يراقب المواطنون السوريون في الساحل وعموم سوريا حركة الطائرات الروسية في السماء بعدما أعلنت موسكو انخراطها رسميًا في الحرب إلى جانب قوات الأسد ضد ما أسمتهم “المتطرفين” وقوات المعارضة السورية.
هدير الطائرات في السماء يرتفع وأهدافها العلنية هي “تنظيم داعش والمتطرفون والكتائب الإسلامية”، لكن قوات المعارضة المسلحة تتهما بقصف مقار الجيش الحر وقواته إلى جانب الأحياء السكنية، ما يناقض كلام المسؤولين الروس حول ماهية الحملة على سوريا وأهدافها الحقيقية والمعلنة.
صلاحيات واسعة
وينقل مصدر من المدينة (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) مشاهدات لمواطنين في مدينة طرطوس بأن المدينة ومرافقها أصبحت قاعدة للروس إلى جانب قاعدتهم البحرية التي تضم نحو ألف جندي روسي، معتبرًا أن طرطوس “أضحت موسكو صغرى”.
ويلحظ المواطنون عدة مؤشرات على فرض الجنود الروس لسطوتهم على المدينة، ومنها إغلاق الطرقات ومنع سيارات العامة من التحرك لدى مرور مواكبهم خلال التحرك من وإلى مراكز عملياتهم وأماكن تواجدهم في مطار حميميم في اللاذقية، عازين ذلك لـ “دواعٍ أمنية”.
وكانت صحيفة أوبزرفر البريطانية أفادت في تقرير لمراسلتها من الساحل السوري قبل أيام “يقول السكان المحليون إن طريق الساحل يغلق في الليل، حتى تنقل المعدات الروسية من القاعدة البحرية إلى المطار. ولا أحد يهمه إن كان الروس قالوا إنهم سيضربون تنظيم الدولة ثم ضربوا جماعات المعارضة، ففي هذه المنطقة يعد أعداء النظام كلهم إرهابيين”.
يتعامل الناس مع الروس على أنهم أصدقاء أوفياء دعموا عائلة الأسد طوال 45 عامًا، وقد جاءوا أخيرًا لإنقاذها.
لكن مؤيدي النظام لا يعلمون مدى الحقد الذي يكنه المواطنون السوريون في مناطق المعارضة ضد نظام الأسد بسبب البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام، بحسب أوبزرفر.
وإلى ذلك، عادت مشاهد ارتداء الزي العسكري للظهور بشكل كبير بين النساء والرجال، بعد أن أعاد التدخل العسكري الروسي لجمهور النظام الأمل في الانتصار وحسم المعارك لصالحه ضد قوات المعارضة المسلحة.
وكان رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام، وائل الحلقي، طالب بالتقيّد التام بالضوابط اللازمة لبيع الزي العسكري ومتمماته وتنظيم هذه العملية ووضعها تحت الرقابة.
تعلّم الروسية
بالتوازي مع تواجد الروس على الأرض وفي السماء، باتت اللغة الروسية مقصدًا للسوريين الراغبين بتعلمها في مناطق سيطرة النظام، وذلك أمام انفتاح البلدين وولادة شراكات واستثمارات جديدة مهدت لها الأرضية السياسية المشتركة ووحدة الهدف والرؤية حيال الثورة السورية.
تعلم الروسية لم يكن شيئًا طارئًا بل عملت وزارة التربية في حكومة النظام على إدراجها كلغة رسمية ثانية في المناهج التدريسية منذ بداية العام الدراسي 2015، والآن يتم تدريسها لنحو 2500 طالب سوري في المدارس الرسمية كما يقول وزير التربية في حكومة النظام، هزوان الوز، لإذاعة صوت روسيا.
وفي طرطوس حيث الخزان البشري لقوات الأسد والتي خسرت مئات من أبنائها خلال الحرب، يتباهى الناس باللغة الروسية وبدأوا يتداولون بعض المصطلحات معتبرين ذلك من باب الترفيه.
ويرى مراقبون للوضع السوري أمام هذه المعطيات، أن النظام يمهد الطريق لروسيا للدخول في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، وبالتالي التحكم بمفاصل البلد خاصة بعدما أعلن أكثر من مسؤول روسي مؤخرًا أن أيام الحملة الروسية على سوريا غير محددة بتاريخ، وبالتالي بقاء سوريا مسرحًا لروسيا وقاعدة خلفية لحروبٍ بالوكالة مع خصومها الإقليميين والدوليين.
–