طلال البرازي.. حقنة بنج أمام التدهور المعيشي في سوريا

  • 2021/06/24
  • 6:33 م

يعتبر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، طلال البرازي، القناة التي يمرر عبرها النظام السوري تبريراته للوضع المعيشي الذي تشهده مناطق سيطرته.

وفي 16 من حزيران الحالي، ظهر البرازي على شاشة قناة “الفضائية السورية” الحكومية، بعد قرار أثار الجدل، صدر عن وزارته، وشرعن بيع “أشباه الأجبان والألبان”، وهي الألبان والأجبان المصنوعة بمواد صناعية، كالحليب المجفف والزيت النباتي غير المهدرج، لسد ثغرة غياب قدرة المواطن على شراء المنتج الأصيل المصنوع من المواد الأولية الطبيعية.

وتسبب الجدل الذي أثاره القرار باعتباره “غشًا قانونيًا” كما يراه مواطنون سوريون، بتعليق العمل بالقرار بهدف “التوسع بدراسته مع الجهات المعنية ذات العلاقة”، بحسب تصريحات البرازي.

رجل “تحدٍ وصمود”

تقود الوزارة التي يرأسها البرازي مجموعة من الإجراءات التي تسعى لإشعار المواطن بأن الحكومة تسعى لضبط الأسعار، محملةً أعباء ومسؤولية الوضع المعيشي لجشع التجار والاحتكار وغيرها من الأسباب.

وفي كانون الثاني، أصدرت وزارة التجارة الداخلية قرارًا ينص على تشكيل لجان تحديد الأسعار في المحافظات لضبط عملية التسعير.

وحدد القرار مهام اللجان بإصدار جداول تسعير دورية “كلما اقتضت الحاجة”، للمواد الضرورية الغذائية وغير الغذائية المنتجة محليًا، بالنظر إلى أسعار المواد والسلع المحددة بشكل مركزي من الوزارة، أو بشكل مكاني من مديريات التجارة الداخلية وحملة المستهلك في المحافظات، وفقًا لما نقلته صحيفة “الثورة” الحكومية.

وبعد تعيينه وزيرًا للتجارة الداخلية، زار البرازي غرفة تجارة دمشق في حزيران 2020، لتكون هذه الزيارة أول مبادرة لوزير تجارة يزور غرفة تجارة دمشق دون طلب أعضاء الغرفة مقابلته، لكن الهدف من الزيارة حث التجار على المشاركة في حل المشكلات الاقتصادية، والتأكيد على أهمية “دور التاجر في مساندة مؤسسات الدولة بما يحمله من قيم وخبرة ودعم”، بحسب قوله.

البرازي خلال الزيارة دعا التجار إلى التضامن وبيع البضاعة برأس مالها لمدة ثلاثة أشهر، أو تقديم مبادرات، كما حث التجار على “التحدي والصمود عبر المبادرات”، مشيرًا إلى أن سعر الليرة سيتحسن إذا تم “تجاهل سعر الصرف والتركيز على العمل”.

دعوات البرازي تزامنت مع ضائقة مالية حادة وأزمة اقتصادية أدت إلى تدهور قيمة العملة المحلية، ووصول سعر صرفها أمام الدولار إلى مستويات منخفضة لم يعهدها السوريون من قبل، إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي نحو ثلاثة آلاف ليرة سورية في تلك الفترة، بتأثير عدة عوامل، أهمها أزمة المصارف اللبنانية، كون لبنان يعتبر الحديقة الخلفية اقتصاديًا للنظام.

نشاط البرازي ودعوات الصمود والتحدي التي أطلقها لاستجرار دعم التجار، ضمنت له البقاء في مقعده الوزاري حين أصدر النظام المرسوم رقم 221 لعام 2020، في آب من العام نفسه، والذي أجرى بموجبه تعديلًا وزاريًا حافظت خلاله الحقائب السيادية على الأسماء ذاتها، بما فيها طلال البرازي.

لكن هذه الدعوات لا تتعدى الظهور الإعلامي له، إذا لا تنعكس بشكل إيجابي على ضبط الأسواق وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

وفي 16 من تشرين الأول 2020، أدرج مجلس الاتحاد الأوروبي، الوزير البرازي، على قائمة العقوبات الأوروبية، مع ستة وزراء آخرين، جرى تعيين معظمهم بموجب المرسوم (رقم 221 لعام 2020)، القاضي بتسمية وزراء الحكومة الجديدة برئاسة حسين عرنوس، أواخر آب 2020.

العقوبات الأوروبية التي مددها مجلس الاتحاد الأوروبي حتى تشرين الأول 2021، تسمح بفرض تدابير وقائية على أشخاص وكيانات مشاركة في تطوير الأسلحة الكيماوية، وتستهدف الشركات ورجال الأعمال البارزين المستفيدين من علاقاتهم مع النظام السوري واقتصاد الحرب.

