أكاديميون يطالبون بتسجيلات صوتية للمراحل الأخيرة من “محاكمات كوبلنز”
طالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني وشخصيات مستقلة بضرورة التسجيل الصوتي لمحاكمات مجرمي الحرب في سوريا، التي تعرف باسم “محاكمات كوبلنز”.
وفي بيان حصلت عنب بلدي على نسخة منه، قالت المنظمات، اليوم 1 من تموز، إنه على الرغم من أن محاكمات “كوبلنز” تعتبر من أهم المحاكمات التاريخية في العالم التي تتناول قضايا التعذيب الذي يمارسه النظام السوري، لا يجري توثيقها بشكل رسمي من قبل المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنز الألمانية.
وشارك 23 أكاديميًا وباحثًا ومنظمات حقوق إنسان ألمانية ودولية التماسًا مع المحكمة، يطالبون فيه بتسجيل المرحلة الأخيرة من المحاكمة، مثل البيانات الختامية وإعلان الحكم، حفاظًا عليها للأجيال القادمة.
ماذا يريد الالتماس؟
واعتبر المشاركون في البيان الصحفي أن توثيق مثل هذه المحاكمات التاريخية، عبر التسجيلات الصوتية الأصلية، يعتبر “مساهمة قيمة للغاية في معالجة الماضي، وتعليم الأجيال القادمة، بالإضافة إلى الاستفادة منها في أغراض بحثية”.
ولا يجري عادةً تسجيل مجريات الدعاوى القانونية أو تصويرها أو توثيقها كتابةً في محاكم ألمانيا، ولكن يمكن للمحاكم الألمانية أن تأمر بتسجيل المحاكمات ذات الأهمية التاريخية البارزة لأغراض علمية وتاريخية، ثم أرشفتها وإعادة إتاحتها عند الطلب، بحسب ما جاء في البيان.
وكانت المحكمة الألمانية العليا في كوبلنز، رفضت التماسين سابقين، طالبا بتسجيل المحاكمة صوتيًا، لأسباب تتعلق بتأثير عملية التسجيل على شهادات الشهود، غير أن هذا السبب لا يبرر الرفض القطعي لتسجيل المحاكمة، بحسب البيان.
واعتبر الأمين العام للمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، وولفغانغ كاليك، أن المحاكمة “تعتبر بلا شك علامة فارقة في تاريخ القانون الجنائي الدولي وخطوة أولى للتصدي للجرائم في سوريا”.
وأضاف، “للمرة الأولى، يتم التحقيق في منهجية التعذيب الذي تمارسه الدولة السورية وجرائم نظام الأسد التي تعامل معها المجتمع الدولي لعقود ومقاضاة مرتكبيها”.
واعتبر البيان أنه مع غياب عملية توثيق رسمية، تعمل منظمات المجتمع المدني على مراقبة المحاكمة ونشر تقارير عن كل جلسة استماع. غير أن التسجيل الصوتي فقط هو ما يمكن أن يسمح بتوثيق شامل وموضوعي لفهم أهمية المحاكمة ودوافع الأطراف المعنية بشكل كامل.
وأضاف الصحفي السوري والمدافع عن حقوق الإنسان، منصور العمري، في البيان، “من الضروري الحفاظ على المحاكمة للأجيال القادمة، خاصة بالنسبة لنا كسوريين. يمكن أن تشكل الإجراءات في ألمانيا أساسًا للتصدي للجرائم المرتكبة في سوريا، ولعمليات التعافي للأجيال القادمة وكذلك لتأسيس ذاكرة جمعية”.
محاكمات “كوبلنز” – كوبلنز هي بلدة ألمانية قديمة شهدت لأول مرة محاكمة مسؤولين أمنيين في النظام السوري متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.- المتهم الأول هو العقيد أنور رسلان، ويحاكم بتهمة بتعذيب أكثر من أربعة آلاف شخص بين عامي 2011 و2012 خلال ترؤسه “فرع الخطيب” التابع لإدارة “أمن الدولة” بدمشق. – أنور أيضًا متهم بـ58 تهمة بالقتل والاغتصاب والاعتداء الجنسي الجسيم. – المتهم الثاني إياد الغريب، وهو مسؤول أدنى رتبة من العقيد أنور رسلان، في إدارة مخابرات “فرع الخطيب” بدمشق، متهم بالمساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. – المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنز، أصدرت، في 24 من شباط، حكمها الأول في قضية الضابطَين، بالحكم على الغريب بالإدانة، والسجن لمدة أربع سنوات ونصف السنة بتهمة “جرائم ضد الإنسانية”. – استند المحققون بصورة خاصة إلى إفادات ضحايا عانوا من شروط اعتقال “لا إنسانية ومذلة”، بحسب القضاء، وتمكنوا من الوصول إلى أوروبا. |
تسجيلات للأجيال القادمة
وسبق أن كتب الصحفي منصور العمري، الذي يحمل ماجستير في القانون في العدالة الانتقالية، في عنب بلدي، أن المحكمة لم توثق المحاكمة بشكل كامل، أي أنه لا يوجد أرشيف حرفي لكل ما يدور في المحكمة، وهي فرصة ضائعة ويجب العمل لإصلاحها.
واعتبر العمري أن مثل هذه الوثائق ستكون ذات قيمة عالية في أي عملية انتقالية بالنسبة للسوريين لفهم ومعالجة آلة إبادة الدولة.
كما يمكن أيضًا استخدام هذه الوثائق الرسمية في الإجراءات القانونية بالمحاكم المحلية في سوريا بمجرد انتهاء الحرب، أو في المحاكم الدولية المستقبلية، واعتبر أن مثل هذا الأرشيف له قيمة أكاديمية عالية ليس فقط بالنسبة للسوريين ولكن للدول الأخرى، لأنه يوفر مصدرًا فريدًا للمعلومات للعلماء والمؤرخين والباحثين الآخرين في ممارسات إبادة الدولة.
كما أشار إلى وجود العديد من القضايا المماثلة الجارية الآن في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى وفي ألمانيا نفسها والتي تعتبر بدورها بحاجة إلى توثيق، إذ تعتبر قراءة سجلات المحاكمات السابقة وفهم السابقات القضائية أمرًا حيويًا للأنظمة القانونية.
و”تُظهر محاكمات أوشفيتز ومحاكمة ستامهايم والعديد من الدعاوى الجنائية الدولية أن توثيق مثل هذه المحاكمات التاريخية، من خلال التسجيلات الأصلية أيضًا، مساهمة قيمة للغاية في معالجة الماضي، وتعليم الأجيال القادمة ولأغراض بحثية طبعًا. إن تسجيل المحاكمة السورية له دور مماثل في الأهمية،” وفقًا لفلوريان جيسبرغر، أستاذ القانون الجنائي والتاريخ القانوني الحديث في جامعة هومبولت في برلين وأحد مقدمي الالتماس.
وبحسب البيان الصادر اليوم، يمكن أن يؤدي توثيق الإجراءات الجنائية وظيفة أساسية للمجتمعات ككل، تسهم في معالجة المظالم الممنهجة، لذلك تقوم جميع المحاكم الجنائية الدولية بتسجل إجراءاتها. في عام 2017، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (يونسكو) محاكمة أوشفيتز في “سجل ذاكرة العالم”.
قدم الالتماس من بين مجموعة أخرى من المنظمات والأكاديميين:
- البروفيسور الدكتور فلوريان جيسبرغر، كلية الحقوق، جامعة هومبولت في برلين
- منتدى التاريخ القضائي
- منصور العمري، صحفي سوري ومدافع عن حقوق الإنسان
- المركز السوري للعدالة والمساءلة
- المركز الدولي للبحث وتوثيق محاكمات جرائم الحرب، جامعة ماربورغ
- مؤسسة التدخل القانوني التابعة للمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان
- البروفيسور الدكتور موريتس فورمباوم، كلية الحقوق، جامعة مونستر
- رابطة عائلات قيصر
- محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش
- الأرشيف السوري
- المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
- معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط
- ألكسندرا كيميرر، معهد ماكس بلانك للقانون العام المقارن والقانون الدولي
- البرنامج السوري للتطوير القانوني
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :