موسم حصاد ضعيف وتكاليف مرتفعة تنهك مزارعي ريف حمص الشمالي

camera iconمزارع في حمص يعمل في أرض زراعية - نيسان 2021 (الإعلام الزراعي في سورية)

tag icon ع ع ع

حمص- عروة المنذر

شمالي حمص بـ20 كيلومترًا، وسط سوريا، يفتح “غربال السلام” أبوابه أمام المزارعين الذين انتهوا من جني محاصيلهم لتنظيفها من الأتربة والشوائب.

يطلب “أبو مروان”، وهو مزارع من مدينة تلبيسة في العقد السادس من عمره، المساعدة من شاب يقف بالقرب منه لتحميل ثلاثة أكياس من محصول الكزبرة على عربة متصلة بدراجته النارية، ويجلس لإشعال سيجارة من التبغ العربي.

بيديه المتشققتين، وهو يمسك كأسًا من الشاي بإحداهما، وسيجارته بالأخرى، قال لعنب بلدي، “المحصول في أسوأ أحواله هذا العام، فبالكاد بلغ إنتاج الدونم الواحد ثلث المعدل الطبيعي، هذا عدا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج من البذور والأسمدة واليد العاملة”.

لم يكن إنتاج ريف حمص الشمالي هذا العام كعادته، حاله كحال الأراضي الزراعية في مختلف المحافظات السورية، التي عانت من جفاف، فاقم من الأزمة الاقتصادية التي تمر على المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام.

قلة أمطار الربيع رافقت تأخر مياه الري

ترافق فصل الشتاء الماضي مع قلة بمعدل الأمطار الربيعية في شهر آذار، أما في نيسان فلم تسجل أي زخات مطرية، ما ألحق أضرارًا بالمواسم الزراعية وجعلها إنتاجيتها تتراجع.

سليمان الناصر مزارع من مدينة كفر لاها في سهل الحولة، قال لعنب بلدي، إن هذا العام من “أسوأ” الأعوام بالنسبة للفلاحين، بسبب قلة الأمطار خلال فصل الربيع.

وأجبر انخفاض منسوب المياه الجوفية، وارتفاع تكاليف استخراجها، المزارعين على اعتماد الزراعات البعلية، التي تكون الأمطار الربيعية معيار نجاحها، وكميات الهطول خلال شهري آذار ونيسان هي أهم ما يحدد نجاح المحصول من عدمه، بحسب سليمان.

ورغم ضخ مياه الري إلى ريف حمص الشمالي، منذ بداية أيار الماضي، بعد تنفيذ منظمة “الأغذية والزراعة” (FAO)، التابعة للأمم المتحدة، مشروع صيانة قنوات الري، فإن ضخ المياه من بحيرة “قطينة” لم يستطع أن ينقذ المحاصيل.

عبد المجيد الضيخ، مهندس زراعي من مدينة تلبيسة، قال لعنب بلدي، إن مياه الري لم تصل في وقتها المحدد الذي كان في 10 من نيسان قبل عام 2011، وتم تأخير ضخها أكثر من 25 يومًا لإصلاح بعض أجزاء القناة، ما أفقدها فاعليتها في ري وإنقاذ المحاصيل البعلية.

وأضاف الضيخ، أن مياه الري تستغرق ثلاثة أيام للوصول إلى ريف حمص الشمالي، وأسبوعًا لتوزيع ساعات الري على المزارعين، ما سبب تأخرها أكثر، وأفقدها قيمتها بالنسبة للمحاصيل البعلية بشكل كامل.

تضاعف في تكاليف الحصاد

أدى ارتفاع سعر المحروقات، الذي استمر منذ بداية العام الحالي، إلى ارتفاع أجور الحصّادات والدرّاسات أضعافًا عن العام الماضي، وأصدر مجلس محافظة حمص، في 12 من أيار الماضي، قرارًا يحدد أجور حصاد الدونم، في محاولة منه للتدخل وضبط الأجور، إلا أن أصحاب الحصّادات لم يلتزموا بالتسعيرة.

كامل عتال، يملك إحدى الحصّادات العاملة في مزارع مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، إن مجلس محافظة حمص حدد أعلى أجر لحصاد الدونم بـ15 ألف ليرة، على أن يتم تزويد الحصّادة بـ500 ليتر من المازوت يوميًا، بسعر 170 ليرة لليتر، إلا أن المحافظة “لم تلتزم بوعودها” في تسليم الوقود، ما رفع تكلفة حصاد الدونم إلى 25 ألف ليرة، وتستهلك الحصّادة ما لا يقل عن سبعة ليترات من المازوت لحصاد كل دونم، وسعر الليتر في السوق السوداء 1200 ليرة سورية.

وحتى لو التزمت المحافظة بوعودها، وقدمت المازوت المدعوم، لم يكن أصحاب الحصّادات ليلتزموا بهذا القرار، إذ لم يأخذ معدّو الدراسة في المحافظة إلا سعر المازوت في تقدير أجر تكلفة حصاد كل دونم، وأهملوا الزيوت والأعطال المكلفة، بحسب كامل.

وارتفعت أجور اليد العاملة التي يعتمد عليها المزارعون في حصاد مواسمهم يدويًا، وقال مروان العبد من مزارعي مدينة الرستن، لعنب بلدي، إن جني محاصيل الكمون والكزبرة واليانسون لا يكون بالآلات، ويضطر المزارعون للتعاقد مع ورشات من العمال لحصادها، وارتفعت أجرة ساعة العمل إلى 1500 ليرة لكل عامل، وتستهلك أجور زراعة وحصاد كل دونم 35% من ثمن الإنتاج، حسب تقديره.

وذكرت “FAO” في تقريرها، الصادر في 21 من أيار الماضي، أن ما عاناه المزارعون السوريون لتأمين احتياجاتهم الأساسية منذ عام 2011، كان له أثر مباشر على الأمن الغذائي في البلاد، الذي يفقده 60% من السكان، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وكانت الظروف المناخية هذا العام مصدر تهديد لمحصولي القمح والشعير بشكل رئيس.

وأضاف التقرير أن الأزمة التي تعانيها سوريا أثرت على قدرة الاستجابة للمؤسسات الحكومية المعنية، بسبب غياب الكوادر المؤهلة في البلاد، ونقص فرص التدريب لتطوير مهارات من تبقوا ليستطيعوا مواجهة الصدمات المتتالية للقطاع الزراعي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة