قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، اليوم الخميس، 24 من أيار، إن وفدًا أمريكيًا يزور تركيا لمناقشة اقتراح بقاء القوات التركية في أفغانستان، لضمان أمن مطار كابول بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي “ناتو” من الحرب.
ولفت أكار إلى وجود قوات تركية غير مقاتلة في أفغانستان منذ ست سنوات لحماية مطار كابول، موضحًا أن بلاده لا تفكر حاليًا في زيادة عدد جنودها هناك.
MİLLÎ SAVUNMA BAKANI HULUSİ AKAR: “(Kabil’deki havalimanının işletimi) ABD teknik heyeti bugün Bakanlığımıza geldi. Görüşmelerimiz başladı, devam ediyor. Şu an için alınmış bir karar yok. Mevcut personelimizin dışında bölgeye giden personelimiz de bulunmamaktadır.” pic.twitter.com/XVCmImB2H9
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) June 24, 2021
ووفقًا لما ذكرته وكالة “الأناضول” التركية، فإن أنقرة تدير العمليات العسكرية واللوجستية في مطار كابول كجزء من مهمة الدعم الحازم التي يقودها “الناتو” هناك.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناقش مع الرئيس الأمريكي جو بايدن قضية البقاء التركي في أفغانستان على هامش قمة حلف شمال الأطلسي التي انعقدت في بروكسل في 16 من حزيران الحالي.
وفي آذار الماضي أعرب المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” التركي، عمر جيليك، استعداد بلاده للمشاركة في أي وساطة لإحلال السلام في أفغانستان.
المبادرة التركية لاقت قبول الحكومة الأفغانية، وجرى التحضير لإقامة مؤتمر اسطنبول بشأن أفغانستان، بتنسيق مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، الذي زار اسطنبول في الشهر نفسه.
كما أعلنت الخارجية التركية في 13 من نيسان الماضي، انعقاد مفاوضات السلام الأفغانية في اسطنبول بين 24 من نيسان و4 من أيار، قبل أن يعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في الشهر نفسه، تأجيل المؤتمر إلى ما بعد شهر رمضان، بسبب عدم وضوح تشكيل الوفود المشاركة.
ومن المقرر أن يفتتح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان المؤتمر حين انعقاده، بمشاركة وفدين أفغانيين، وثلاث منظمات دولية، و21 دولة من بينها قطر، التي انعقد على أرضها اتفاق السلام بين الولايات المتحدة و”طالبان” في شباط 2020.
كابول مهدّدة
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، تقريرًا يتحدث عن موعد تقريبي لانهيار محتمل للحكومة الأفغانية أمام تقدّم قوات حركة “طالبان” في أفغانستان.
واعتمدت الصحيفة فيما نشرته اليوم الخميس، 24 من حزيران، على تقارير استخباراتية أمريكية بيّنت أن حكومة أفغانستان يمكن أن تنهار بعد ستة أشهر من الانسحاب العسكري الأمريكي من البلاد، وفقًا لما نشرته الصحيفة عن مسؤولين لم تسمهم، لكنها قالت إنهم على دراية بالتقييم الجديد.
وتواصل قوات “طالبان” تقدّمها العسكري في أفغانستان منذ إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن في 14 من نيسان الماضي، عن جدول زمني لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.
وبدأ سحب القوات الأمريكية من أفغانستان منذ 29 نيسان الماضي، وفقًا لتصريحات صحفية أدلت بها نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، لتعلن أن عملية سحب القوات الأمريكية بدأت بشكل رسمي، ومن المفترض أن تنتهي بحلول أيلول المقبل.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي، جو بايدن، برئيس الحكومة الأفغانية، أشرف غني، في 25 من حزيران الحالي لمناقشة مواصلة الدعم الأمريكي لأفغانستان، والذي يمكن أن يستمر لعامين بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي.
ووفقًا لما نقلته الصحيفة عن محللين في المخابرات ومسؤولين عسكريين أمريكيين، فإن حكومة أفغانستان وعاصمتها كابول قد تسقط خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر وسنة كاملة من مغادرة القوات الأمريكية.
وأعلنت حركة “طالبان” أمس الأربعاء، عن ما اعتبرته “انتصارها الواضح” هذا الشهر، كما وعدت من يلقي سلاحه من القوات الأفغانية بالعودة إلى دياره، وأن الذين ينبذون حكومة كابول يمكن أن يستمروا في عيش حياتهم في المناطق المحررة بثقة.
تقدّم طالبان
في 21 من حزيران سيطرت قوات “طالبان” على قضاء “بلخ” التابع لمدينة مزار شريف شمالي أفغانستان لتسيطر بذلك على أكثر من 30 منطقة خلال الشهرين الأخيرين.
كما تسيطر طالبان على مساحة تتراوح بين 50 و70% من مساحة البلاد باستثناء مراكز المدن، بحسب الأمم المتحدة.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن سلطات محلية في أفغانستان أن قوات طالبان تسيطر على أكثر من 130 قضاءً من إجمالي 407 أقضية في عموم البلاد، متضمنة مراكز المدن، بينما تخضع مراكز المدن الأفغانية الـ34 لسيطرة القوات الأفغانية.
اتفاق الدوحة
وقعت الولايات المتحدة مع “طالبان” في 29 من شباط 2020، اتفاق سلام ينهي حربًا عمرها عشرين عامًا بين الجانبين.
ونص الاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرًا، وتخفيض عدد القوات الأمريكية إلى ثمانية آلاف و600 شخص خلال 135 يومًا من تاريخ الاتفاق.
ووفقًا للاتفاق تقرر سحب القوات الأمريكية وحلفائها والتحالف جميع قواتهم من خمسة قواعد عسكرية في غضون 135 يومًا، بالإضافة لإزالة العقوبات الأمريكية عن أفراد “طالبان” في شهر آب من العام نفسه، وإطلاق سراح آلاف السجناء المحتجزين لدى طالبان والقوات الحكومية.
وبموجب الاتفاق حصلت واشنطن على ضمانات بعدم استخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي فرد أو جماعة ضد أمن الولايات المتحدة، وتعهدت “طالبان” بالانخراط في مفاوضات مع الحكومة الأفغانية في آذار من العام نفسه، لكن تلك المفاوضات لم تسفر عن أي نتائج.
تحذيرات سابقة
أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) في تشرين الثاني 2020، إشعارًا للقادة، يعرف باسم “أمر تحذير” للتخطيط لخفض القوات الأمريكية إلى 2500 جندي فقط في أفغانستان، ومثلهم في العراق، بحلول 15 كانون الثاني من العام نفسه، وفق ما نقلته “CNN“.
وكان الأمين العام لقوات حلف شمال الأطلسي، جينس ستولتنبرغ، حذّر من أن أي انسحاب سابق لأوانه قد يكون خطيرًا للغاية، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.
وقال ستولتنبرغ، “قد يكون ثمن المغادرة في وقت مبكر جدًا أو بطريقة غير منسقة باهظًا للغاية (…) ويمكن لداعش إعادة بناء الخلافة في أفغانستان، بعدما فقدتها في سوريا”.
كما حذّر زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور ميتش ماكونيل، من سرعة انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، معتبرًا أن خطوة كهذه قد تهدي “نصرًا دعائيًا عظيمًا للحركات الإسلامية المتطرفة”، بحسب تعبيره.
ما هي “طالبان”؟
تعتبر حركة طالبان من أبرز الحركات الجهادية في العالم بعد تحالفها مع تنظيم “القاعدة” بقيادة أسامة بن لادن.
و”طالبان” حركة إسلامية سنية سياسية يصفها معارضوها بـ”المتطرفة”، وتسمّي نفسها “إمارة أفغانستان الإسلامية”، ولا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة.
أسس الحركة عام 1994، الملا عمر، واسمه الكامل عبد المجيد محمد عمر، من مواليد 1959، في إحدى قرى قندهار، شارك في قتال الاتحاد السوفييتي عندما كان عمره 19 عامًا، وساعد على تجنيد الشباب لتتبلور “الدعوة” وتتكون حركة طالبان (الطلاب بالأفغانية) فيما بعد.
الملا عمر كان من أبرز المطلوبين للولايات المتحدة الأمريكية على خلفية تفجيرات 11 أيلول 2001، لكنه اختفى كليًا عن الإعلام بعد اجتياح أفغانستان من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العام ذاته، وبعد توليه سدة الحكم في البلاد لخمسة أعوام.
حكمت “طالبان” أجزاء كبيرة من أفغانستان، وسيطرت على العاصمة كابول عام 1996، لكن نفوذها انحسر وخسرت كثيرًا من مناطق سيطرتها بعد اجتياح البلاد.
ودخلت الولايات المتحدة إلى أفغانستان في تشرين الأول 2001، للإطاحة بحكم “طالبان”، متهمةً إياها بإيواء أسامة بن لادب، وشخصيات أخرى من تنظيم “القاعدة” مرتبطة بهجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة.
وفي حزيران 2015، كشفت مصادر أفغانية لوكالة “الأناضول” عن مقتل مؤسس حركة طالبان، الملا محمد عمر، دون معلومات إضافية عن تاريخ وكيفية مقتله.
وعقدت الحكومة الأفغانية مؤتمرًا صحفيًا قالت فيه إنها تحقق في تقارير حول وفاة زعيم طالبان، في حين نقلت وكالة “رويترز” عن أحد الدبلوماسيين الذين لم تسمهم أن الملا عمر توفي قبل عامين.
وخلال العامين الماضيين طرأت تغيرات على سياسة الحركة، فتبنت لغة الحوار، كما افتتحت مكتبًا سياسيًا في العاصمة القطرية الدوحة، منذ عام 2013.
وتعتبر الحرب الأمريكية في أفغانستان أطول حرب خارجية تقودها واشنطن.