تعا تفرج
تبهدلنا في لاذقية العرب
خطيب بدلة
كانت صديقتي، المدام هلالة، مبحّرة في شاشة موبايلها، كالعادة، وفجأة رفعت أحد حاجبيها، وأنزلت الآخر، وقالت: مو معقول. شو هالحكي؟ مستحيل! والتفتت نحوي، وخاطبتني كما لو أنني أرى ما تراه، قائلة: إذا كانت هذه الصورة حقيقية، وليست مصنوعة ببرنامج “الفوتوشوب”، فهذا يعني أن المؤسسات التعليمية في سوريا قد “تبهدلت” على الآخر!
كعادتي، وقبل أن أعرف ماذا تقصد هلالة، رحت أتفاصح عليها، وأستعرض أمامها معلوماتي الغزيرة. قلت لها إن المؤسسات التعليمية وغير التعليمية في سوريا مبهدلة، ومتبهدلة، منذ أن اغتصب حافظ الأسد السلطة في البلاد سنة 1970، ثم أورثها لابنه المهزوز بشار في سنة 2000. ألا تذكرين، يا مدام هلالة، كيف كان الدكتور رفعت الأسد يخرّج دورات مظليين ومظليات، ويفلتهم على الجامعة، وبالأخص كلية الطب البشري؟ ألا تمتلكين فكرة عن البعثات العلمية التي كانت توزع على أبناء المسؤولين وأقاربهم كما لو أنها سلال الإعاشة؟ ألم تسمعي بالدكاترة الذين يبيعون الأسئلة للطلاب بالمال، ويعطونها لبعض الطالبات مقابل شيء من الابتزاز العاطفي، وكيف تحولت مكاتب اتحاد الطلبة في جامعاتنا المنكوبة إلى مفارز أمنية؟
قالت لي: أعرف ما ذكرتَه وأكثر. ولكنك، مع الأسف، تحكي عن أشياء منتهية. رفعت الأسد أفلت المظليين على الجامعات في سنة 1980، ونحن الآن في سنة 2021، وأمامي الآن وثيقة حقيقية، مستوفية كل أنواع الترويسات والأختام والتواقيع، حتى إنها صادرة عن قسم “البحث العلمي” في جامعة “تشرين”، نعم سيدي، البحث العلمي، وفي أسفلها من جهة اليسار توقيع رئيس الجامعة، واسمه، بالأمارة: الأستاذ الدكتور بسام حسن. وتنص على منح شهادة الدكتوراه الفخرية لهذا الشخص الـ..
حاولتُ أن أعلّق على الفكرة، ولكن المدام هلالة لم تعطني فرصة، وقالت مخاطبة طاقم جامعة “تشرين”، غيابيًا: ولاك، يا فهايم، يا بهايم، هل أنتم قادرون على أن تعلّموا طلابكم المناهج المقررة وتعطوهم شهادات ليسانس عادية، أو أن تمنحوا المتفوقين في علم أو فن أو أدب دكتوراه حقيقية.. حتى تتطاولوا وتمنحوا دكتوراه فخرية لزيد أو عبيد من الناس؟
ودنت مني، وصارت تهزني من ياقتي كما لو أنني أنا مرتكب الذنب، وتقول لي: هل تحزر، يا أستاذ، لمن أعطوا أول شهادة دكتوراه فخرية؟ قلت: لا والله. قالت: أعطوها لرجل نكرة يدعى محمد مروان بن محمد كامل دالاتي.. وعلى أيش يا حزرك؟ قلت: طالما أنها صادرة عن قسم “البحث العلمي” فمؤكد أن الرجل قدم بحثًا علميًا مفيدًا. ضحكت باستهزاء وقالت: نعم نعم نعم؟ بحث علمي مفيد؟ يا سيدي أعطوه دكتوراه، كما ذكروا في الوثيقة (حرفيًا) لقاء: دوره المؤثر في الحفاظ على السلم “العالمي” في محافظتي اللاذقية وطرطوس.. بالإضافة إلى دعمه اللامحدود لمحور المقاومة والممانعة، وحبه الكبير لسيادة الرئيس.
ألقت هلالة موبايلها على الطاولة وقالت: سلم بين محافظتي اللاذقية وطرطوس، مقبولة، سلم “محلي”؟ على راسي. لكن عالمي؟! بعدين اللي بيحب الرئيس، حبه برص، بده شهادة دكتوراه؟ على أساس في 14 مليونًا يحبون هذا الأهبل، ليش ما بيعطوهم دكتوراه؟ وبا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :