ما الذي نعرفه عن حمض البوريك
د. أكرم خولاني
حمض البوريك (Boric Acid)، يعرف في الأوساط المعملية باسم حمض البوراسيك، وهو مركب كيميائي طبيعي يتكون من مزيج من البورون (أحد العناصر الكيميائية الأساسية) المتحد مع الأكسجين والهيدروجين، صيغته الكيميائية هي “H3BO3″، وبلورات حمض البوريك عبارة عن مادة بيضاء عديمة الرائحة والطعم ولا يمكن أن تتبخر أو تتطاير في الهواء.
والبورون هو عنصر كيميائي يُستخرج من رسوبيات تكون مدفونة في الأرض، ينشأ بشكل طبيعي في بعض المناطق الجافة من الصحراء، وغالبا ما يوجد مع بعض المعادن، وقد لوحظ وجوده في مياه البحر، كما يُقال إنه موجود في النباتات كاللوز والفول السوداني وفي أغلب الفواكه وخاصة التفاح والموز، والحمض الخام يوجد في مناطق بركانية معيّنة مثل توسكانا وجزر ليباري ونيفادا، ويخرج مختلطًا مع البخار من شقوق في الأرض.
وقد صُنع حمض البوريك لأول مرة عام 1715، وتبين أن له خصائص سمّيّة ومضادة للبكتيريا والفطريات، لذلك ومنذ ذلك الحين تم استخدام بلورات حمض البوريك على نطاق واسع في الصناعات المتعددة، وخاصة الصيدلانية والتجميلية، فهو يدخل في صناعة المبيدات الحشرية، وكذلك في المواد المطهرة، والمنظفات المنزلية، هذا بالإضافة إلى كونه يعتبر أحد مثبطات اللهب، لذا فهو عنصر لا غنى عنه في محطات توليد الطاقة النووية.
استخداماته في مجال الصحة
المبيدات الحشرية: يُستخدَم هذا الحمض في صنع المبيدات، ويعتمد مقدار سمّيّته على مقدار عنصر البورون فيه، حيث تموت الحشرات عندما تبتلع حبيباته الصغيرة، لأن هذا الحمض يتسبب باضطرابات هضمية لدى الحشرة ويؤدي إلى اختلالات بجهازها العصبي، إضافة إلى ذلك، عندما يحتك جلد الحشرة أو قشرتها الخارجية بحبيبات البوريك فإنها تلتصق به وتصيبه بالتهابات وأذى، وكذلك فهو ينفذ من جلدها إلى داخل أجسادها.
ولذا فهو يستخدم للتخلص من الصراصير، والنمل، والسوس، والعناكب، والعديد من الخنافس، ومجمل الحشرات الزاحفة (أي التي تسير على الأرض)، حيث يتم رشه في المرافق والأماكن الداخلية، مثل غرف المنازل أو أروقة المباني التجارية والمستشفيات لتطهيرها وحمايتها من الآفات، ويُرشّ أيضًا في الأماكن الخارجية، مثل الشوارع والمجاري الخاصة بشبكات الصرف الصحي.
المنظفات: عند تخفيف حمض البوريك يمكن استعماله لإزالة البقع أو الروائح، وتنظيف الملابس، ويُستخدَم في صنع المنظفات المنزلية الأخرى، ويساعد في محاربة ظهور الفطريات والعفن على الخشب وفي المنازل والتي تتشكل بعد فصل الشتاء.
برك السباحة: يساعد حمض البوريك في استقرار مستوى درجة الحموضة في المياه ومنع تشكل الطحالب، واستخدام هذا المنتج يقلل من كمية الكلور التي تحتاج إليها في حمام السباحة، ويساعد في المحافظة على المياه صافية ومتألقة.
عبوات عيّنات البول: غالبًا ما تحتوي عبوات عيّنات البول على حمض البوريك كمادة حافظة، إذ إنه يحافظ على جودة العيّنة في أثناء انتقالها إلى المختبر، ويساعد في تقليل النتائج الخاطئة، كما يحفظ خلايا الدم البيضاء في البول لتحليلها.
الزراعة: يستطيع حمض البوريك القضاء على الأعشاب الضارة التي تظهر في الحدائق وأحواض النباتات، إما بسبب سحب السوائل منها وتجفيفها، وإما بسبب إيقافها لقدرة النبات على امتصاص ضوء الشمس وتشكيل غذائه، ويمكن أن يحصل عليه بعض التعديلات فيُستخدَم في تحسين التربة وصنع الأسمدة الزراعية.
الأدوية: استُخدِم حمض البوريك في السابق لعلاج الإصابات الجلدية الفطرية والبكتيرية لدى الإنسان، وكان هذا النوع من الاستعمالات رائجًا في العديد من المستشفيات والمراكز الطبية، إلا أن تفشي حالات التسمم المزمنة والخطرة بالبوريك، والتي كانت تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان، تسبب بتوقُّف استخدام مركبات البوريك في معظم المنشآت الطبية.
ومن الحالات التي كان يُستخدَم فيها حمض البوريك سابقًا:
- على شكل تحاميل مهبلية لعلاج الالتهابات الفطرية وعدوى الخميرة المهبلية، ويمكن أيضًا استخدامه لعلاج عدوى الخميرة من منطقة العانة للذكور.
- على شكل مطهّر خفيف للحروق البسيطة والجروح السطحية على بشرة الجلد.
