إبراهيم رئيسي وبشار الأسد
إبراهيم العلوش
هل سيعود إبراهيم رئيسي بالمنطقة إلى عهد قاسم سليماني أم أنه مجرد واجهة لصراعات إيرانية داخل نظام الملالي؟
يعتبر إبراهيم رئيسي العنوان المستجد في المنطقة بعد إقصاء الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي كان أقل تشددًا من بقية القادة الإيرانيين، فرئيسي الذي انتُخب في 18 من حزيران الحالي، يعتبر من رجال الدين المتشددين، وقد اختير من قبل المرشد الإيراني، علي خامنئي، الذي أسهم بإقصاء الأجنحة الأقل تشددًا في إيران وتمهيد الطريق أمام صديقه رئيسي، باختيار سبعة مرشحين متشددين من ضمن حوالي خمسمئة مرشح تم إقصاؤهم من قبل لجان النظام الإيراني المتشددة، ومجالسه التي تتبع للمرشد خارج عملية الانتخاب الكاملة، مثل مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور ومجلس صيانة مصلحة النظام، وغيرها من المجالس التي تكرس في أغلبيتها نظام الملالي.
إبراهيم رئيسي كان يرأس القضاء الإيراني، وقبلها كان عضوًا في “لجنة الموت” التي أعدمت آلاف الإيرانيين بعد انتهاء الحرب العراقية- الإيرانية عام 1988 لترسيخ حكم الملالي في إيران، الذي يقوم اليوم بالتدمير الشامل لموارد المنطقة العربية، ورغم أنه لم ينل تعليمًا رسميًا أكثر من شهادة المرحلة الإعدادية، فإنه ترفّع بشكل صاروخي ضمن مناصب دولة الملالي، فقد حاز شهادة الدكتوراه في العلوم الدينية التي يمنحها رجال الدين لتلامذتهم، وتسلّم منصب مدير قبر الإمام الرضا والمؤسسة الخيرية الثرية التابعة له، والتي تقدر إيراداتها بالمليارات، ومقرها في مدينة مشهد الإيرانية، وقد خص إبراهيم رئيسي المدينة بخطابه الأول بعد فوزه بالرئاسة، وردد منها شعاراته المتشددة.
وأكد رئيسي عدم تخليه عن نظام بشار الأسد و”حزب الله”، اللذين يخدمان المصالح الإيرانية وأهدافها التي تعتمد الهيمنة على العالم العربي، وفتح الممرات البرية فيه ضمن مشروع الهلال الشيعي الذي صار علنيًا هذه الأيام، بعدما ظل طي التستر عشرات السنين سابقًا، والذي يمتد من إيران إلى شمال العراق ومن البوكمال السورية إلى دمشق وبيروت، حيث تحلم إيران بالسيطرة على سوريا ولبنان وبالامتداد إلى الأردن، بحجة تحرير القدس، ولعل السفينتين “مكران” و”سهند” المدججتين بالأسلحة، واللتين تعبران حاليًا من رأس الرجاء الصالح إلى سوريا، ستوردان إلى نظام الأسد صواريخ قد تصل إلى السعودية، كما قالت وكالات المخابرات الأمريكية التي تتابع مسير السفينة والفرقاطة التي تحميها، ولم تحدد الجهات الدولية بعد الهدف النهائي لشحنة الأسلحة الإيرانية النوعية، هل هي لسوريا أم ستتجه فجأة إلى فنزويلا ضمن المخططات الدونكيشوتية لـ”الحرس الثوري الإيراني” الذي يحلم بالوصول إلى كل أنحاء العالم!
من المحتمل أن يكون رئيسي هو الخليفة المنتظر للمرشد الإيراني، فمن الأعراف الإيرانية أن يكون المرشد قد تسلّم منصب رئيس الجمهورية قبل تسلّمه منصب المرشد الذي يعتبر أكبر منصب في دولة الملالي، حيث يقود الجيش ويقيل الحكومة ويقيّد تعيين المسؤولين والمرشحين، وتعود إليه قرارات الحرب التي تخوضها إيران بضراوة منذ 40 عامًا ضد شعوب المنطقة.
في صعود إبراهيم رئيسي يبرز اللغز، هل إبراهيم رئيسي الذي ليست لديه خبرات سياسية وغير المؤهل تعليميًا وسياسيًا سيكون مجرد واجهة للصراعات الإيرانية الداخلية بين “الحرس الثوري” والدولة الإيرانية، أو بين “الحرس الثوري” ورجال الدين الذين يمثلهم رئيسي، فقد أقصى رئيسي أحد القادة السابقين لـ”الحرس الثوري” وهو محسن رضائي المرشح لرئاسة الدولة، وفاز عليه بفارق كبير. وهل إصرار المرشد على اختيار رئيسي واستبعاد المعتدلين من الترشح إلى أحد أكبر المناصب هو إعلان بأن دولة الملالي تنغلق على نفسها بشكل تام، وترفض أي قبول لمن هم أقل تشددًا بعد العقوبات الأمريكية عليها، وبعد الاختناق الاقتصادي الذي تسببت به هذه العقوبات التي قد تفرز في المرحلة المقبلة انتفاضات جديدة ضد حكم الملالي، مثل “الانتفاضة الخضراء” عام 2009 وغيرها التي هزت حكم رجال الدين المتحالف مع “الحرس الثوري”!
أسئلة كثيرة يثيرها انتقاء المرشد علي خامنئي لإبراهيم رئيسي وإصراره على فوزه بالانتخابات، التي كانت الأقل إقبالًا من قبل الجمهور الإيراني منذ بداية حكم رجال الدين، ولكن بالنسبة لنا كسوريين، فإن النهج المتشدد لإيران في سوريا سيستمر، وسيكون بشار الأسد بخدمة هذا التوجه باعتباره يعمل لمصلحة إيران وروسيا رغم مناوراته التي يحاول التخلص فيها من أحد البلدين عبر محاولات تمتين الجسور مع إسرائيل الحريصة على استمرار نظام بشار الأسد في تدمير سوريا، أسوة بالروس وبالإيرانيين، الذين ينفذون هذا التوجه على الأراضي السورية، ولكن قبضة إيران وسيطرتها على ميليشيات “الشبيحة” والميليشيات الأجنبية ستجعل بشار الأسد أسيرًا لديها حتى لو دعمه الروس والإسرائيليون.
فإيران بعد انتخاب إبراهيم رئيسي قد تعود بالمنطقة إلى أيام قاسم سليماني وتوجهاته المتشددة ضد السوريين، وسيعود الحلم الإيراني في سوريا إلى قوته بعد التخفيف المحتمل للعقوبات الأمريكية على إيران، وبعد الإفراج عن مليارات الدولارات المحتجزة فور التوقيع الوشيك على الاتفاق الإيراني- الأمريكي للعودة إلى اتفاق “5+1″، الذي كرّس إيران كقوة إقليمية تعيث تدميرًا في المنطقة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :