بين طفولة معذبة ومتعبة مليئة بالفقر والتشرد، وشباب يضج بالطاقة والمال والجمال، تدور أحداث المسلسل المشترك “للموت“، الذي عُرض في الموسم الرمضاني الماضي.
يروي العمل قصة سيدتين في ريعان الشباب والجمال هما ريم وسحر، نشأتا في ظروف صعبة جراء تشردهما وعدم وجود عائلة لأي منهما، في مجتمع تفوق فيه الرقابة النصوص الدرامية، الرقابة على واقع الطفل ونشأته.
تجمع بين السيّدتين علاقة صداقة عميقة منذ الطفولة التي تشاركتا فيها الجوع والخوف والمرض، وحافظتا خلالها على علاقتهما الأخوية مع عمر، وهو شاب شاركهما مرارة الطفولة وعذاباتها.
تتجه السيدتان للثأر من الحياة تحت اسم الحب والعاطفة باندفاع من يشعر أن كل من حوله أسهم في حفلة ظلمه، حتى هؤلاء الذين لا يعرفونه، ذنبهم أنهم لم يشاركوا الضحية معاناتها ولم يشعروا بوجعها حتى دون أن يعرفوها بشكل مباشر، لكنهم حتمًا مرّوا بجانب ضحية ما ولم يعيروها انتباههم، هذا رأي ريم وسحر.
وفي حالات كهذه يجرّ فيها الظلم ظلمًا آخر أشد وطأة، فالضحية تتحول إلى جلاد لضحية جديدة، وبدا ذلك بوضوح من أسلوب الاحتيال الذي اتبعته السيدتان لسرقة أموال رجال أغنياء بطريقة تحمل مضمون السرقة دون اسمها أو جرمها.
والقضية أن ريم تتزوج من هادي، وهو شاب ناجح يملك شركة للإعمار والبناء، يقع في غرام ريم من اللقاء الأول فيتزوجها بعد تعارف عمره شهران، دون معرفته أن ريم اختارته قبل أن يختارها واصطادته لتتزوجه، والخطة تقتضي أن تظهر سحر في حياة هذا الزوج وتجرّه لخيانة زوجته، وبعد ذلك تكتشف الزوجة الخيانة، فتنهب جزءًا من ثروته قبل أن تتابع طريقها نحو زوج جديد وخيانة جديدة ضريبتها ثروة رجل مخدوع آخر.
تمشي الرياح بالاتجاه الذي تختاره سحر، العقل المدبر والمحرك لعمليات النصب هذه، إلى أن تقع ريم في حب زوجها فعلًا، وينسف هذا الحب كل خطط الصديقة الناقمة على طفولة الفقر والذكريات التي تغذت على الحرمان، ما يضع الصديقتين في ميدان حرب أعصاب باردة تتأرجحان فيها بين التآخي والعداوة.
وتتصاعد الأحداث بإيقاع مداده العاطفة أو الإيهام بها، إلى أن يظهر زوج مخدوع سابق من أشباح الماضي، ويضع ماضي السيدتين بالصور والمستندات على طاولة هادي، الزوج المثالي الذي اكتشف بعدما فتح مغلفًا على مكتبه أن ما يعيشه هو مسرحية لا زواج.
ورغم حالة التصعيد الدرامي التي يشهدها العمل، فإن باب النهايات يبقى مفتوحًا على جزء جديد منه، يجيب عن الأسئلة التي تركها العمل في جزئه الأول.
“للموت”، مسلسل يلفت الأنظار إلى إخراج مميز يقدّم صورة مشبعة بالإيحاء النفسي وشاعرية الصورة، بالإضافة إلى حوار مكتوب بعناية وواقعية لا تظهر كثيرًا في الأعمال المشتركة التي اتجه جزء كبير منها خلال السنوات الماضية لرسم عالم موازٍ لا يتقاطع مع قضايا وهواجس السواد الأعظم من الجمهور.
والعمل من إنتاج شركة “إيجيل فيلمز” التي تحافظ في “للموت” على حضور دانييلا رحمة وماغي بو غصن، بعد شراكة سابقة في بطولة مسلسل “أولاد أدم” الذي أنتجته نفس الشركة، في حين يؤدي بطولة الرجال في العمل كل من خالد القيش ومحمد الأحمد وباسم مغنية.
“للموت” مسلسل مكون من 30 حلقة أخرجها فيليب أسمر، وكتبها كل من ندين جابر وبلال شحادات في شراكة متواصلة بعد مسلسل “٢٠٢٠” الذي أنتجته شركة “الصباح” عام ٢٠١٩، وعُرض في الموسم الرمضاني الماضي.