البرازي قادمًا من محافظة حمص

في 17 من تموز عام 2013، عيّن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، طلال البرازي، محافظًا لحمص، خلفًا لـ أحمد منير المحمد، ليبقى في هذا المنصب نحو سبع سنوات عاشت خلالها محافظة حمص ظروفًا أمنية واجتماعية غاية في الصعوبة.

وخلال توليه منصب المحافظ، شهدت حمص جملة متغيرات، أدت بمجملها إلى انحسار نفوذ المعارضة الكبير في المدينة، كخسارة أحياء الخالدية وجورة الشياح والقصور، ومن ثم خروج المعارضة النهائي من أحيائها القديمة في أيار 2014.

وتخللت هذه السنوات السبع مطالبات شعبية نادت بإسقاطه، على خلفية التفجيرات المتوالية التي شهدتها المدينة، والتي حمل الأهالي مسؤوليتها للمحافظ البرازي.

وفي عام 2016، طُرد البرازي من حي الزهراء ذو الحاضنة الشعبية الموالية للنظام السوري، على خلفية غضب الأهالي جراء تفجيرات ضربت الحي، وأسفرت عن نحو 50 قتيلًا، وفق ما ذكره موقع “السورية“.

ومع توالي التفجيرات على حمص بين عامي 2014 و2016، رغم عودتها عام 2014 إلى “حضن الوطن”، زادت المطالبات برحيل البرازي أمام الفوضى الأمنية والتفجيرات في الأحياء الموالية ضمن كبرى مدن سوريا.

لكن النظام استثنى البرازي من تغيير بعض المحافظين عام 2014، وأبقاه في منصبه، في حادثة اعتبرها موقع “MiddleEastEye” رفض لإظهار الضعف والاستجابة من قبل النظام، ما قد يفتح الباب أمام مزيد من المطالبات بالتغيير.

وخلال تولي البرازي لقيادة محافظة حمص جرى تهجير أبناء أحياء حمص القديمة إلى الريف الشمالي من حمص، خلال اتفاق شاركت به الأمم المتحدة بحضور روسي إيراني، توصل إلى تهجير الأهالي في حملة كانت الأولى بتاريخ الثورة السورية.

وفي تشرين الثاني عام 2018، كرّمت جماعة “حزب الله” اللبنانية، طلال البرازي، بحضور كل من عضو “كتلة الوفاء للمقاومة”، النائب إيهاب حمادة، ورئيس المجلس السياسي في “حزب الله”، إبراهيم أمين السيد، ومدير مديرية العمل البلدي للحزب في البقاع، حسين النمر، وذلك خلال احتفال أقامته في منطقة الهرمل اللبناني لتكريم البرازي بسبب ما وصفته بـ”دوره في العناية باللبنانيين داخل الأراضي السورية”.

من طلال البرازي؟

ولد طلال محمد سطام البرازي، في مدينة حماة عام 1963، وهو متزوج وأب لطفلة واحدة.

وينحدر من عائلة حموية عريقة، ولديه صلات قرابة بحسني ومحسن البرازي، رئيسا الحكومة السورية الأسبقين.

ونال إجازة في الاقتصاد، دبلوم إدارة أعمال، وحقق عدة نجاحات في القطاع الخاص، وشارك بتنظيم العديد من المعارض والمؤتمرات في عدد من العواصم العربية، في مجالات تطوير الاستثمار.

البرازي رجل أعمال، ومالك عدة شركات ومؤسسات في الإمارات وسوريا، وكان أسس مجموعة “طلال البرازي الدولية” عام 1997، والتي تضم دمشق الدولية للإنتاج الفني، مؤسسة طلال البرازي للمعارض والمؤتمرات، مؤسسة البرازي للمقاولات، شركة الوكالة الوطنية للعلاقات العامة والتواصل، شركة البوادي للمقاولة والإكساء، شركة سما دمشق للسياحة والاصطياف، وغيرها.

وفي أيار 2020، عيّنه الأسد، وزيرًا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، خلفًا لعاطف النداف، بموجب المرسوم رقم 123، ليعاصر بذلك حكومة عماد خميس السابقة، وحكومة حسين عرنوس الحالية، ويبدأ منذ ذلك الوقت مشوار تبرير القصور الاقتصادي، وتردي الواقع المعيشي الذي أسهم في سحق الطبقة الوسطى، وإغراق السوريين في هم احتياجاتهم اليومية أمام غلاء متواصل لأسعار المنتجات والسلع الغذائية، يقابلها معاشات شهرية للموظفين لا تصل حد 20 دولارًا أمريكيًا شهريًا.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية