قدّرت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية، نجاة رشدي، حاجة لبنان إلى نحو 300 مليون دولار أمريكي خلال الأشهر الثمانية المقبلة، في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد.
وخلال مؤتمر صحفي أجرته، الاثنين 14 من حزيران، في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، أشارت رشدي إلى الحاجة لحوالي 300 مليون دولار أمريكي من أجل تغطية الاحتياجات الأساسية لمليون ونصف مليون لبناني، وأربعمئة ألف عامل مهاجر متأثرين بالانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان.
واعتبرت المسؤولة الأممية أن الأزمة الاقتصادية في لبنان لم تحدث على حين غرة بل كانت متوقعة من قبل كثير من المحللين، مشيرة إلى تأخر حدوث أي إصلاحات.
ويعيش أكثر من نصف اللبنانيين في فقر، نتيجة ازدياد مؤشر أسعار المستهلك في الفترة ما بين نيسان 2019 ونيسان الماضي، بأكثر من 208%، وارتفاع سعر المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 670%.
وحول أسباب تفاقم الأزمات في لبنان قالت رشدي، إن “أزمة الاقتصاد، وانخفاض قيمة العملة، فضلًا عن فراغ الإدارة، أدت إلى انهيار الخدمات العامة في وقت تشتد الحاجة إليها، كما أن جائحة (كورونا) أدت إلى تفاقم الوضع الذي كان هشًا أصلًا، والذي وصل في مكان ما، إلى ما نحن عليه اليوم”.
وأضافت، “من الواضح أن عدم تشكيل الحكومة كان له تأثير هائل على الثقة في المرتبة الأولى. تعلمون أنه لا يوجد مستثمر واحد سيكون مستعدًا للقدوم إلى لبنان، ما لم تكن هناك على الأقل ثقة واضحة جدًا في النظام المصرفي، والمؤسسات، وما إلى ذلك (…) وفوق كل ذلك، فقد عجل ذلك أيضًا في إفقار السكان”.
وتابعت، “البلاد في مرحلة تضخم مفرط، ما أدى إلى تآكل قيمة العملة الوطنية، وقوة الأفراد الشرائية، وما تبقى من ثقتهم في قادتهم ومؤسساتهم”.
وفيما يتعلق بواقع النظام الصحي في لبنان بظل تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، لفتت رشدي إلى أن “نظام الصحة العامة قد أُجهِد بسبب التأثير المزدوج للأزمة الاقتصادية وتفشي (كوفيد- 19). وأصبح الناس غير قادرين بشكل متزايد على الحصول على الرعاية الصحية وتكبد تكاليفها وسط النقص المتزايد في الأدوية والإمدادات الطبية المهمة”.
اللاجئون في لبنان على رأس المتضررين
ولا يقتصر تأثير الأزمة الاقتصادية في لبنان على اللبنانيين، بل إنها ترخي بظلالها على اللاجئين في هذا البلد، إذ يستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد سكانه، في ظل وجود أكثر من مليون لاجئ سوري وما يزيد على 270 ألف لاجئ فلسطيني، وفقًا لرشدي.
وأظهرت دراسة استقصائية حديثة أجرتها الأمم المتحدة أن تسعة من كل عشرة لاجئين سوريين يقعون تحت خط الفقر المدقع، وهو ما يشكّل زيادة بنسبة 60% منذ عام 2019.
ودعت رشدي المسؤولين اللبنانيين إلى وضع مصلحة البلد والمواطنين على رأس أولوياتهم، محذرة من أنه “دون حكومة تنفذ إصلاحات هيكلية ذات مغزى، لن يتم إجراء أي استثمارات بخلاف المساعدات الإنسانية العاجلة والجهود المبذولة للتعافي المبكر”.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية ومالية من المرجح أن تكون واحدة من أشد ثلاث أزمات اقتصادية في العالم منذ عام 1850، بحسب تقرير صادر في 1 من حزيران الحالي عن البنك الدولي.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في لبنان إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 من آب 2020، وتأخر تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة برئاسة سعد الحريري منذ نحو ثمانية أشهر، واستمرار أزمة المصارف التي تتمثل بتهريب الأموال من المصارف اللبنانية، ما أفقد المودعين القدرة على التحكم بمقدار ما يرغبون بسحبه من أرصدتهم البنكية، الأمر الذي انعكس سلبًا على معيشة المواطنين.
وأسهم ذلك في ارتفاع الأسعار بشكل متواصل، مقابل انخفاض في كمية السلع المدعومة، والتلويح برفع الدعم عنها، وفقدان المواطن اللبناني قدرته الشرائية، في تلاشٍ واضح للطبقة الوسطى.
ورغم تحركات سياسية عديدة تمثلت بزيارتين للرئيس الفرنسي إلى لبنان في أعقاب انفجار المرفأ، وتنظيم مؤتمر دولي لدعم الشعب اللبناني، وزيارات خارجية للحريري، وزيارات عربية إلى لبنان، لم يحرز ملف تشكيل الحكومة اللبنانية بعد أي تقدم يُذكر.
–