- على شكل محلول مخفف لعلاج حب الشباب، بسبب خصائصه الممتازة المضادة للجراثيم.
- على شكل غسول للعينين لعلاج تهيّج العينين والتهابهما واحمرارهما.
- على شكل محلول بمثابة قطرة أذنية لطرد الفطريات والبكتيريا من آذان السباحين، وكذلك لعلاج التهابات الأذن في الحيوانات الأليفة.
- يُستعمَل لعلاج الالتهابات الفطرية، مثل فطريات القدم، فحمض البوريك يعمل على تغيير درجة الحموضة للجلد، ويساعد على إزالة الجلد الميت الذي يغذي الفطريات، ويتم وضعه داخل الجوارب لمنع القد الرياضية.
- كما يحتوي حمض البوريك على مصدر ممتاز للبورون الذي يمكن أن يساعد في حالات هشاشة العظام وانخفاض كثافته، وكذلك في حالات التهاب المفاصل.
الشكل الصيدلاني
يُباع حمض البوريك في الصيدليات على هيئة مسحوق أبيض جاهز ونقي دون خلطه بأي مواد كيميائية أُخرى، وعادة لا يحتاج، عند استخدامه، إلى وضع مادة أُخرى معه أو استخدامه بأي طرق خاصة، ما يجعله خيارًا جيدًا للمستهلكين غير الخبيرين.
ولكن من الشائع استخدامه على شكل عجينة تحتوي إضافة إلى حمض البوريك على الكاكاو أو الحليب البودرة مع السكر والطحين، حيث يعمل الحليب البودرة على جذب الصراصير إلى العجينة لأن رائحته نفاذة، كما يعمل الدقيق والسكر على جذب الصراصير لتناول العجينة لأنهما يضفيان طعمًا لذيذًا.
طريقة تحضير عجينة حمض البوريك للصراصير
يمكن تحضيرها بخلط ربع علبة من مسحوق حمض البوريك مع ملعقة من الحليب البودرة وملعقة من السكر والقليل من الماء لتكوين عجينة.
كذلك يمكن تحضيرها بخلط ملعقتين من حمض البوريك مع ملعقتين من الدقيق وملعقة من الكاكاو البودرة والقليل من الماء، ويخلط المزيج جيدًا لتكوين عجينة.
تقسم العجينة إلى قطع صغيرة جدًا بحجم حبة الأرز، وتوزع في أماكن وجود الصراصير، وفي الزوايا وبين الشقوق، مع الانتباه إلى وضعها بأماكن آمنة بعيدًا عن متناول الأطفال.
بعد عدة دقائق من تناول الصراصير للعجينة يبدأ مفعول حمض البوريك عليها وتموت على الفور، كما أن بقايا الحمض تبقى عالقة على أرجل الصرصور الذي يذهب إلى مخبئه ويحاول نفضها فتتطاير على بقية الصراصير التي تستنشقها فتموت أيضًا، وخلال ثلاثة أيام على أقصى تقدير لن يبقى في المنزل أي صراصير.
سمّيّة حمض البوريك على الإنسان
لا تشكّل مستحضرات حمض البوريك مخاوف صحية على البشر في الظروف الطبيعية، فالسموم الموجودة فيها منخفضة كثيرًا بالنسبة للإنسان وكذلك للحيوانات الأليفة (مثل القطط والكلاب والقوارض)، إذ إنها لن تُحدث أي آثار سلبية إلا إذا أُسيء استخدامها على نحو شديد، فعند إساءة استخدام مادة حمض البوريك فإن آثارها السلبية قد تكون سيئة جدًا، وقد يؤدي الأمر إلى حالات تسمم حادة أو مزمنة، ويحدث ذلك في الغالب عندما تتعرض الأجسام لحمض البوريك عند الذين يتعاملون معه، مثل الكيميائيين والصيادلة والعاملين في المصانع والمزارعين، أو الأشخاص الذين يستخدمون هذا الحمض للقضاء على الحشرات المزعجة، فيمكن أن يصيب الجلد أو العينين أو أن يدخل الجسم عن طريق الاستنشاق أو عن طريق ابتلاعه بالخطأ عند استعماله دون غسل اليدين.
وتشمل الأعراض الناتجة عن التعرض لحمض البوريك بشكل سمّيّ تهيجًا وتآكلًا في العين عند تعرضها له، وإذا تم ابتلاعه فإنه يسبب الغثيان والقيء وآلامًا في المعدة والإسهال، وقد يكون لون الإسهال والقيء أخضر مزرقًّا، وتحدث الحمى والدوخة وانخفاض ضغط الدم واحتباس البول، ويمكن أن يسبب طفحًا جلديًا يليه تسلخ الجلد وتقشره في الحالات الخطيرة، والأطفال أكثر حساسية تجاه هذا الحمض، حيث من الممكن أن يؤثر على الجهاز العصبي لديهم فتظهر أعراض مثل التشنجات والارتباك والغيبوبة، أما في حالة استنشاقه فيسبب هذا الحمض جفافًا في الفم والأنف والحنجرة، ويمكن أن يرافقه السعال والتهاب الحلق وضيق النفس ونزيف الأنف.
لذلك عند التعرض لحمض البوريك عن طريق الخطأ، يجب غسل أجزاء الجلد المعرضة له فورًا وبكمية جيدة من الماء، وأما في حالة بلعه فيجب اللجوء إلى العناية الطبية المتخصصة بمعالجة التسممات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :