من آل سونغ إلى آل اﻷسد

  • 2015/10/18
  • 1:59 م

أحمد الشامي

كثيرًا ما نتحدث عن النظام العالمي، غالبًا لانتقاده ولوصمه بنظام تقاسم النفوذ بين الكبار على حساب الآخرين. ما هو هذا النظام وما هو موقع سوريا منه؟

النظام العالمي يأخذ في الاعتبار أولًا ما حدث في هيروشيما في آب 1945، وحقيقة أن أي مواجهة مفتوحة بين قوتين نوويتين ستنهي البشرية. النظام العالمي لا يهدف إلى الحفاظ على السلم، بل إلى منع مواجهة بأسلحة نووية.

هناك ثلاثة خطوط صدع في هذا النظام، كل منها كان ممكنًا له أن ينتهي إلى حرب عالمية ثالثة.

اﻷول هو كوريا والحرب التي وقعت فيها عام 1950 بين الجنوب مدعومًا من اﻷمم المتحدة وأمريكا، والشمال المدعوم من قبل الصين والاتحاد السوفياتي، الذي كان قد توصل ﻹنتاج السلاح النووي عام 1949. انتهت الحرب إلى تقسيم الكوريتين إلى دولة سوف تنجح نجاحًا باهرًا في الجنوب، وأخرى ستفشل بشكل مدوٍ في الشمال تحكمها سلالة «كيم ايل سونغ»، وتتباهى بامتلاك قنبلة ذرية مع شعب يتضور جوعًا.

الصدع الثاني هو كوبا التي ارتأى رجلها القوي عام 1962، تشي غيفارا، أن ينصب صواريخ ذرية سوفياتية قبالة الشواطئ اﻷمريكية. «غيفارا» لم يكن غافلًا عن الطبيعة الدكتاتورية للاتحاد السوفييتي وكان يحلم بأن يتواجه السوفييت مع اﻷمريكيين ليفني كل منهما الآخر! وهكذا «تتمكن جموع العمال وصغار الكسبة من بناء عالم جديد متخلص من الامبريالية ومن الهيمنة…».

«خروتشيف» كان أكثر حصافة من أن ينقاد لهكذا لعبة مجنونة وانتهى اﻷمر بين العملاقين بتدشين «الهاتف اﻷحمر» لتلافي حوادث مؤسفة في المستقبل. «غيفارا» تمت قصقصة أجنحته قبل «تسفيره» إلى أفريقيا ثم بوليفيا حيث لقي حتفه عام 1967. بالمقابل، كسب «كاسترو» ضمانة أبدية لنظامه الذي لازال حتى اليوم «جزيرة» شيوعية ومتحفًا ﻷعوام الستينات، في حين تحررت كل دول أمريكا اللاتينية باستثناء «كوبا»، التي أقطعها العملاقان لسلالة القائد المفدّى «فيديل كاسترو» تمامًا مثل كوريا الشمالية.

«الهاتف اﻷحمر» رن مرتين بخصوص الصدع الثالث واﻷخير… سوريا.

المرة اﻷولى كانت في حزيران عام 1967 حين قررت إسرائيل، المسلحة بسلاح نووي بدائي حينها، أن تجتاح الجولان بأي ثمن. السوفييت لم يكن بمقدورهم ترك حليفهم السوري «صلاح جديد» حينها يتورط في حرب سيخسرها بالضرورة واستعد أسطولهم في المتوسط لمهاجمة «حيفا» للضغط على الدولة العبرية.. اﻷمريكيون أيضًا استنفروا واقترب العالم من الكارثة.

الخلاص أتى يومها على يد مؤسس العصابة اﻷسدية، وزير الدفاع «حافظ اﻷسد» وبيانه الشهير حول سقوط القنيطرة دون قتال وقبل حتى أن تعرف إسرائيل بذلك.

هكذا حصل الجميع على ما يريدونه.

السوفييت حفظوا ماء وجههم، «صلاح جديد» ونظامه بقيا في سوريا، لكن مثل «غيفارا» في «كوبا»، لمدة ثلاثة أعوام قبل «نفي» الرجل إلى سجن المزة حيث سيموت. «إسرائيل» حازت على الجولان دون قتال، أمريكا وضعت رجلها «اﻷسد» في موقع القوة، وهذا اﻷخير سيتولى «عرش» سوريا في حركة تصحيحية باركتها قوى التحرر والاستعمار والرجعية كلها دون استثناء.

في حرب تشرين رن الهاتف اﻷحمر مرة ثانية حين تسربت إشاعة مؤداها أن طائرة «فانتوم» إسرائيلية محملة بصاروخين نوويين سقطت في الجولان.

منذ تفاهم «فض الارتباط» في نيسان 1974 لن يرن الهاتف اﻷحمر  بسبب سوريا، وسيتم «تطويب» سوريا بما ومن عليها لآل اﻷسد، مثل «آل سونغ» في كوريا الشمالية و «آل كاسترو» في كوبا.

الشعب السوري يزعزع اليوم بثورته اﻷسس التي قام عليها نظام «البلطجة» الدولي الذي أقطع سوريا لعصابة. هذا هو سر «صمود» هذا النظام وتضافر جهود كل قوى الظلام في العالم لإنقاذه.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي