الاتحاد الأوروبي يواجه النظام السوري بـ”توضيحات” لمعلومات “مضللة”

  • 2021/07/05
  • 6:37 م

منظر عام يظهر رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل وهو يلقي كلمة أمام جلسة عامة استثنائية لبرلمان الاتحاد الأوروبي عقب قمة لزعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بلجيكا - 23 تموز 2020 (رويترز)

نشر الاتحاد الأوروبي سلسلة من التوضيحات فيما يتعلق بمعلومات “مضللة” بثها النظام السوري في محاولة منه لكسب الرأي العام وحشد الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية السورية، التي عُقدت في أيار الماضي.

وقال الاتحاد في تقرير نُشر عبر موقع “بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا“، في 29 من حزيران الماضي، إن الكثير من ممثلي النظام السوري صرحوا بمعلومات مضللة في إطار انتخابات النظام السوري، بغية “طمس عواقب أفعالهم، وتحميل العالم الخارجي مسؤولية معاناة الشعب السوري وسوء إدارة البلاد”.

إذ ادعت المستشارة السياسية والإعلامية لرئيس النظام السوري، بثينة شعبان، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي هي “عقاب جماعي للشعب السوري”، فُرض بهدف “دفع اللاجئين إلى عدم العودة إلى سوريا”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في 7 من أيار الماضي.

كما ادعى النظام، بحسب ما نقلته وكالة “سانا“، أن الغرب يدعم منظمات إرهابية في سوريا ويتلاعب بهيئات دولية كمنظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، “لتمرير قرار غير شرعي، لتوجيه الاتهام باستخدام الأسلحة الكيماوية”.

وكان آخر تلك الادعاءات، بحسب التقرير، عندما ادعى النظام السوري أن دولًا من الاتحاد الأوروبي تهيئ الأرضيّة للتطبيع معه.

واعتبر التقرير أنه بعد مضي عشرة أعوام على الصراع في سوريا، “ما زال النظام يحاول تشويه الحقائق، الأمر الذي سهّلته منصّات التواصل الاجتماعي”.

سوريا ليست بلدًا آمنًا

تناول تقرير الاتحاد الأوروبي خطاب النظام السوري الذي يعتمده مؤخرًا عن كون سوريا “بلدًا آمنًا”، داعيًا اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، إذ قال إن “أكثر من خمسة ملايين سوري اضطروا للجوء إلى بلدان أخرى هربًا من فظائع الحرب”.

واعتبر الاتحاد الأوروبي أن حق العودة هو حق فردي لكل اللاجئين السوريين، إلا أن منظمات حقوقية وثّقت اعتقال النظام لأشخاص في أنحاء البلاد على نحو تعسفي، وإخفاءهم وإساءة معاملتهم، بمن في ذلك لاجئون عادوا إلى مناطق استعادها النظام.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها، إن النظام السوري قمع “بوحشية” كل إشارة إلى عودة ظهور المعارضة، مستخدمًا الاعتقالات التعسفية والتعذيب، كما واصل النظام أيضًا، “وبشكل غير قانوني”، مصادرة الممتلكات وتقييد عودة السوريين إلى مناطقهم الأصلية.

واعتبر التقرير أن سوريا لا تزال بلدًا غير آمن “وتمييزيًّا” بالنسبة إلى أغلبية مواطنيه، ولا تزال القوانين والإصلاحات السياسية اللازمة من أجل ضمان حق المواطنين في العيش بأمان “غائبة”.

وأشار التقرير إلى أن “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” تراجع وبشكل دوري، الشروط الضرورية لتنظيم العودة الآمنة للاجئين، وينبغي تسهيل وصول المفوضية السامية وغيرها من المنظمات الإنسانية إلى جميع الأراضي السورية من أجل رصد وتقييم الوضع فيها.

هل ترتبط الأزمة الاقتصادية القائمة في سوريا بالعقوبات

كانت سوريا وما زالت تمرّ بوضع اقتصادي صعب، من أسبابه “عقود من سوء الإدارة الاقتصادية، واقتصاد الحرب الذي بناه النظام وأتباعه لتحقيق الازدهار، وأزمة المصارف اللبنانية والفساد المستشري”، بحسب التقرير.

قال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في تشرين الثاني من عام 2020، خلال زيارة له مع زوجته إلى معرض “منتجين 2020″، في “التكية السليمانية” بدمشق، إن “الأزمة الحالية ليست مرتبطة بالحصار، وبدأت بعد الحصار بسنوات”.

وأشار التقرير إلى أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد النظام السوري سارية ولم تتغير في الغالب منذ عام 2011، وجاءت كرد فعل على “القمع الوحشي للسكان المدنيين”، إذ جرى تمديدها مؤخرًا حتى حزيران من عام 2022.

وكان مجلس الاتحاد الأوروبي مدّد الإجراءات التقييدية التي فرضها على سوريا حتى 1 من حزيران 2022، “في ظل استمرار قمع السكان المدنيين في البلاد”، بحسب بيان صدر عن المجلس في 27 من أيار الماضي.

شطب المجلس خمسة متوفين من قائمة العقوبات، ليبقى على القائمة حاليًا 283 شخصًا مستهدفًا بتجميد الأصول وحظر السفر، و70 كيانًا خاضعًا لتجميد الأصول فقط.

وأوضح الاتحاد أن الإجراءات التقييدية تشمل أيضًا حظر استيراد النفط، وفرض قيود على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول مصرف سوريا المركزي المحتفظ بها في الاتحاد الأوروبي، وقيود تصدير المعدات والتقنيات التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي، ومعدات وتقنيات رصد أو اعتراض اتصالات الإنترنت أو الهاتف.

وبيّن المجلس أن عقوباته تشمل كذلك “الحظر على استيراد النفط وتقييد بعض الاستثمارات وتجميد أصول البنك المركزي في الاتحاد الأوروبي، وتقييد تصدير المعدات والتكنولوجيا التي قد يتم استخدامها لعمليات القمع الداخلي أو لمراقبة واعتراض الاتصالات عبر الإنترنت أو الهاتف”.

وأكد الاتحاد في تقريره الأخير أن العقوبات صُممت لتتفادى عرقلة المساعدات الإنسانية، إذ لا يخضع تصدير الغذاء والأدوية والتجهيزات الطبية، كأجهزة التنفس الصناعية، لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

كما لا تشمل العقوبات القطاع الإنساني والتجاري في سوريا، حيث كانت سلع الاتحاد الأوروبي تتدفق بحرية حتى عام 2019، ليتراجع نشاط هذه القطاعات بعد ذلك بسبب انهيار القطاع المصرفي اللبناني، الذي كان البوابة التجارية والمالية الرئيسة لسوريا إلى العالم، ولكن السلع الاستهلاكية والأدوية الأوروبية وما إلى ذلك لا تخضع للعقوبات ولم تتوقف عن الدخول إلى البلاد.

هل تنوي دول الاتحاد الأوروبي التطبيع مع النظام

بدأ الحديث عن عمليات تطبيع يجري الإعداد لها بين دول من الاتحاد الأوروبي والنظام السوري، وكانت أولاها دولة قبرص التي جرى الحديث عن فتح سفارتها في سوريا، في 5 من أيار الماضي، بحسب روايات سوّقتها شخصيات ووسائل إعلام تابعة للنظام.

وقال نقيب المحامين السوريين، الفراس فارس، إن النقابة وقّعت مع سفارة قبرص عقدًا لاستئجار الجانب القبرصي مبنى في دمشق لإعادة فتح سفارتها في سوريا.

وأضاف فارس أن المبنى يقع في منطقة أبو رمانة وسط دمشق، وهو تابع للنقابة في المنطقة التي تعرف بكثافة مقرات البعثات الدبلوماسية.

وذكر التقرير الصادر عن الاتحاد أن التطبيع مع النظام السوري “غير وارد، حتى يجري تحقيق انتقال سياسي للسلطة وفق قرارات الأمم المتحدة، ويشمل ذلك وقف حملات القمع، والإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين من السجون”.

واعتبر التقرير أن أي تغيير على تمثيل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في دمشق لم يطرأ، عقب انتخابات أيار الماضي، وأن إعادة فتح السفارات في دمشق من قبل بعض الدول الأعضاء ليست بالأمر الجديد.

لدول الأعضاء الحق السيادي في تقرير تمثيلها الدبلوماسي في الخارج، بحسب التقرير، ولذلك فإن أي حضور للاتحاد الأوروبي أو لدبلوماسيين من الدول الأعضاء في دمشق لا يعني تطبيع العلاقات.

النظام السوري ضالع بهجمات كيماوية

أصدرت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” (OPCW)، في نيسان الماضي، نتائج التقرير الثاني لفريق التحقيق بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وحددت النظام السوري كمنفذ للهجوم بالأسلحة الكيماوية على مدينة سراقب بريف إدلب في 4 من شباط 2018.

إلا أن النظام السوري لا يزال يحاول إنكار استخدامه للأسلحة المحرمة دوليًا ضد المدنيين السوريين، ويعمل على نسب هذه الهجمات إلى فصائل المعارضة السورية، التي توجد في المناطق التي استُهدفت بالأسلحة الكيماوية.

إذ قالت وزارة الخارجية السورية عقب صدور تقرير المنظمة، في 14 من نيسان الماضي، إن “التقرير تضمن استنتاجات مزيفة ومفبركة تُمثل فضيحة أخرى لمنظمة (حظر الأسلحة الكيماوية) وفرق التحقيق فيها، تضاف إلى فضيحة تقريري بعثة تقصي الحقائق المزورين حول حادثة دوما واللطامنة”.

وأكد التقرير الصادر عن الاتحاد الأوروبي أنه سبق للاتحاد أن فرض إجراءات تقييدية على علماء ومسؤولين سوريين رفيعي المستوى على خلفية دورهم في تطوير أسلحة كيماوية واستخدامها، ويُبدي استعداده للأخذ بعين الاعتبار إدخال المزيد من الإجراءات عند الاقتضاء.

هل أنشأت دول أجنبية “تنظيمات إرهابية” في سوريا

يدّعي النظام السوري وحلفاؤه، على مدار سنوات الثورة السورية وعلى نحو مستمر، أن البلدان الغربية هي التي أوجدت تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، وأنها تسلّح منظمات إرهابية وتموّلها.

وعن محاربة التنظيم، قال التقرير إن الاتحاد الأوروبي عزز انخراطه في أنشطة مكافحة الإرهاب مع البلدان المتضرّرة من تنظيم “الدولة” في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وغرب البلقان وتركيا والعديد من الشركاء الأمنيين الوثيقين الآخرين.

وأشار إلى أن الاتحاد لا يزال ملتزمًا بمكافحة تهديد تنظيم “الدولة”، إذ تمكّن على نحو مستقل من فرض إجراءات تقييدية ضد تنظيمي “الدولة” و”القاعدة”، بالإضافة إلى أفراد وجماعات وأنشطة وكيانات مرتبطة بهما منذ أيلول عام 2016.

بينما وصف التقرير النظام السوري بأنه “يعمد بشكل ممنهج إلى إظهار أي معارض أو ناقد كإرهابي أو جاسوس تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي، وأحيانًا الاثنين معًا، وعادة ما تلجأ الأنظمة القمعية إلى هذه الأعذار بغية إسكات منتقديها”.

نظرة النظام للحراك الشعبي على أنه “مؤامرة”

يعتبر الاتحاد الأوروبي أن الثورة السورية انطلقت عام 2011، بعد اعتقال الأمن السوري مجموعة من طلاب المدارس وتعذيبهم على خلفية رسوم مناهضة للنظام على جدران مدرستهم في مدينة درعا، بحسب التقرير.

إذ كانت ردود النظام الأولى إزاء الانتفاضة في درعا، على لسان كل من مستشارة رئيس النظام، بثينة شعبان، ورئيس النظام، بشار الأسد، بتصريحات متناقضة حول ما حدث، إذ ألقيا اللوم على “عصابة مسلحة” بشأن مقتل محتجين، واتّهما المحتجين بكونهم “مسلّحين” في الوقت ذاته.

بينما أقر الأسد وشعبان في الوقت ذاته بحوادث القتل، ووصفاها بـ”الأحداث المؤسفة والأخطاء الفردية” التي اقترفها ضباط في الجيش لم يكونوا مستعدين للتعامل مع “ظروف جديدة”، حسب تعبيرهما.

وأرسل الأسد مع بداية الانتفاضة في درعا وفدًا بالنيابة عنه لحضور جنازة بعض المتظاهرين الذين قُتلوا برصاص الأمن السوري آنذاك.

وتساءل التقرير الصادر عن الاتحاد الأوروبي فيما إذا أرسل الأسد حينها الوفد حدادًا على المحتجين الذين كانوا متآمرين ضدّه وضد النظام.

واعتبر التقرير أن “الحقيقة الدامغة” الوحيدة هي أن عشرات الآلاف من المحتجين قُتلوا واعتُقلوا وتعرضوا للتعذيب على نحو ممنهج في درعا وفي شتى أنحاء سوريا، إبان سنوات الثورة السورية.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا