ارتفاع أسعار مشتقات الألبان يدفع سكان القامشلي للاستغناء عنها
يكلّف شراء مادة اللبن في مدينة القامشلي 50 ألف ليرة سورية شهريًا (حوالي 15 دولارًا)، وعلى الرغم من اعتبار مشتقات الألبان مكونًا أساسيًا على موائد الإفطار الصباحية في المدينة، بدأت تغيب بسبب ثمنها المرتفع.
هذا ما قاله زكي الحسين، البالغ من العمر 50 عامًا، لعنب بلدي بشأن استغناء عائلته المكونة من خمسة أفراد عن مشتقات اللبن في غذائهم اليومي خلال حزيران الحالي، فتجهيز “مونة” الجبنة تكلفته 100 ألف ليرة (30 دولارًا)، في حين أنه دفع نصف هذا المبلغ العام الماضي لقاء نفس الكمية.
لكن لا يستطيع جميع سكان القامشلي الاستمرار في شراء اللبن والجبن، كما محمد عبد القادر (36 عامًا)، الذي قال لعنب بلدي، إنه يشتري حاليًا كيلوغرامًا واحدًا من اللبن كل أسبوعين، وفي بعض الأوقات صار شراء اللبنة الصناعية بديلًا على مائدة إفطارهم الصباحية.
ارتفاع مضاعف
ارتفعت أسعار مشتقات الألبان في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا بشكل ملحوظ خلال حزيران الحالي، حيث زاد سعر عبوة اللبن (1.5 كيلوغرام) بمقدار الضعف، من 1200 ليرة إلى 2500 ليرة (77 سنتًا)، وسعر الكيلو من جبنة الغنم من 4000 ليرة إلى 6500 ليرة (دولاران).
نتيجة ذلك، توقفت بعض “البقاليات” عن بيعها، بسبب قلة الربح، وفق ما أوضحه كلال محمد (45 عامًا) وهو صاحب متجر صغير لبيع المواد الغذائية في المدينة.
وأشار صاحب المتجر إلى أن سعر عبوة اللبن ارتفع من 1000 ليرة إلى 1500، ثم إلى 2000 ليرة، وأخيرًا خلال حزيران الحالي، استقرت الأسعار عند 2500 ليرة، وأحيانًا يكون بيع كيلوغرام اللبن الواحد بـ3500 ليرة (دولار واحد)، في حال كانت النوعية جيدة.
أسباب وراء رفع الأسعار
موسم الألبان والأجبان يبدأ في الشهر الرابع من كل عام، ويستمر وفيرًا عدة أشهر إذا توفرت للأغنام وحتى للأبقار مساحات جيدة من المراعي، لكن الجفاف في العام الحالي، نتيجة انحباس الأمطار، قلّص المراعي وأدى إلى غلاء الأعلاف، وفق ما قاله مربي الأغنام محمد المضحي، البالغ من العمر 55 عامًا، لعنب بلدي.
وقد عانت قطعان الأغنام في المحافظة من الجوع وانخفضت أوزانها، وبالتالي قلّت إنتاجيتها من الحليب، إذ يعتبر المادة الأساسية لصناعة الأجبان والألبان والزبدة والسمون العربية.
ومربو الأغنام كانوا يسوقون إنتاجهم بشكل يومي إلى مدن المحافظة الرئيسة، لكن في الوقت الحالي أصبح الشغل الشاغل لمربي الأغنام هو مساعدة قطيعهم على النجاة من الجوع، إذ هاجر أغلبهم إلى مناطق بعيدة عن المدن بحثًا عن الكلأ لمواشيهم.
انخفاض إنتاج الحليب وارتفاع سعره أثّر على سكان الأرياف بشكل سلبي أكثر من المدينة، كون العائلة الريفية تعتمد على مشتقات الألبان كوجبة صباحية طازجة وغنية كانت تعتبر رخيصة نوعًا ما، مقارنة بغيرها من الأصناف، على حد قول مربي المواشي محمد المضحي.
وهناك من فقد مصدر دخله نتيجة هذه الزيادة، فبعض العوائل كانت تعمل على تأمين مصروفها اليومي من بيع الحليب المنتج من قبل الماشية التي تملكها، سواء كانت أبقارًا أو أغنامًا أو ماعزًا، أو من خلال صناعة مشتقاته منزليًا وتسويقها، ومع ارتفاع أسعار الأعلاف ورفع سعر الحليب، لم يعد بمقدور الجميع شراء مشتقات الألبان، خصوصًا ذوي الدخل المحدود، فأُجبرت هذه العوائل على بيع ماشيتها نتيجة الخسائر التي تكبدتها.
وارتفعت أسعار مشتقات الألبان على الرغم من إعلان “هيئة الاقتصاد والزراعة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” افتتاح أول معمل لصناعة الأجبان والألبان في مناطق سيطرتها بمدينة المالكية، في 30 من أيار الماضي، بطاقة إنتاجية بلغت حوالي 15 طنًا من الحليب باليوم، “بهدف تغطية احتياجات المنطقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :