مرت العلاقات التركية- الفرنسية بالعديد من الخلافات السياسية والفكرية، التي يتجه البلدان مؤخرًا لتذويب جليدها، بعد حرب تصريحات متواصلة منذ أكثر من عام.
وتجلى ذلك بلقاء وزاري بين الطرفين، قد يتطور إلى لقاء رئاسي خلال مؤتمر “بروكسل” المزمع عقده في 14 من حزيران الحالي.
وأكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ضرورة لقائه بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والتحدث معه رغم وجود ما وصفها بـ”الخلافات في وجهات النظر بينهما”.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في قصر “الإليزيه”، الخميس 10 من حزيران، قال ماكرون إنه يرغب بلقاء أردوغان على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي من المقرر أن تنعقد في 14 من حزيران الحالي في بروكسل.
حديث ماكرون جاء بعد ثلاثة أيام فقط من لقاء وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بنظيره الفرنسي، جاك إيف لودريان، في العاصمة الفرنسية، باريس، في إطار مساعٍ تركية لتحسين أسس العلاقات مع فرنسا على مبدأ الاحترام المتبادل، وفقًا لتغريدات عبر “تويتر” نشرها جاويش أوغلو عقب لقائه بنظيره الفرنسي في 7 من حزيران الحالي.
#Fransa Dışişleri Bakanı Jean-Yves Le Drian’la çok boyutlu ikili ilişkilerimizi, bölgesel ve uluslararası gelişmeleri ele aldık.
Fransa’yla ilişkilerimizi karşılıklı saygı temelinde güçlendirmeyi hedefliyoruz. 🇹🇷🇫🇷 pic.twitter.com/SxUg44uVxS
— Mevlüt Çavuşoğlu (@MevlutCavusoglu) June 7, 2021
وكشف ماكرون عن رغبته في الحديث مع أردوغان عن عدة ملفات ذات اهتمام مشترك، وهي سوريا وليبيا وإقليم كاراباخ في أذربيجان، ومكافحة ما وصفه بـ”التطرف الإسلاموي”، لافتًا إلى أنه سيبلّغ نظيره التركي أن “مكافحة التطرف الإسلاموي لا يستهدف قطعًا الدين الإسلامي”، على حد قوله.
انتقادات جديدة
وانتقد أردوغان، مطلع حزيران الحالي، سياسات فرنسا في المنطقة، مؤكدًا أن أنقرة تعلم مع من يتعاون ماكرون في سوريا وليبيا، منتقدًا أيضًا عدم مساءلة “الناتو” لماكرون على خلفيات تصريحات سابقة قال فيها إن الحلف في حالة موت دماغي.
وتأتي هذه المناوشات الإعلامية استكمالًا لخلافات أخرى يشهدها البلدان، وصاعد من حدتها مقتل المدرّس الفرنسي صامويل باتي، في تشرين الأول 2020، وما تبعه من تصريحات لماكرون وُصفت بأنها معادية للإسلام.
وفي كلمة ألقاها عن موجة معاداة الإسلام في أوروبا، خلال مشاركته في مؤتمر لحزب “العدالة والتنمية” في ولاية قيصري التركية، في 24 من تشرين الأول 2020، انتقد أردوغان تصريحات ماكرون التي قال فيها إن الإسلام في كل أنحاء العالم يعيش حالة ضعف.
وقال أردوغان خلال كلمته، “ماذا يمكننا القول لرئيس دولة لا يفهم حرية العقيدة (…) عليه قبل كل شيء إجراء اختبار عقلي”.
وقابلت فرنسا هذه التصريحات باستدعاء سفيرها في أنقرة، هيرفيه ماغرو، للتشاور، ثم أعلنت بعد أسبوع أنها ستعيده إلى أنقرة للحصول على “إيضاحات”.
وفي مقابلة مع قناة “الجزيرة“، في 31 من تشرين الأول 2020، تراجع ماكرون عن تصريحاته المتعلقة بالإسلام، بعدما أعلن في وقت سابق تمسكه بالرسوم المسيئة التي أعادت صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية نشرها مع بدء محاكمة متهمين بتنفيذ هجمات كانون الثاني 2015، وفق ما نشرته وكالة “رويترز“.
توترات
وفي عهد ماكرون، عاشت فرنسا موجتين من التوتر الداخلي والاحتجاجات الشعبية إثر قمع قوى الأمن الفرنسي احتجاجات “السترات الصفر” على “إصلاح أنظمة التقاعد”، كما احتج الفرنسيون على مشروع قانون “الأمن الشامل”، الذي يعاقب من يصوّر عناصر الأمن، ما أسفر عن مواجهات بين المدنيين وعناصر الشرطة الفرنسية، بحسب ما نقلته “فرانس 24“.
ويعتبر الملف السوري من ملفات الخلاف الحساسة بين البلدين، إذ تدعم باريس “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في شمال شرقي سوريا، بينما تضع تركيا “قسد” على لوائح الإرهاب لديها، باعتبارها امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني”.
ووقفت فرنسا بشكل متواصل إلى جانب اليونان في خلافاتها مع تركيا حيال قضية غاز المتوسط، بالإضافة إلى الخلاف على قضايا إقليم كاراباخ في أذربيجان، وليبيا التي انقسمت فيها باريس وأنقرة إلى حلفين متحاربين، عبر دعم تركيا للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، بينما دعمت باريس قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي شن هجومًا على العاصمة الليبية في نيسان 2018.
–