يعاني محمد المصطفى (65 عامًا)، من سكان مدينة طفس غربي درعا، من مرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني المزمن منذ عشرة أعوام، ويحتاج بشكل أسبوعي إلى ثلاث أنواع من الأدوية بشكل منتظم، لكن بعد رفع وزارة الصحة في حكومة النظام السوري أسعار الأدوية بنسبة 30% أصبح تأمين ثمن الدواء أمرًا مرهقًا بالنسبة له.
“كنت أدفع ستة آلاف ليرة كل عشر أيام، أما الآن فسأدفع ما يقارب ثمانية آلاف ليرة، ولا بد من تأمين ميزانية خاصة للدواء بما يعادل 24 ألف ليرة شهريًا”، قال محمد لعنب بلدي.
في 17 من حزيران الماضي، رفعت وزارة الصحة سعر أكثر من 11 ألف صنف دوائي بنسبة تقارب 30%، وذلك لأن المناطق الخاضعة لنفوذ النظام السوري تعاني نقصًا كبيرًا في أعداد من الزمر الدوائية المختلفة.
واعتبرت وصال من سكان بلدة تل شهاب بريف درعا (45 عامًا)، التي تعاني من ألم مزمن بالمفاصل وأمراض بالكلى، أن رفع الأسعار يفقد الرحمة بالناس وخاصة من يحتاجون للدواء باستمرار، مشيرة إلى أن بعض السكان بدأوا يتجهون لطب الأعشاب بسبب عدم قدرته على شراء الدواء باستمرار.
وقالت لعنب بلدي، إن “الموت أرحم من الذهاب للصيدلية دون امتلاك ثمن وصفة الطبيب، المرض بلاء ولكن قرارات حكومة النظام أشد بلاء منه”، بحسب تعبيرها.
صيدلاني (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) يعمل في ريف درعا، قال لعنب بلدي، إنه يبيع الدواء بناء على تسعيرة وزارة الصحة بعد إضافة نسبة الزيادة البالغة 30%، وإن الصيادلة تقيدوا بهذه التسعيرة الجديدة لأنهم سيشترون الدواء بناء على هذا الارتفاع.
لكن إيمان عبد الرحمن (33 عامًا) قالت لعنب بلدي، إن الصيدليات في ريف درعا لا تتقيد بتسعيرة الوزارة، إذ يختلف سعر الدواء من صيدلية لأخرى، وتختلف التسعيرة عن أسعار صيدليات المدينة التي تبيع الدواء بسعر أقل، لوجود رقابة من مديرة الصحة بدرعا.
واشتكت ايمان من عدم وجود أخصائيين خريجي كليات الصيدلة، إذ أصبحت الصيدليات في ريف درعا عبارة عن “مشروع تجاري” لا يملك القائم عليها في بعض الصيدليات ترخيص مزاولة المهنة، بحسب ما أضافته.
سعر الدواء مرتبط بسعر الدولار
تُسعّر وزارة الصحة في حكومة النظام الأدوية وفقًا لسعر صرف الدولار الأمريكي.
وفي حزيران 2020، اعتمدت الوزارة نشرة تسعير جديدة بناء على قرار المصرف المركزي الصادر في آذار 2020، والقاضي بتوحيد سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية في جميع تعاملات القطع الأجنبي والحوالات بمختلف أنواعها.
وخلال الفترة الممتدة بين آذار 2020 وآذار 2021، شهدت أسعار الصرف في سوريا تقلبات وانخفاضات عدة، لكن وزارة الصحة لم تعلن عن زيادة في أسعار الأدوية بشكل رسمي.
ولم تعلن الوزارة عن زيادة في الأسعار بعد رفع المصرف المركزي سعر الصرف الرسمي وسعر صرف الحوالات الخارجية بنسبة 100%، بعد أن وصل سعر الصرف في السوق الموازية إلى نحو أربعة أضعاف السعر الرسمي.
لكن صيدلانية عاملة في ريف دمشق قالت لعنب بلدي، إن الوزارة رفعت خلال هذه الفترة أسعار عدة أصناف من الأدوية بناء على طلب المعامل، دون إعلان رسمي.
وبحسب الصيدلانية، يكون ارتفاع الأسعار بنسب عشوائية تختلف باختلاف الدواء، ومرتفعة أكثر بكثير من الأخيرة التي أعلنتها الصحة، إذ ارتفعت أصناف دواء مهمة في الصيدلية قبل حوالي ثلاثة أشهر بنسب تجاوزت 300% من سعرها السابق.
ويسجل الدولار الأمريكي في السوق السوداء، خلال حزيران الحالي، وسطيًا 3200 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم”، المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم المحمد