لماذا استجابت “قسد” لمطالب متظاهري منبج

  • 2021/06/27
  • 9:13 ص

عناصر من "قسد" - 23 من آذار 2021 (AFP)

عنب بلدي- علي درويش

تصدّر التجنيد الإجباري المفروض من قبل “الإدرة الذاتية” في شمال شرقي سوريا أبرز المشكلات لدى الأهالي العرب والكرد على حد سواء، في مختلف مناطق سيطرة “الإدارة”، ما أدى إلى خروج مظاهرات رافضة له خاصة في المناطق ذات الأغلبية العربية.

شهدت مدن وبلدات محافظتي الرقة ودير الزور سقوط قتلى وجرحى خلال الاحتجاجات الرافضة للتجنيد، برصاص “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوى الأمن الداخلي (أسايش).

وعلى الرغم من سقوط قتلى وجرحى في دير الزور والرقة، والضغط الشعبي المتواصل، لم تستجب “الإدارة” لأي مطالب تتعلق بإلغاء التجنيد، أو إعفاء شرائح اجتماعية معيّنة كالعاملين في المجال الصحي والتعليمي.

لكن في منبج أُوقفت حملة التجنيد الإلزامي، وأُحيل الأمر إلى “الجهات المختصة” لإعادة النظر في القانون، بحسب ما جاء في البيان المشترك لـ”المجلس العسكري” لمدينة منبج وريفها شرقي حلب و”الإدارة” و”وجهاء وشيوخ العشائر في مدينة منبج”، في 24 من حزيران الحالي.

التنظيم وجغرافية المدينة

الباحث السياسي حسن النيفي المنحدر من مدينة منبج، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن “كثرة المتنافسين على منبج تجعل حكومة (قسد) حريصة على الاستجابة للمطالب أملًا في احتواء الحراك”، وعدم إعطاء بقية القوى فرصة الدخول إليها وقطع الطريق عليها.

فمنبج المدينة الوحيدة الواقعة غرب الفرات وتسيطر عليها “قسد”، وهي محاطة بقوات عسكرية للأطراف الأخرى.

ويوجد “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في الجهة الشمالية الغربية من المدينة، ونقاط التماس بين “الجيش الوطني” و”قسد” متقاربة.

أما من الجهة الجنوبية والغربية للمدينة فتنتشر قوات النظام، التي تبعد 15 كيلومترًا من الجنوب و20 كيلومترًا من الغرب.

ويضاف إلى الأهمية الجغرافية للمدينة سرعة انتشار المظاهرات في منبج وأريافها، وبمجرد خروج الاحتجاجات في المدينة، شهدت أريافها نفس الحالة الاحتجاجية.

كما أن الحراك اتخذ طابعًا تنظيميًا “مقبولًا إلى حد ما”، نتيجة التنسيق بين العشائر والكيانات القائمة على الحراك، “ما جعله أشد تماسكًا”، حسب النيفي.

ولفت الباحث في مركز “جسور للدراسات” أنس شواخ إلى أن منبج كان لها وضع خاص في مسألة تطبيق قانون التجنيد الإلزامي كما يطبق على بقية مناطق سيطرة “الإدارة”.

وحاولت “قسد” فرض القرار سابقًا في منبج إلا أنه قوبل بإضراب عام في المدينة.

وقال الباحث أنس شواخ لعنب بلدي، إن لمنبج حسابات خاصة إقليمية، إذ كانت هناك وعود أمريكية بسحب عناصر حزب “العمال الكردستاني” من المدينة بعد السيطرة عليها من يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، إلا أن “قسد” التفت على الأمر ولم تنفذ ذلك.

كما أن لمنبج وضعًا داخليًا ومحليًا خاصًا، ولا تزال هناك كتلة كبيرة من أبناء منبج داخل “مجلس منبج العسكري” التابع لـ”قسد”، ومعظم عناصره كانوا مقاتلين سابقين في “الجيش الحر”، ما يجعل “قسد” ضمن إطار التخوف من انشقاقهم عنها، حسب شواخ.

وكانت “قسد”، بدعم “التحالف”، سيطرت على منبج في آب 2016، ما قابله تأكيد تركيا نيتها طرد هذه القوات من المدينة.

وفي آذار 2017، قال وزير الدفاع التركي السابق، فكري إشيق، إن “أولوية تركيا هي تحرير مدينة منبج، وننتظر من التحالف الدولي، وفي مقدمته أمريكا، الالتزام بوعوده”.

كما أن “تركيا تنتظر انسحاب عناصر (PYD) و(PKK) من غرب نهر الفرات. هذا ما تعهدت به أمريكا لتركيا، وننتظر تنفيذ هذا التعهد بأقرب وقت”.

“قسد” المترددة في الاستجابة

“ما حصل في منبج من مظاهرات واستجابة (قسد) لها، يعطي دافعًا لأهالي بقية المناطق للتعبير عن سخطهم ومطالبهم والاحتجاج على أي من سياسات (قسد) وقراراتها، وما حصل تجربة ناجحة رغم سقوط قتلى”، وفق الباحث أنس شواخ.

وأضاف شواخ أن “قسد” تعي الأمر، وهي ترددت في الاستجابة وحاولت المماطلة، وقرارها الأخير لم نتأكد من جديته، فـ”قسد” أوقفته ولم تلغِه أو تجرِ تعديلًا عليه.

وسنّت “قسد” منذ العام 2014 قوانين فرضت التجنيد الإجباري على الشباب بين 18 و30 عامًا، في مناطق سيطرتها الممتدة على معظم محافظة الحسكة وأجزاء واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور ومدينتي كوباني (عين العرب) ومنبج.

وتنتشر الحواجز الأمنية في مختلف مناطق سيطرة “قسد” لإيقاف أي شخص يمكن أن يشمله قانون التجنيد.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا