حي طي في القامشلي.. انتهاكات مستمرة وخدمات سيئة

  • 2021/06/13
  • 11:24 ص

نزوح أهالي حي طي من خطوط الاشتباك بين قوى "الأمن الداخلي" (أسايش) التابع لـ"الإدارة الذاتية" وقوات "الدفاع الوطني" التابعة للنظام السوري- 21 من نيسان 2021 (نورث برس)

القامشلي- مجد السالم

“يخاف أغلب سكان الحي من العودة إلى بيوتهم بسبب الملاحقات الأمنية والاعتقال، وهربًا من التجنيد الإلزامي في صفوف (قسد)، وأغلب الذين عادوا إلى الحي هم من كبار السن”، هكذا سرد عبد الرحمن، البالغ من العمر 40 عامًا، لعنب بلدي، معاناة أهالي حي طي في القامشلي بشأن عودتهم إلى بيوتهم التي هجروها منذ سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في نيسان الماضي.

ذلك الخوف من العودة إلى الحي كان له تأثير سلبي على وجود الناس في بيوتهم، ما يؤدي إلى الاستيلاء عليها بسهولة، بالإضافة إلى انخفاض الحركة التجارية في الحي بشكل “كبير”، وفق ما أضافه عبد الرحمن، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، حيث بقيت معظم المحال والورشات الصناعية مغلقة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

سوء الوضع العام في الحي من حيث الخدمات وانعدام الأمن كان عاملًا أساسيًا في اتجاه أهالي الحي للتفكير في تهريب أبنائهم إلى خارج سوريا، بالإضافة إلى أن “60% من الأهالي لا يفكرون بالعودة إلى الحي”، وفق ما قاله عبد الرحمن.

وسيطرت قوى “الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، في 26 من نيسان الماضي، على معظم حي طي في القامشلي، بعد أسبوع من الاشتباكات مع ميليشيا “الدفاع الوطني” الرديفة لقوات النظام السوري.

وضمن العودة الجزئية لأهالي حي طي، طلبت “أسايش”، وفق بيان، من سكان الحي الذين خرجوا من منازلهم أن يراجعوا نقاطها الأمنية، وذلك “لتأمين دخولهم والتأكد من سلامة ممتلكاتهم”.

و”المربّع الأمني” الذي بقيت فيه مؤسسات حكومة النظام السوري، هو في الجهة الجنوبية بالقرب من دوار حي طي وحي زنود على حزام مدينة القامشلي الجنوبي بعرض 145 مترًا، وبعمق ابتداء من مدرسة “عباس علاوي” وباتجاه الحزام لمسافة 325 مترًا.

انتهاكات كل أسبوع

لا يخلو أسبوع من المداهمات التي تنفذها “قسد” لعدة منازل في حي طي بحجة البحث عن السلاح واعتقال المنتسبين إلى “الدفاع الوطني”، حسبما قال عدنان (32 عامًا) لعنب بلدي، وهو أحد سكان الحي، فهناك “انتهاكات بالجملة ترتكبها (قسد)”، حيث طوّق عناصر من “أسايش” الأسبوع الماضي القسم الغربي من الحي بدءًا من شارع الحمّام وحتى امتداد شارع القوتلي غربًا.

واعتقلت قوات “أسايش” عدة أشخاص من آل عيسى، وآل عباوي، وآل ثلاج، بعد تفتيش المنازل وترهيب الأهالي، على حد قول عدنان الذي تحفظ على الكشف عن اسمه.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 6 من حزيران الحالي، عن مصادر محلية لم تسمها، أن “قسد” اختطفت ستة شبان من الحي واقتادتهم إلى جهة مجهولة.

وتنشر الصفحات الإخبارية المحلية باستمرار أخبارًا عن وجود انتهاكات بحق أهالي الحي، وتختلف تلك الانتهاكات بين ضرب، وخطف، واعتقال للأهالي وتفتيش منازلهم دون مذكرة قانونية بذلك.

وتعرض رجل خلال الأسبوع الماضي للضرب بعد أن كان يقف في الشارع الرئيس للحي، من قبل ثلاثة أشخاص بزي مدني، وحين حاول السكان التدخل أشهر الثلاثة مسدساتهم الحربية في وجه الناس، وقالوا إنهم من “الأمن العام” التابع لـ”قسد”، وذلك بحسب شهادة الشاب الثلاثيني.

وجميع المحال التجارية التي تعود ملكيتها لآل ليلو صُودرت من قبل “قسد”، بما تحتويه من بضائع، بالإضافة إلى الاستيلاء على ورشة حدادة تضم عُددًا وآلات وكمية من الحديد، تقدر قيمتها بـ”مئات الملايين من الليرات السورية”، بحجة انتماء أصحابها إلى “الدفاع الوطني”، وفق ما قاله عدنان، كما أُغلقت وصُودرت الأدوية الموجودة في صيدلية “الشهيد” القريبة من أحد مقرات “الدفاعي الوطني” سابقًا.

خدمات ضعيفة.. أزمة في مادة الخبز والغاز المنزلي

وفق ما رصدته عنب بلدي في حي طي، بالإضافة إلى شهادة الأهالي هناك، يعاني معظم سكانه من أزمة في مادة الخبز التي لم تعد متوفرة على الرغم من قلة السكان داخل الحي.

وتوجد ثلاثة أفران في الحي هي: “الحلبو” و”مهاجري” و”دير الزور”، لكن لم تعد تأتيها مخصصاتها من مادة الطحين من قبل حكومة النظام، وفق ما قاله مالك (30 عامًا) لعنب بلدي، وهو من سكان حي طي، وذلك على اعتبار أنها أصبحت “خارج مناطق سيطرة الدولة”، ما أوجد أزمة في تأمين مادة الخبز، في حين لا تبادر “الإدارة الذاتية” بتعويض النقص الحاصل.

وتضاف إلى أزمة الخبز في الحي، مشكلة تأمين الغاز المنزلي، حيث لم يتم توزيع أسطوانات الغاز على الأهالي منذ شهرين، سوى مرة واحدة وبعدد محدود، وذلك “لأسباب دعائية”، وفق ما يراه مالك.

“ثقافة انتقام”

أرجع المتحدث الرسمي باسم مجلس “القبائل والعشائر السورية”، مضر الأسعد، ما تقوم به “قسد” في حي طي إلى “ثقافة الانتقام” الموجودة لديها.

فهدف “قسد”، وفق ما يراه الأسعد في اتصال هاتفي مع عنب بلدي، ليس “كسب الحاضنة الاجتماعية، بل الضغط والتأثير الأمني عليها”، وكسب تأييد الأهالي “بالقوة وليس بالمراضاة”، عن طريق الترهيب وسرقة ثروات المنطقة، وتجنيد الشباب لتنفيذ مشاريعها الخاصة، بحسب رأيه.

وأضاف أن ما قامت به “قسد” في حي طي هو نفس الأسلوب الذي اتبعته عندما سيطرت على حي غويران في مدينة الحسكة، وفي الشدادي وتل الشاير، وقرية الفاضل والدشيشة.

وتدين العشائر السورية هذه التصرفات التي تقوم بها “قسد” بحق أبناء منطقة الجزيرة، على حد قوله.

و”ثقافة الانتقام” تولّد طاقة كره تُشحَن بها المنطقة، فتدخل بتوترات أمنية هي بغنى عنها، في حين تحتاج الظروف التي تعيشها منطقة القامشلي إلى إقامة أمن اجتماعي قادر على استقرار المستوى الاقتصادي والخدمي وتجنيب أهلها المزيد من المتاعب.

مقالات متعلقة

منظمات مجتمع مدني

المزيد من منظمات مجتمع مدني