وثقت منظمة “العفو الدولية” (آمنستي) تعاون ليبيا مع أوروبا في عمليات إعادة اللاجئين القسرية عبر البحر المتوسط خلال عقد من الزمن، والانتهاكات التي مُورست بحقهم.
ووثقت المنظمة في تقرير بعنوان “لن يبحث عنك أحد: المُعادون قسرًا من البحر إلى الاحتجاز التعسفي في ليبيا”، كيف أن الانتهاكات المرتكبة طوال عقد من الزمن بحق اللاجئين والمهاجرين استمرت بلا انقطاع في مراكز الاحتجاز الليبية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021 برغم الوعود المتكررة بمعالجتها.
وشرّع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابع لوزارة الداخلية، في ليبيا، منذ أواخر 2020، الانتهاكات من خلال دمج مركزي احتجاز جديدين في بنيته، بحسب التقرير الصادر اليوم، الخميس 15 من تموز.
واختفى المئات من اللاجئين والمهاجرين قسرًا في مركزي الاحتجاز، في السنوات السابقة على أيدي ميليشيات ليست تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية وأُدمجت في الجهاز.
كما اختفى آخرون في مركز أُعيد تصنيفه حديثًا، قال الضحايا إن الحراس فيه اغتصبوا النساء وعرّضوهن للعنف الجنسي، بما في ذلك إرغامهن على ممارسة الجنس مقابل الطعام أو حريتهن.
ويسلط التقرير الضوء أيضًا على التواطؤ المستمر للدول الأوروبية التي مازالت تواصل على نحو “مشين” تمكين حرس السواحل الليبي ومساعدته على أسر الأشخاص في عرض البحر، وإعادتهم قسرًا إلى جحيم الاحتجاز في ليبيا، برغم معرفتها التامة بالأهوال التي سيتعرّضون لها.
وتدعو “العفو الدولية”، في التقرير، الدول الأوروبية إلى وقف تعاونها مع ليبيا بشأن مراقبة الهجرة والحدود.
ويتناول التقرير تجارب 53 لاجئًا ومهاجرًا احتُجزوا سابقًا في مراكز تابعة اسميًا لسيطرة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، احتُجز 49 منهم مباشرة عقب اعتراض سبيلهم في البحر.
كما يوثّق انتهاكات لحقوق الإنسان، من بينها عمليات الضرب المبّرح، والعنف الجنسي، والابتزاز، والعمالة القسرية، والأوضاع اللاإنسانية في سبعة مراكز تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا.
وفي المباني ومركزين آخرين تابعين لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وثّقت المنظمة الاستخدام غير المشروع للقوة “المميتة”، عندما أطلق الحراس وغيرهم من الرجال المسلحين النار على المحتجَزين، فتسببوا بوقوع قتلى وجرحى.
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، ديانا الطحاوي، في التقرير، إن كامل شبكة مراكز الاعتقال الليبية المرتبطة بالهجرة غاية في السوء، ويجب تفكيكها، وينبغي على السلطات الليبية إغلاق كافة مرافق الاحتجاز المرتبطة بالهجرة فورًا، والكف عن احتجاز اللاجئين والمهاجرين.
وأضافت أن الشركاء الأوروبيين يواصلون تقديم الدعم لخفر السواحل الليبي من أجل الإعادة القسرية للأشخاص إلى الانتهاكات نفسها في ليبيا التي هربوا منها، برغم الأدلة الدامغة على السلوك المتهور والمستهتر وغير القانوني لخفر السواحل الليبي في البحر، والانتهاكات الممنهجة المرتكبة في مراكز الاحتجاز عقب عملية الإنزال”.
وتابعت، “لقد آن الأوان لإقرار الدول الأوروبية بالعواقب المترتبة على أفعالها والتي لا يمكن الدفاع عنها. ويتعين عليها أن تُعلّق تعاونها مع ليبيا في مجال مراقبة الهجرة والحدود، وأن تفتح بدلاً من ذلك ممرات السلامة المطلوبة بإلحاح لآلاف المحتاجين للحماية والعالقين هناك في الوقت الراهن”.
وقال التقرير إن السلطات الليبية تعهدت بإغلاق هذه المراكز التي تتفشى فيها الانتهاكات، لكن أنماطًا مشابهة من الانتهاكات حصلت من جديد في مراكز افتُتحت حديثًا أو أعيد فتحها.
وأضاف أن الضحايا وصفوا كيف تعمّد خفر السواحل الليبي إلحاق الضرر بزوارقهم، وتسببوا في بعض الحالات بانقلابها ما أدى إلى غرق اللاجئين والمهاجرين، في مرتين على الأقل.
وأشار إلى أن “وكالة حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبية” (فرونتكس) أجرت عملية استطلاع جوية فوق البحر الأبيض المتوسط للتعرُّف على زوارق اللاجئين والمهاجرين في البحر، واستمرت في تشغيل طائرة مسيّرة فوق هذا الطريق منذ أيار 2021.
كما صرفت القوات البحرية الأوروبية النظر إلى حد كبير عن المرور في الجزء الأوسط من البحر الأبيض المتوسط لتجنب اضطرارها إلى إنقاذ زوارق اللاجئين والمهاجرين الذين يرسلون نداءات استغاثة.
وواصلت إيطاليا والدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدة المادية، بما فيها الزوارق السريعة، إلى خفر السواحل الليبي، وتعمل على إقامة مركز للتنسيق البحري في ميناء طرابلس ممول بمعظمه من “صندوق ائتمان الاتحاد الأوروبي من أجل إفريقيا”.
وقبل ليبيا، اتهمت منظمات حقوقية اليونان ووكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس) بممارسة العنف ضد طالبي اللجوء في بحر إيجة، محذرة من أن انتهاكات حقوق الإنسان من قبلهما في تزايد.
إذ تستمر اليونان بإعادة اللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى الدول الأوروبية من خلالها، وسط اتهامات من منظمات حقوقية لها بممارسة العنف ضد طالبي اللجوء في بحر إيجة، بهدف منعهم من الوصول إلى أوروبا.
أُسست “فرونتكس” في عام 2005 بوصفها الوكالة الأوروبية لإدارة التعاون التشغيلي على الحدود الخارجية، وهي المسؤولة في المقام الأول عن تنسيق جهود مراقبة الحدود، ولدى الوكالة حاليًا أكثر من 800 موظف، وميزانية سنوية تبلغ حوالي 450 مليون يورو.
بعد تدفق اللاجئين في 2015 و2016، اقترحت المفوضية الأوروبية، في 15 من كانون الأول 2015، تمديد ولاية “فرونتكس” وتحويلها إلى وكالة حرس الحدود والسواحل الأوروبية، وأيّد المجلس الأوروبي الاقتراح.
وتنشر “فرونتكس” حرس الحدود والسواحل، إلى جانب إرسال سفن دوريات وطائرات وسيارات دوريات وغيرها من المعدات إلى دول الاتحاد الأوروبي للمساعدة في إدارة الحدود.