درعا- حليم محمد
يرافق ألم الأسنان مريم المحمود من ريف درعا منذ شهور، ولا قدرة لها على إصلاح أسنانها، ولذلك تعتمد على المسكنات في تهدئة الألم، ولكنه “يتفاقم” كلما تأخرت في علاجها.
طلب الطبيب المعالج مبلغ 100 ألف ليرة ليرة سورية (30 دولارًا) للسن الواحدة، بحسب ما قالته مريم لعنب بلدي، إذ تبلغ تكلفة صناعته 70 ألفًا، تُضاف إليها 30 ألف ليرة تكلفة العلاج.
وتحتاج مريم إلى علاج ست أسنان بتكلفة 600 ألف ليرة سورية (185 دولارًا)، وهو مبلغ يفوق طاقتها المالية، مفضلة تحمل الألم على دفع هذا المبلغ، بحسب ما أضافته.
كمريم، لا يستطيع عبد الكريم، وهو موظف في مديرية الري من سكان درعا، تحمل تكلفة العلاج من مرتبه الشهري، ولذلك ينتظر حوالة من ابنه المغترب لإصلاح أسنانه.
يكلّف علاج السن الواحدة راتب موظف لشهرين، بحسب ما قاله عبد الكريم لعنب بلدي، والطبيب يريد المبلغ كاملًا قبل الانتهاء من العلاج، لذلك ينتظر حوالة من ابنه لعلاج ثماني أسنان.
الدولار يتحكم بأجرة العلاج
ارتفعت تكاليف علاج الأسنان في درعا بالتزامن مع تدني الأجور، وانخفاض مستوى المعيشة، كما أن صناعة الأسنان ترتبط بتقلبات الدولار لاستيراد موادها الأولية.
مخبري تصنيع أسنان في درعا (طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية)، أوضح لعنب بلدي أن تكلفة صناعة الأسنان ترتفع وتنخفض متأثرة بتقلبات الدولار، لأن المواد الأولية في صناعتها مستوردة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار معدات التصنيع والأجور وغيرها.
وقال إن سعر السن يختلف باختلاف المادة المصنوعة منها، إذ يبلغ سعر سن “الزيركون” 100 ألف ليرة سورية، بينما تبلغ تكلفة سن “الخزف” 70 ألفًا، وتكلف زراعة السن الواحدة 250 دولارًا.
غلاء تكاليف علاج الأسنان وعدم تقيّد الأطباء بتسعيرة نظامية، دفع نقيب الأطباء في سوريا، زكريا الباشا، في حديث إلى صحفية “الوطن” المحلية، في 28 من كانون الأول 2020، للمطالبة بتنظيم عقد بين المريض والطبيب حرصًا على عدم وقوع غبن لأي من الطرفين.
وينظّم هذا العقد الأجر، ومن خلاله يستطيع المريض تقديم شكوى قضائية في حال أخلّ الطبيب بالعقد المبرم.
وقال الباشا، إنه لا يمكن وضع تعرفة موحدة لصناعة الأسنان، لاختلاف نوع المواد التي تُحضّر منها، إنما من الممكن وضع حد لأجور عمل الطبيب في العلاج فقط.
تخوف من العدوى بـ”كورونا”
إلى جانب ارتفاع التكاليف، أثّر تفشي جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) على إقبال السكان على العلاج خوفًا من انتقال العدوى في العيادات الطبية.
ولذلك يتخوف نبيل (38 عامًا)، من سكان ريف درعا الغربي، من زيارة الطبيب، على الرغم من بيعه عجلًا من مواشيه التي يربيها ليعالج أسنانه، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
“رغم تأمين مبلغ العلاج، أتخوف من انتقال فيروس (كورونا)، لذلك أجّلت العلاج لفترة امتدت خمسة أشهر تقريبًا”، أضاف نبيل.
ويوجد في كل عيادة طبيب أسنان جهاز تعقيم حراري، وأطقم متعددة لأدوات العلاج، ولكن يبقى التخوف من انتقال الفيروس من الأجهزة التي لا تُعقّم، أو من الطبيب، لذلك يحرص الأطباء على ارتداء الكمامة، وتعقيم كرسي العلاج ونقع بعض الأدوات بمحلول كيميائي.
الطبيب محمد المحمد، أحد الأطباء العاملين في مدينة درعا، أوضح لعنب بلدي أن من أسس الوقاية تعقيم الأسطح، وارتداء الكمامة، وعدم تجمع عدد كبير من المراجعين في غرفة الانتظار.
ويقع تطبيق هذه الإجراءات على عاتق الطبيب أو كادر العيادة، بحسب الطبيب، الذي أوضح أنه من الممكن أن تنتقل الجائحة أيضًا من المراجعين إلى الطبيب أو بالعكس.
وفي حال ظهور أعراض سعال ووهن وحرارة مرتفعة وضيق بالتنفس، يجب اتخاذ الحجر الذاتي وسيلة مبدئية ومراجعة طبيب مختص فورًا.
وبلغ عدد الإصابات بفيروس “كورونا” في محافظة درعا 1320 إصابة، شُفي منها 1200 شخص، في حين تُوفي 64، حسب بيانات وزارة الصحة في حكومة النظام السوري، حتى تاريخ 24 من حزيران الحالي.