هاجمت وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة النظام لمياء عاصي، الحكومة الحالية لاستمرارها في رفع الدعم عن المواد الأساسية.
وقالت عاصي في مقال لها بجريدة البناء الموالية للنظام، نشر الاثنين 12 تشرين الأول، “في مثل هذا الوقت من كلّ عام، تقدّم وزارة المالية مشروع الموازنة العامة للدولة إلى الحكومة، تمهيدًا لمناقشتها وإقرارها من البرلمان، ومنذ بدء الأزمة السورية عام 2011 اتّسمت الموازنات الحكومية بالتقشف الشديد، في إطار الجهود الحكومية للتأقلم مع انخفاض موارد الدولة من القطاعات المختلفة، وخصوصًا النفط”.
وتتجلى ملامح السياسات التقشفية من خلال تخفيض الإنفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري، وكذلك رفع الدعم عن الكثير من السلع الأساسية، وهناك إجماع على الآثار السلبية للسياسات التقشفية، سواء على الناتج المحلي الإجمالي أو النشاطات الاقتصادية، وفق عاصي.
وذكرت عاصي، أنه في إطار الحديث عن السياسات الحكومية التقشفية، يمكن تصنيف هذه السياسات إلى قسمين رئيسيين؛ الأول: البحث عن الموارد الإضافية للخزينة العامة، والثاني: ضبط وتقليص الإنفاق العام للدولة.
أسئلة كثيرة تطرح نفسها في مجال السياسات الحكومية للبحث عن موارد جديدة، وفق عاصي وأبرزها: هل استنفذت الحكومة كلّ السبل لتحقيق موارد إضافية للدولة قبل اللجوء إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية لحياة الناس؟ هل تمّت مراجعة النظام الضريبي لضبط الفساد في التكليف والتحصيل لتحقيق شيء من العدالة الضريبية؟ هل حصل تطوير على النظم والإجراءات الضريبية لمحاربة التهرب الضريبي، وخصوصًا من قبل كبار المكلفين؟
وفي إطار محاربة الفساد في الجمارك، صرح المدير العام للجمارك، بأنّ حملة المداهمة التي قامت بها الضابطة الجمركية لمستودعات التجار وضبط البضائع المخالفة حتى آب 2015 حققت نتائج مهمة، ووصل عدد المخالفات إلى 2290 وبلغت قيمة الغرامات عليها إلى 2.123 مليار ليرة، في حين بلغت إيرادات الجمارك حتى ذلك الوقت من العام 63 مليار ليرة.
ما يعني أنّ نسبة الغرامات على ما تمّ ضبطه خلال المداهمات بلغت 3.3% من إجمالي المتحصلات الجمركية، وهذا يشير بوضوح إلى أنّ هناك نسبًا غير قليلة من الفاقد في الموارد بسبب الفساد في الجمارك وغيرها من دوائر الدولة.
إنّ رفع الدعم الكامل عن المواد الأساسية خبز، مازوت، محروقات، كهرباء، غاز، مياه، أسمدة.. الخ، في ظلّ معدلات الفقر والبطالة المرتفعة وضعف شبكات الأمان الاجتماعي وانخفاض الدخول الحقيقية للناس، ستكون له بالتأكيد تأثيرات سيئة جدًا، لجهة ارتفاع مستوى العنف والجريمة والهجرة خارج البلد، مجموعة عوامل متشابكة ستؤدي بالنتيجة إلى دخول الاقتصاد الوطني في حلقة مفرغة من الركود والانكماش، بسبب ضعف القوة الشرائية لدى عموم الناس.
أما حول ضبط الانفاق وموازنات التقشف، فقالت عاصي إن سياسة الحكومة تمحورت حول الامتناع عن أي إنفاق ليس ضروريًا جدًا، وتلخصت الضروريات من وجهة نظر الحكومة برواتب العاملين في الدولة ومصاريف السيارات الحكومية، بينما لم يكن بين الضروريات تجديد خطوط الإنتاج الصناعي ووضعها في الجاهزية، ولم تتم الموافقة على أي مشروع صناعي أو إنتاجي حكومي إنشاء أو استكمالًا.
صحيح أنّ الغاية الرئيسية هي تقليص الإنفاق إلى أقصى حدّ ممكن، لكنّ ذلك يجري من دون دراسة انعكاس هذه السياسة فعليًا على مجمل الحياة الاقتصادية في البلد.
وأضافت “صحيح أنه يمكن القول إنّ التقشف هو ضرورة في الأزمات، ولكن ليس بما يؤدي إلى توقف الاستغلال الأمثل للإمكانيات الوطنية المتوفرة”، موضحةً أن عملية تخطيط السياسة التقشفية في الأزمات يجب أن تستند إلى عدد من الركائز والمعايير.
وختمت عاصي “لا بدّ من الاعتراف، بأنّ السياسات الاقتصادية التي طبقت في سوريا كانت محكومة بالنيات فقط وبنوع من التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات التي صدرت فرادى وليس كحزم قانونية وتشريعية لمعالجة مشكلة معينة، حتى الآن لا يمكن الجزم بأنّ ما اتخذ من سياسات يمكن أن يجنب الناس الكثير من الشرور الاقتصادية”.
–