تحدثت وسائل إعلام سورية مقربة من النظام السوري عن مداهمة عشرات المستودعات لتجار وصفتهم بالكبار، وضبط بضاعة مهربة بقيمة 60 مليار ليرة سورية بتوجيهات من “رئاسة الجمهورية”.
وذكر صحيفة “الوطن” اليوم، الأحد 27 من حزيران، أن عملية مداهمة شملت رجال أعمال كانوا يعتقدون أنهم أبعد مما يكونون عن أي محاسبة، وفرض عليهم غرامات تجاوزت 242 مليار ليرة.
وأضافت الصحيفة أنه منعًا لأي وساطة أو تدخل صدرت توجيهات صارمة من “رئاسة الجمهورية” لضبط المواد المهربة وفرض سلطة القانون والملاحقة القضائية وتحصيل الغرامات المالية لمصلحة خزينة الدولة.
وشملت الحملة 40 مستودعًا كبيرًا موزعًا بين مدينة المعارض وجرمانا والكسوة والقدم وعدة مناطق في محيط العاصمة دمشق، وجرى ضبط حاويات بمرفأ اللاذقية ممتلئة بالبضائع المهربة التي تستنزف القطع الأجنبي وتؤثر في سعر صرف الليرة.
وبحسب الصحيفة المقربة من النظام السوري، تأتي هذه الإجراءات المتتالية والمستمرة وفق المعلومات المتداولة لفرض سيادة القانون على الجميع من دون استثناء وللسيطرة على سعر صرف الليرة السورية.
وأضافت الصحيفة أن الإجراءات من ضمن ما سبق وكشف عنه رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال ترؤسّه اجتماعًا للحكومة تحدث فيه عن إجراءات ستتخذ لدعم الليرة السورية، بعد كشف أساليب البعض لتهريب الدولار إلى الخارج وتهريب مواد إلى الداخل.
وفي كانون الثاني الماضي، نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، أن عناصر مكتب مكافحة التهريب صادروا بضائع في مدينة حلب، تقدر قيمتها بمئات ملايين الليرات السورية على أنها مهربة، مرتين في غضون شهر ونصف، آخرها في ليلة رأس السنة.
واقتاد العناصر أصحاب البضائع إلى العاصمة دمشق للتأكد من إجازات استيرادها النظامية وإجراء مصالحات معهم، ولم يعترفوا بالمواد العائدة إجازاتها إلى العام 2018 من دون مراعاة الظروف الموضوعية لمحافظة حلب، ما أدى إلى خلق حالة استياء عند تجار المدينة، بسبب طريقة التعامل معهم التي اعتبروها “غير اللائقة”.
وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حمّل التجار مسؤولية ارتفاع الأسعار، مهددًا بالتدخل بالقوة والعقوبات المشددة دون تردد في التعامل معهم، خلال اجتماع مع مجلس الوزراء نهاية آذار الماضي.
واعتبر الأسد حينها أن ارتفاع السعر وانخفاضه غير منطقي، وارتفاع سعر الصرف صباحًا لا يبرر ارتفاع الأسعار مساء، إذ إن تبرير ارتفاع الأسعار على فترة زمنية طويلة محددة كأسابيع أو أشهر ممكن، لكن لا يمكن تبرير أي ارتفاع حدث خلال ساعات.
كما اعتبر أن كل تاجر يستفيد خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة “لص”، لأن لديه مواد اشتراها بسعر صرف أقل و”سرق” المواطن بفارق السعر.
ويلقي النظام باللوم على التجار للتغطية على فشله في إدارة الأزمة الاقتصادية بالبلاد، بحسب محللين اقتصاديين التقت بهم عنب بلدي في وقت سابق، مع إصدار قوانين تفرض عليهم الأسعار التي سيبيعون وفقها، وتفرض عليهم غرامات ومخالفات تصل حد السجن في حال مخالفة أحكام هذه القوانين.
وكان الأسد أصدر في نيسان الماضي، المرسوم التشريعي رقم “8” لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك الجديد، الذي يضم 83 مادة تنظم أحكام البيع والتخزين والجودة والعقوبات، وتنظم عمل جمعيات حماية المستهلك، إلى جانب أحكام عامة.
ولطالما استخدمت حكومة النظام التجار والصناعيين، وفي فترة الحرب بشكل خاص، “شماعة” لتعليق كل إخفاقاتها عليهم، وهذا أمر سهل بالنسبة لها، بحسب حديث سابق للدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار.
ويعتمد التجار في سوريا على أسعار الصرف في السوق السوداء، بسبب الفوارق مقارنة بسعره الرسمي، وبذلك يتحكمون في أسعار المنتجات التي ينعكس غلاؤها على المواطن وقدرته الشرائية.