منصور العمري
تحتفي الأمم المتحدة في 4 من حزيران/ يونيو كل عام بـ”اليوم العالمي للأطفال الأبرياء ضحايا العدوان”، إذ أعلنت الأمم المتحدة في 19 من آب/ أغسطس 1982، ونظرًا إلى ما روّعها من “العدد الكبير من الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء ضحايا أعمال العدوان التي ترتكبها إسرائيل”، تخصيص هذا اليوم من كل عام للاعتراف بمعاناة الأطفال، أكثر المجموعات ضعفًا وتأثرًا بالصراعات المسلحة.
وذكر مجلس الأمن ستة انتهاكات ضد الأطفال على أنها الأكثر شيوعًا في قراره عام 1999، بشأن الأطفال والنزاع المسلح، وهي:
قتل وتشويه الأطفال.
تجنيد الأطفال أو استخدامهم كجنود.
العنف الجنسي ضد الأطفال.
اختطاف الأطفال.
الهجمات على المدارس أو المستشفيات.
منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال.
في سوريا، يتعرض الأطفال لانتهاكات من قبل الجميع، إلا أن نظام الأسد، المفترض أنه المسؤول عن حماية مواطنيه بمن فيهم الأطفال، هو المرتكب الأكبر لهذه الجرائم والانتهاكات بشكل ممنهج منذ عام 2011، إذ استهدف الأطفال بالاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، والقصف، والتجويع.
في الواقع، كانت شرارة انطلاقة الثورة السورية ضد نظام الأسد استهدافه لأطفال درعا بالاعتقال والتعذيب، كما كان أحد التحركات الأولى ضد جرائم الأسد تجاه الأطفال، بيانًا وقعه نحو 700 شخصية سورية، باسم “من أجل أطفالنا في درعا”، أو ما سمي بـ”بيان الحليب”، طالبوا فيه النظام السوري بوقف منع دخول المواد الغذائية والطبية للأطفال في درعا التي كان يحاصرها النظام، وأتى في البيان أنه يجب أن توقف “الحكومة السورية الحصار الغذائي المفروض على درعا وقراها منذ خمسة أيام، والذي أدى إلى نقص المواد التموينية والضرورية لاستمرار الحياة، وأثر سلبًا على الأطفال الأبرياء الذين لا يمكن أن يكونوا مندسين في أي من العصابات أو المشاريع الفتنوية بكل أنواعها”. لا يزال الأسد مستمرًا في جرائمه ضد الأطفال حتى اليوم.
قتل وتشويه الأطفال
منذ عام 2011، قتل الأسد أكثر من 20 ألف طفل وطفلة، كما شوّه عشرات آلاف الأطفال، وتسبب بفقدانهم أطرافًا من أجسادهم بالقصف العشوائي والقصف الذي يستهدف المدنيين والبنى المدنية. وبحسب تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، قتل الأسد والميليشيات الداعمة له نحو 23 ألف طفل، والقوات الروسية نحو ألفين، و”داعش” نحو ألف، و”هيئة تحرير الشام” نحو 70، و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) نحو 232، و”الجيش الوطني السوري” المعارض نحو ألف، وقوات التحالف ضد “داعش” نحو ألف.
تجنيد الأطفال أو استخدامهم كجنود
استخدم تجنيد الأطفال أغلب الأطراف في سوريا، بما فيها ميليشيات الأسد، وقوات “الإدارة الذاتية” التي تستمر في اختطاف الأطفال وتجنيدهم، رغم وعودها واتفاقياتها مع الأمم المتحدة بعدم تجنيد الأطفال منذ عام 2014. كما استمر “الجيش الوطني السوري” المعارض بتجنيد الأطفال وزجهم في حروب خارج سوريا كأطفال مرتزقة.
العنف الجنسي ضد الأطفال واستهداف المدارس والمستشفيات
استخدم نظام الأسد العنف الجنسي كسلاح حرب ضد السوريين، بمن فيهم الأطفال من الذكور والإناث. كما استهدف المدارس والمستشفيات بالقصف بشكل منهجي. قدرت منظمة “يونيسف” أن نحو 40% من مدارس سوريا مدمرة أو متضررة. كما استخدم الأسد والمعارضة المدراس لأغراض عسكرية، وهو ما يمنعه القانون الدولي. أدى كل ذلك إلى حرمان ملايين الأطفال السوريين من الدراسة، ومن العناية الطبية.
منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال
يمنع الأسد منذ سنوات، بدعم روسي، وصول المساعدات الإنسانية، بما فيها الغذاء والدواء، إلى السوريين خارج مناطق سيطرته، بمن فيهم الأطفال، كما يسرق نظام الأسد المساعدات الإنسانية، ويوظفها سلاح حرب ضد معارضيه.
بالإضافة إلى هذه الانتهاكات الستة، ارتكب الأسد انتهاكات أخرى بحق الأطفال، من بينها اعتقال الأطفال رهائن للضغط على ذويهم، وإجبارهم على الظهور الإعلامي والإقرار بروايات واعترافات قسرية. كما اعتقل عائلات بأكملها مع أطفالها، ومن بينها عائلة الطبيبة رانيا العباسي، بمن فيها زوجها وأطفالها الستة الذين تراوحت أعمارهم حينها بين الشهور والسنوات. كما فرض حصارًا كاملًا على عدة مناطق في سوريا، ما أدى إلى تصاعد معاناة الأطفال.
يعاني أطفال سوريا أيضًا من انتهاكات تسببت بها أو فاقمتها الحرب داخل وخارج سوريا، بما فيها الزواج المبكر، والتعرض للانتهاكات بما فيها الجنسية في دول اللجوء. فمثلًا، حذرت الأمم المتحدة عام 2018 من تفشي العنف الجنسي في مراكز إيواء اللاجئين باليونان. كما يعاني الأطفال في مخيمات الاعتقال الخاصة بـ”داعش” من سوء الظروف الصحية والتغذية وغيرها.
حسب معايير الأمم المتحدة، بعد انضمام سوريا الأسد إلى المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، لا بد أن يكون نظام الأسد المجرم مؤهلًا للانضمام إلى المجلس التنفيذي لمنظمة “يونيسف” للطفولة. فمع ارتكابه أفظع الجرائم ضد الأطفال، وقتله أكثر من 20 ألف طفل على أقل تقدير، واعتقاله وتعذيبه لهم، وحرمانهم من الدراسة والغذاء والدواء، يبدو أنه صار مؤهلًا بشكل مناسب حسب الأمم المتحدة لعضوية منظمتها للطفولة.
يستخدم نظام الأسد عضويته في الاتفاقيات الدولية والمنظمات الأممية والدولية لعدة أغراض، من بينها تبييض صفحته وغسل جرائمه. يجب عدم إتاحة هذا الأمر للنظام المجرم، من خلال التدقيق في مساعيه الأممية، ومتابعتها والوقوف ضدها وفضحها.