فتح المعابر ينشّط حركة الأسواق في شمال غربي سوريا

  • 2021/07/18
  • 9:30 ص

سوريون يتوافدون إلى معبر باب الهوى خلال إجازة عيد الأضحى - 15 من تموز 2021 (صفحة معبر باب الهوى على فيسبوك)

عنب بلدي – أمل رنتيسي

“أول ما أرغب بشرائه خلال زيارتي إلى مدينة اعزاز هي الحلويات السورية واللحوم البلدية خاصة، وبعض المنتجات غير المتوفرة في تركيا، مثل الإكسسوارات ذات الصنع اليدوي، كما سأشتري الأطعمة الجاهزة من المطاعم القديمة والمشهورة في المنطقة”.

هكذا ينوي عدي المصطفى قضاء العيد بعد عبوره من معبر “باب السلامة” الحدودي مع تركيا لزيارة أهله في اعزاز شمالي حلب، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وفي الشهر الحالي، وتزامنًا مع إجازة عيد الأضحى التي تبدأ في 20 من تموز، فتحت ثلاثة معابر حدودية بين تركيا وشمال غربي سوريا، بعد توقف الزيارات عبر المعابر العام الماضي بسبب تداعيات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

ونشر معبر “باب الهوى” الذي يربط بين تركيا وريف إدلب عن أعداد المسافرين، التي بلغت 31 ألفًا خلال عشرة أيام حتى تاريخ 15 من تموز الحالي، في حين بلغ عدد العابرين من “باب السلامة”، الواصل مع ريف حلب، خلال 11 يومًا 1749 زائرًا، أما معبر “جرابلس” فتبلغ الحصيلة اليومية للوافدين منه ما يقارب 1300 زائر، حسب إحصائيات المعبر اليومية على “فيس بوك“.

وتشكّل هذه الزيارة نشاطًا في أسواق الشمال الغربي لسوريا، كما تنشط حركة السير والتنقلات، بحسب ما رصدته عنب بلدي في المنطقة، إذ يحاول الزائرون الاستفادة من العدد المحدود لأيام الإجازة لزيارة الأماكن التي يقصدونها وزيارة جميع أقاربهم في المنطقة.

قطّاعات تنشط مع قدوم الزائرين

يقصد الزائرون متاجر الألبسة والمطاعم ومحال بيع اللحوم قبيل العيد، بحسب ما رصدته عنب بلدي في أسواق المنطقة.

محمد السيد (22 عامًا) ينحدر من قرية الشيخ إدريس في ريف إدلب، ولم يزر سوريا منذ أربعة أعوام، قال لعنب بلدي إنه يقصد السوق ليشتري ثيابًا جديدة لوالدته ووالده، إضافة إلى شراء أضحية العيد.

التاجر وصاحب محل الألبسة الرجالية في بلدة قورقينا شمالي إدلب فراس سبيع، قال لعنب بلدي إن متجره شهد زيادة على طلبات شراء الملابس مع توافد الأهالي إلى البلدة.

ومع قرب حلول عيد الأضحى يزداد الشراء من محله يومًا بعد يوم، بحسب البائع الذي لاحظ أن حركة البيع الآن أكثر مقارنة بعيد الفطر الماضي.

في مدينة اعزاز، قابلت عنب بلدي عددًا من أصحاب المحال التجارية في المناطق التي دخل إليها الزائرون، وخلال حديث مع أحمد جمال، وهو صاحب محل لبيع الألبسة في سوق المدينة، قال إن سوق الألبسة والمطاعم أكثر ما يلاقي إقبالًا في فترات الأعياد خاصة من قبل القادمين من تركيا.

وأضاف أن حركة البيع والشراء في أسواق الشمال السوري تشهد الآن مع قرب العيد نشاطًا في أثناء قدوم الأهالي من تركيا للزيارة.

وتوجد في مناطق سيطرة المعارضة، إلى جانب الألبسة المستوردة من تركيا والمصنعة محليًا، ألبسة “البالة” الأوروبية، والألبسة الجاهزة المستوردة من الصين، التي تدخل إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر الحدود مع تركيا، بعد مرورها “ترانزيت” من الأراضي التركية.

الاستثمار.. هدف بعيد

وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي، إنه من المتوقع دخول حوالي 100 ألف شخص من المعابر، الأمر الذي سيزيد من الحركة والاستهلاك بشكل مؤقت.

وأشار الوزير إلى أهمية دخول الناس إلى المنطقة من أصحاب الأموال، إذ من الممكن أن يتشجع بعضهم على الاستثمار، حتى ولو بشكل محدود.

وأشار الوزير إلى أن الطلب سيزيد بشكل خاص على المواد الغذائية وخاصة الحلويات، وعلى الملابس، وقال، “معظم الناس قدموا بشكل مفاجئ ولم يشتروا ملابس لأولادهم”، كما توقع أن ترتفع أسعار الأضاحي مع زيادة الطلب عليها.

جرى التسجيل على الدخول عبر روابط نشرتها المعابر، بعد الإعلان التركي عن السماح بالزيارة قبل أيام محدودة من موعدها، وبسبب عدد الزائرين المحدود الذي تسمح به السلطات التركية، شهدت مواقع التسجيل ضغطًا اضطر إلى إغلاقها بسرعة، وبالتالي فإن الكثير من الزائرين الذين قرروا قضاء الإجازة في سوريا لم يكن لديهم متسع من الوقت لتحضير أنفسهم.

نشاط إيجابي.. لكن الأثر قد يكون محدودًا

يرى الباحث في الاقتصاد السياسي يحيى السيد عمر، في حديث إلى عنب بلدي، أن النشاط الاقتصادي يتأثر بشكل مباشر بتحركات الأفراد، خاصة في مجموعات كبيرة، وهذا يمكن تشبيهه بالسياحة الداخلية والخارجية.

وفي الإطار العام، أغلب الحكومات تسعى لتنشيط السياحة كونها تُنشّط الاقتصاد وتقدم إيرادات كبيرة، فبعض الدول تشكّل السياحة فيها أهم مصادر الدخل.

وأضاف الباحث أن ذات المقياس ينطبق على الشمال السوري، خاصة أن فترة العيد تعتبر فترة إنفاق، ما يعني تسريعًا للدورة الاقتصادية وتقليلًا لمدة دوران المخزون المنتج.

إلّا أنه لا يجب التعويل بشكل مبالَغ فيه على التحسن الاقتصادي الذي تشهده أسواق الشمال حاليًا، وفق السيد عمر، وذلك لعدة أسباب، أولها أن المعابر قد لا تفتح لمدة طويلة، أو قد تفرض بعض القيود على التنقل، فالأثر الاقتصادي لظاهرة كهذه يحتاج إلى مدى أطول يمتد عدة أشهر.

والسبب الثاني لعدم التعويل المبالغ فيه على هذا النشاط، هو أنه قد ينعكس إيجابًا على فئة اجتماعية محددة كالتجار مثلًا، فعلى مستوى التجار يظهر الأثر الإيجابي مباشرة، أما على مستوى الجمهور العام فيحتاج إلى عدة أشهر على الأقل كي يبدأ الأثر بالظهور، كما لا يمكن إغفال الأثر على الفلاحين والعمال وغيرهم، من خلال زيادة نسبة تصريفهم لمنتجاتهم نتيجة ضخ العملة في السوق من خلال الزائرين، ولكنه يبقى أثرًا محدودًا.

وأكد السيد عمر أنه بالعموم، يعتبر هذا النشاط إيجابيًا من الناحية الاقتصادية، ولكن لتطويره وتحسين أثره لا بد من العمل على تسهيل التنقل عن طريق المعابر، بحيث تكون حركة دائمة أو شبه دائمة.

التصعيد يحدّ الاستقرار الاقتصادي

تُقابَل حركة العبور التي يقصدها السوريون من تركيا إلى الشمال السوري ونشاطهم في المنطقة، بمخاطر مع عمليات التصعيد العسكري في مناطق شمال غربي سوريا.

وبحسب ما قاله المدير الإقليمي لـ”يونيسف” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تيد شيبان، في 15 من تموز الحالي، حول الوضع في شمال غربي سوريا، فإنه “في الأسبوعين الأخيرين فقط، تم التحقق من مقتل ما لا يقل عن عشرة أطفال في سوريا، وهذه دلالة مخيفة على عودة العنف إلى سوريا، إذ يواجه الناس خطر فقدان المتنفس الذي عاشوه خلال فترة خفض العنف”.

وتشهد مناطق سيطرة “الجيش الوطني” في ريف حلب تفجيرات واستهدافات عديدة ازدادت وتيرتها منذ مطلع أيار الماضي، آخرها قصف صاروخي لمدينة عفرين بريف حلب، في 15 من تموز الحالي، أسفر عن مقتل شخصين أحدهما طفل.

وتزامنًا مع التصعيد في عفرين، شهدت قرية الفوعة بريف إدلب مجزرة نفذتها قوات النظام، سقط فيها ستة قتلى وعدد من الجرحى، جراء استهداف محيط القرية بقذائف المدفعية.

ومنذ بداية عام 2021 حتى 5 من تموز الحالي، استجاب متطوعو “الدفاع المدني” لأكثر من 702 هجمة استهدفت منازل المدنيين والمنشآت الحيوية في شمال غربي سوريا، من قبل قوات النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهما.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية