الأمم المتحدة تستفز طلاب سوريا بدعم أكبر معاقل اعتقالهم

  • 2021/07/18
  • 10:20 ص

جامعة دمشق، جائزة "هالت" مكتب الأمم المتحدة الإنمائي UNDP تموز 2021 (تعديل عنب بلدي)

عنب بلدي – ديانا رحيمة

اعتُقل طبيب الأسنان وطالب الماجستير في جامعة “دمشق” أيهم غزول، من قبل “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا” عام 2012، وضُرب ضربًا مبرحًا حتى خرج الدم من أذنيه، ما يرجح حدوث نزيف داخلي في الدماغ، ضمن غرفة داخل كلية الطب البشري، خصصها النظام السوري لذلك.

توفي أيهم بعد أربعة أيام من اعتقاله، متأثرًا بإصابته التي نتجت عن ضربه المبرح على الرأس من أعضاء “الاتحاد”، بحسب ما قاله أحد الشهود على قتله لعنب بلدي.

استخدم النظام السوري “اتحاد الطلبة” لتربية الطلاب في سوريا على القيم الفكرية الحزبية الخاصة بـ”البعث”، وجعل منه أحد مراكزه المعتمدة في اعتقال من يخالف قوانينه أو يتجرأ على الانخراط في الحراك الشعبي ضده.

اليوم، أعادت رعاية مكتب الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع “اتحاد الطلبة” في سوريا، لمسابقة جائزة “هالت” الدولية، والمعروفة باسم “نوبل الطلابية”، الذكريات المؤلمة للعديد من الطلاب وأهالي المفقودين الذين لاقوا العذاب من هذا المكان، الذي يُفترض أن يكون مساحة تعليمية لا تمتّ للسياسة أو لفروع المخابرات بصلة.

وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا (UNDP Syria) أعلن في بيان له، في 12 من تموز الحالي، عن بدء تنظيم مسابقة في جميع الجامعات السورية، كخطوة أولى للإعلان عن ممثل للجامعات كمدير للحرم الجامعي، عبر حسابه في “فيس بوك“.

شركاء في الجريمة

مريم حلاق، والدة الطالب أيهم غزول، قالت لعنب بلدي، إنها تعتبر مكتب الأمم المتحدة “شريكًا في الجريمة مع الاتحاد بسبب تعاونه الحالي معه، على الرغم من معرفته بكل الجرائم والانتهاكات المرتكبة من قبل الاتحاد”.

وأضافت أن “الاتحاد” هو المسؤول عن اعتقال وقتل عدد كبير من طلاب جامعة “دمشق”، ووصفت رئيس فرع دمشق في “اتحاد الطلبة”، إياد طلب، بـ”المجرم” المسؤول عن قتل ابنها أيهم بضربه بعصا على رأسه، ما تسبب في فقدانه لوعيه وإحداث نزيف داخلي في رأسه، ما أودى بحياته، ثم تأتي الأمم المتحدة لتكرمه وفريقه على أفعالهم.

وأدان الناشط والمحامي ماجد البني، عبر حسابه قي “تويتر”، تعاون الأمم المتحدة مع “الاتحاد” قائلًا، “كم هو مقرف أن نرى ذلك! أعضاء هذا الاتحاد الطلابي المذكورون هنا، هم الذين عذبوني. ستة من المخبرين كانوا يضربونني بشكل هستيري بالعصي وهم يهتفون: حافظ إلهك! في ذلك اليوم كنت هناك فقط لشراء مواد محاضرتي”.

وكان بيان الأمم المتحدة موجهًا إلى طلاب الجامعات السورية في حال اهتمامهم بالعمل التطوعي ليحصل الفائز على الجائزة، ويكون ممثلًا لبرنامج “هالت”، مرفقة رابط التسجيل للطلاب الراغبين في الانضمام، حتى تاريخ 15 من تموز الحالي.

ويعتبر “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا”، بحسب وصف “الاتحاد” عبر موقعه الرسمي، منظمة شعبية أُسست في نيسان 1963، وتضم طلبة الجامعات السورية الحكومية والخاصة والمعاهد العليا، ولها فروع داخل سوريا وخارجها.

جائزة “هالت”

هي مسابقة سنوية، تُحشد فيها أفكار على مدار السنة من طلاب الجامعات بعد تحديهم لحل قضية مُلحة تواجه العالم، مثل الأمن الغذائي، والوصول إلى المياه، والطاقة، والتعليم.

والجائزة هي شراكة بين كلية التجارة الدولية (هالت) ومكتب الأمم المتحدة.

ويختار الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، موضوع التحدي، ويعلن عن الفائز في شهر أيلول من كل عام، وذُكرت الجائزة في عام 2012 بمجلة “تايم” كـ”أفضل خمس أفكار غيّرت العالم إلى الأفضل”.

شرعية التعامل مع إحدى أدوات النظام.. قانونيًا

الصحفي السوري والمدافع عن حقوق الإنسان منصور العمري قال، في حديث إلى عنب بلدي، إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، مثله مثل أي مكتب يتبع للأمم المتحدة، يستطيع التعامل مع النظام السوري ومؤسساته الحكومية بشكل قانوني.

لكن هناك ضوابط ومواثيق عمل تلتزم بها الأمم المتحدة، من بينها عدم تمكين المجرمين أو التعامل معهم، وفي حالة “اتحاد الطلبة”، الذي وُثق سابقًا استخدامه للتعذيب والقتل والاعتداء على الطلاب، ومن بين أعضائه الحاليين إياد طلب، المسؤول المباشر عن قتل الطالب السوري أيهم غزول، فإن ذلك يعتبر فضيحة أخلاقية وقانونية.

وبحسب العمري، يتعارض هذا التعاون مع ضوابط عمل الأمم المتحدة، ويمكن العمل على منعه من خلال مستويين، الأول أن يتم إعداد ملفات توثيقية لجرائم “الاتحاد”، والمسؤول إياد طلب، وإرسالها إلى الأمم المتحدة، وفضح هذا التعاون إعلاميًا.

كما يمكن التواصل مع الجهة المانحة للجائزة، وإبلاغها بهذه الجرائم وتحميلها مسؤولية تعاونها مع مرتكبي جرائم ضد الإنسانية ضد الطلاب، وهي المؤسسة المتخصصة في تمكين طلاب الجامعات.

إدانات حقوقية

أدانت منظمة “اليوم التالي” قرار المكتب الإنمائي للأمم المتحدة، لأن “الاتحاد” متهم بتسهيل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد الطلاب السوريين، ودعت الأمم المتحدة إلى وقف جميع أشكال التعاون والتنسيق مع “الاتحاد”.

كما أدانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” التعاون، لارتباط “الاتحاد” بـ”ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الآلاف من الطلاب السوريين بين تعذيب واعتقال وإخفاء قسري، ومساهمة الاتحاد بتجنيد الطلاب لمصلحة الأجهزة الأمنية، وجمع بيانات زملائهم الناشطين والمشاركين في الحراك الشعبي”.

وقال مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، في حديث إلى عنب بلدي، إن البرنامج الإنمائي (UNDP) هو أحد برامج الأمم المتحدة الإنمائية في سوريا، وهو مجبر على التعامل مع النظام كمنظمة الشؤون الإنسانية التي يفرض النظام عليها التعامل مع مؤسسات غذائية تتبع له، كـ”

“، و”الأمانة السورية للتنمية”، وغيرها من المنظمات التي ألزم النظام الجهات الأممية التي تقدم المساعدات بالتعامل معها أو عدم السماح لها بالعمل ضمن مناطق سيطرته أبدًا.

وبحسب عبد الغني، يجب أن تكون لدى الأمم المتحدة بدائل عن التعامل مع الأنظمة الديكتاتورية كالنظام السوري، لأن القسم الأكبر من المساعدات المقدمة تذهب عوائدها لمصلحة النظام ومواليه، وليس للفئات الأكثر تضررًا، والوضع ما زال مستمرًا منذ عام 2011.

بينما قال مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، في حديث إلى عنب بلدي، إنه لا يجب معارضة توزيع المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة النظام، ولا سيما المتعلقة بالطلبة السوريين، فهي مناطق سورية والطلاب المشاركون في المسابقة هم طلبة سوريون، ولكن يجب أن يتوفر فيها تكافؤ الفرص، وألا يستغلها أشخاص على حساب أشخاص آخرين.

هل شمل التعاون كل الجغرافيا السورية؟

رئيس جامعة “حلب”، الدكتور عبد العزيز دغيم، قال لعنب بلدي، إن 23 فريقًا قدموا مشاريعهم المختلفة إلى لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء في الهيئة التدريسية بجامعة “حلب” وعضوين من منظمة فريق “ملهم التطوعي”.

وقُدمت المشاريع وعُرضت على اللجنة في المدرج الكبير بجامعة “حلب”، وضم كل فريق من شخصين إلى أربعة، ورُشحت الفرق الثلاثة الأولى للمشاركة في فعاليات المنافسة الإقليمية في أنقرة، لكنهم لم يتمكنوا من السفر بسبب الإجراءات المفروضة للوقاية من جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) في تركيا.

وجاء التنسيق بين الجامعة والمنظمة عن طريق تواصل الفريق التنظيمي في جامعة “حلب” مع مؤسسة “هالت”، التي وافقت على المشاركة في أنقرة، باعتبارها مقرًا إقليميًا تنضم إليه وفود من عدد من دول أخرى.

بينما قال رئيس جامعة “روج آفا” في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، لعنب بلدي، إنه لم يتم أي تنسيق بين مكتب الأمم المتحدة وبين الجامعة بخصوص المشاركة في المسابقة.

كما أكد وزير التعليم العالي في حكومة “الإنقاذ”، بسام صهيوني، أن المسابقة لم تشملهم ولم يجرِ التنسيق معهم بخصوصها.

التعاون بين منظمة أممية ليس الأول من نوعه، إذ تواجه وكالات الأمم المتحدة انتقادات بعد زيادة وتيرة تعاملها مع النظام السوري ومسؤوليه خلال الأشهر القليلة الماضية، خارج إطار المساعدات الإنسانية والعمل الإغاثي، في حين توثق هذه الوكالات انتهاكات وجرائم ارتكبها النظام بحق المدنيين في سوريا.

وسبق أن وثقت عنب بلدي مجموعة من النشاطات بين الجانبين، أبرزها استخدام منظمة الصحة العالمية شركة طيران معاقَبة أمريكيًا لنقل “مرتزقة” سوريين وأسلحة، ثم انتخاب النظام السوري عضوًا في مجلسها التنفيذي.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع