حذرت “لجنة الإنقاذ الدولية” من ازدياد حالات الانتحار في مناطق شمال غربي سوريا، وسط ازدياد في الحاجات الإنسانية للسكان في المنطقة.
وكشفت بيانات جديدة جمعتها اللجنة من خلال استطلاعات رأي مع أفراد في الشمال الغربي، عن ارتفاع في عدد حالات الانتحار وصفته بـ”المدمر”، حسب بيان نشرته المنظمة، الثلاثاء 6 من تموز.
وأكد البيان على أن المساعدات عبر الحدود هي “شريان حياة” حاسم للسوريين في الشمال الغربي، إذ تدعم استجابة إنسانية ضخمة.
وإذا فشل مجلس الأمن الدولي في تجديد تفويضه، فستزداد المعاناة بشكل كبير، وسيتقلص الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك خدمات الصحة الجسدية والعقلية، ما يضاعف من الكارثة الإنسانية، وفق البيان.
وبحسب البيانات التي جمعتها اللجنة، يعتقد 93% من الناس أن عدد حالات الانتحار ارتفع منذ بداية الأزمة السورية مع زيادة ملحوظة، خاصة بعد النزوح الجماعي للسكان من أواخر عام 2019 إلى أوائل عام 2020.
وأظهر استطلاع الرأي أن نسبة 87% من السكان سمعوا عن حالات انتحار في مجتمعاتهم.
وعندما طرحت المنظمة سؤالًا على هؤلاء السكان، قال 77% من المجيبين إن ارتفاع عدد حالات الانتحار هو بسبب الاكتئاب الحاد ومشكلات الصحة العقلية.
وأفاد 67% من المشاركين في الاستطلاع أن الحالات بسبب العنف المنزلي، وتحديدًا ضد النساء، وقال 63% آخرون إنه كان بسبب ضائقة مالية أو فقدان الممتلكات، بينما 53% منهم اعتبروا أن ذلك يعود إلى فقدان الأمل في ظل الأزمة المستمرة وتدهور الأوضاع، كما تم تحديد زواج الأطفال على أنه سبب رئيس لقيام الفتيات على وجه الخصوص بالانتحار.
أحد المشاركين في الاستطلاع سُئل إذا ما كان يعرف أي شخص انتحر مؤخرًا، وقال “انتحر رجل وهو رب أسرة لأنه فقد منزله ومصدر رزقه عندما نزح، ولم يتمكن من العثور على العمل أو إعالة أسرته”.
مُشارك آخر في الاستطلاع صرّح للمنظمة، “أعرف حالة فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا ولديها عدة أطفال وتوفي زوجها ولا أحد يعولها أو أطفالها، كانت تحت ضغوط حياتية هائلة لأنها لا تستطيع تلبية متطلبات أطفالها ومتطلبات معيشية أخرى، وهذ قادها إلى ميول انتحارية بقطع يدها بشفرة”.
وتسبب العنف المنزلي في كثير من حالات الانتحار، أو محاولات الانتحار، وفق عاملة في المجال الإغاثي التقت بها المنظمة، وصرحت، “العديد من الحالات التي سمعتُ عنها أو عملتُ معها كانت من الإناث نتيجة للعنف المنزلي”.
حالة أُخرى لرجل مصاب بالذُهان كان يضرب رأسه بقوة كمحاولة انتحار، والسبب أنه “غير قادر على الحصول على العلاج لأنه لا يستطيع تحمل تكاليفه بسبب المسافات البعيدة لمراكز الصحة العقلية، وعدم قدرته على تحمل تكاليف النقل”، وفق أحد المشاركين بالاستطلاع.
كما سلّط الاستطلاع الضوء على الفجوات في الوصول إلى الخدمات الصحية، بما في ذلك خدمات الصحة العقلية، إذ تم الإبلاغ عن العديد من التحديات في الوصول إلى الخدمات من قبل المجتمعات، كانت أهم ثلاثة تحديات هي عدم توفر الأدوية، وصعوبات النقل مثل عدم قدرة أفراد الأسرة على تحمل تكاليف النقل المرتفعة، وتكلفة الخدمات الصحية.
وأشار التقرير إلى أن 50% من العاملين الصحيين غادروا البلاد على مدار العقد الماضي، ويوجد طبيب نفسي واحد فقط لكل مليون شخص في شمال غربي سوريا.
ويتطلب حجم احتياجات السكان استجابة تتوافق معها، ومع ذلك، على الرغم من الاحتياجات المتزايدة الواضحة، وعدم كفاية الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة، صوّت مجلس الأمن العام الماضي على تقييد الوصول إلى شمال غربي وشمال شرقي سوريا، واقتصر على معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا.
ووفق بيان منظمة “الإنقاذ”، فإن إزالة المعابر وتقليصها ثبت أنه يؤثر على تدفق المساعدات والوصول إليها في الشمال الغربي، إذ أدى إزالة معبر “باب السلامة” إلى قطع بوابة مباشرة إلى شمالي حلب، حيث توجد بعض من أكبر تجمعات النازحين.
ويعيش 1.3 مليون شخص في شمالي حلب في المنطقة التي سبق الوصول إليها من معبر “باب السلامة”، 800 ألف شخص منهم أي 62% من سكان المنطقة هم من النازحين.
يترك هذا القرار نقطة وصول واحدة فقط لمساعدات الأمم المتحدة المنقذة للحياة، لتصل إلى الملايين في شمال غربي سوريا.
ووفرت المواد التي تصل عبر “باب الهوى” المساعدات لـ3.4 مليون شخص شهريًا، بما في ذلك الغذاء لـ1.4 مليون شخص، والإمدادات الصحية، بما فيها لقاحات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، إضافة إلى دعم الخدمات الحيوية مثل برامج الحماية للسوريين الذين عانوا من العنف، والدعم النفسي والاجتماعي لمن يحتاجون إلى هذا النوع من المساعدة، والبرمجة التعليمية والتدريب الوظيفي.
المدير التنفيذي لـ”لجنة الإنقاذ الدولية”، ديفيد ميليباند، صرّح في البيان أن الأرقام الجديدة حول معدلات الانتحار، تعطي نظرة ثاقبة ومأساوية لمستوى الحاجة واليأس المتزايد بعد عشر سنوات من الصراع والانهيار الاقتصادي.
وأضاف أن على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذا التحدي، بدءًا من توسيع الوصول عبر الحدود إلى السوريين المحتاجين لضمان توسيع نطاق الخدمات الحيوية، فمن دون بدائل كافية وتدفق منتظم في الوقت المناسب للمساعدات والخدمات، ستنتقل هذه الأزمة من مروعة إلى كارثية.
وقال، “لا ينبغي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يلعب السياسة مع حياة الناس، وهم بحاجة إلى اتخاذ الخطوة الصحيحة”.
وسيجدد التفويض الخاص بعملية عبور المساعدات عبر الحدود في 10 من تموز الحالي، بمجلس الأمن الدولي، ويحتاج قرار تمديد موافقة المجلس إلى تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام حق “النقض” (الفيتو) من أي من الأعضاء الخمسة الدائمين، روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وتريد روسيا إيصال المساعدات عبر حكومة النظام السوري، لإكسابه بعض الشرعية أمام المجتمع الدولي، إذ قال لافروف، إن موسكو لا توافق الأمم المتحدة والدول الغربية الرأي بشأن عدم وجود بديل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا إلا عبر تركيا.
–