتها بسبب ارتفاع التكاليف وفقدان الغاز المنزلي.