“زيادة 50% على الراتب لا تكفي لتغطية ارتفاع الأسعار الذي نجم عن رفع سعر المازوت والخبز، فسعر المازوت أثّر في جميع مناحي الحياة من مواصلات وارتفاع في أسعار المواد بسبب تحملها بزيادة أجور النقل”.
بهذه الكلمات يصف المهندس في شركة المياه في محافظة حمص، صالح الأحمد، عن خيبة أمله بقرار رفع الرواتب الذي لم يشكّل أي تأثير على رفع الأسعار الجديدة التي أقرتها حكومة النظام السوري مؤخرًا.
وتابع صالح أنه بعد ارتفاع سعر الخبز المدعوم، الذي يوزع بمكيات لا تكفي أساسًا، ارتفع سعره في السوق السوداء، ولا يمكن لزيادة الأجور أن تحل مشكلة ارتفاع الأسعار مع رفع سعر المازوت بنسبة 170% و100% في سعر الخبز.
وترددت انتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي بعد موجة رفع أسعار في المواد الأساسية، رافقتها زيادة 50% على أجور العاملين والموظفين، بينما تُرفع الأجور الشهرية للموظفين المتقاعدين المدنيين والعسكريين بنسبة 40%، حسب مرسوم تشريعي أعلنه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 11 من تموز.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي من تعليقات على منشور زيادة الرواتب على صفحة “وزارة المالية السورية” على “فيس بوك”، أعرب المواطنون عن استيائهم، إذ ناشد أحدهم وزير المالية في حكومة النظام السوري، كنان ياغي، قائلًا، “الراتب لا يكفي مصروف أسبوع مقارنة مع غلاء الأسعار”.
كما استهجن المواطن قائلًا، “أين تحسين الوضع المعيشي للمواطن؟”.
وأجرى رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، مقابلة مع “التلفزيون السوري”، الأربعاء 14 من تموز، برر رفع أسعار مادتي الخبز والمازوت كشرط لاستمرار الدعم، معتبرًا أن “غد سوريا سيكون أفضل”.
ورفعت الحكومة، في 11 من تموز الحالي، سعر ليتر المازوت بنحو 178%، ليصبح 500 ليرة سورية بعد أن كان 180 ليرة، وسعر الخبز بنسبة 100%، ليصبح سعر الربطة 200 ليرة بعد أن كان 100 ليرة سورية، بالإضافة إلى سلسلة زيادات في الأسعار شملت البنزين والسكر والأرز.
وزادت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام، في 12 من تموز الحالي، أجور النقل العام، بنسب تتراوح بين 28.5% و32% على التعرفة السابقة، بحسب نوع المركبة.
وبحسب تصريحات ياغي لصحيفة “الوطن” المحلية في 12 من تموز، قال إن موضوع تحسين المستوى المعيشي للمواطنين هو “ضمن الأولويات الرئيسة لعمل الحكومة، ومرتبط بتوفير السيولة الخاصة به”، على حد تعبيره.
وإن تكلفة زيادة رواتب العاملين والموظفين بلغت نحو 81.6 مليار ليرة شهريًا، و980 مليار ليرة سنويًا، وذلك بناءً على العدد الحالي للموظفين الدولة من المدنيين والعسكريين والمتقاعدين.
ونقلت “الوطن” عن مصدر حكومي صرّح فيه أن “زيادة الرواتب ليست كافية وأن الموظف السوري يستحق أكثر من ذلك، لكن هذا ما تمكنت الحكومة من توفيره الآن”، حسب تعبيره.
وفي حديث سابق مع الباحث الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور مخلص الناظر، أوضح لعنب بلدي أن زيادة الرواتب ليست الحل لهذا النوع من المشاكل الاقتصادية، بل على العكس ستؤدي إلى زيادة مستوى التضخم.
وبحسب الباحث، الزيادة عبارة عن زيادة في كتلة النقود المتداولة في السوق دون أن يقابلها زيادة في الإنتاج السلعي أو الخدمي، وبالتالي لا يوجد أبدًا نمو بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لتغطية الزيادة في الكتلة النقدية المتمثلة بزيادة الرواتب.
ووصفت وكالة “أسوشيتد برس” في تقرير لها في 15 من آذار الماضي بعنوان “جمهورية الطوابير: بعد 10 سنوات، سوريا أمة جائعة”، الوضع في سوريا، إذ تمتد خطوط الطوابير لأميال خارج محطات الوقود في المدن السورية، بمتوسط انتظار يبلغ خمس ساعات لملء خزان.
وفي المخابز يتدافع الناس خلال فترات انتظار طويلة وفوضوية لدورهم لجمع حصة من ربطتي خبز في اليوم لكل أسرة.
وفي شوارع العاصمة دمشق، يقترب المتسولون من سائقي السيارات والمارة، يطلبون الطعام أو المال، يصعب العثور على الأدوية وحليب الأطفال وحفاضات الأطفال.
ويعاني 12.4 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، ويواجهون صعوبة في الحصول على وجبتهم الأساسية، بحسب بيانات برنامج الغذاء العالمي.
ويشكّل هذا العدد ما يقرب من 60% من سكان سوريا، وزاد بنسبة “مذهلة” بلغت 4.5 مليون شخص خلال العام الماضي وحده.
ويوجد نحو 1.8 مليون شخص آخرين معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي “ما لم تُتخذ إجراءات إنسانية عاجلة”.