عروة قنواتي
أيام قليلة وتنطلق بطولات الصيف القارية، التي كان من المفترض أن تكون في الصيف الماضي لولا أن جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) عصفت بكل مرافق الحياة في الكرة الأرضية، وجرّدت الساحات والمنصات والملاعب من جماهيرها إلا فيما ندر، فلا صوت يعلو فوق صوت الجائحة إلا نضال الأندية والفرق والمنتخبات والنجوم، واستمرار الصراع على الرغم من النزيف الاقتصادي والبدني في أغلب القطاعات.
ويحفل صيف العام الحالي (2021) بانطلاق منافسات كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، التي ينظمها الاتحاد الأوروبي (يويفا) للمرة الأولى في 12 مدينة، وهو ما يثير حماسة عشاق اللعبة في هذه الدول، رغم أن كلًا منها تستضيف مجموعة قليلة من المباريات.
كما يعلو صخب الحدث في قارة أمريكا الجنوبية، حيث تقام منافسات بطولة كوبا أمريكا 2021، التي تعاني من صعوبة التنظيم والإقامة حتى اليوم.
والوضع، كما يقال، على كف عفريت في بعض الدول التي كانت مرشحة للاستضافة، بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية والصحية، ما اضطر اتحاد أمريكا الجنوبية (الكونميبول) إلى سحب التنظيم من كولومبيا أولًا قبل عشرة أيام، ثم من الأرجنتين قبل أسبوع تقريبًا، ومنح شرف التنظيم للبرازيل التي تحتل المرتبة الأولى في القارة بحجم واتساع رقعة جائحة “كورونا”.
قد لا نذهب في هذه الأسطر باتجاه النجوم والحالة الفنية للمنتخبات والترشيحات هنا وهناك، ولكننا نشير هنا إلى أن بعض اللاعبين المهمين لن يشاركوا فرقهم الوطنية في المحفل الأوروبي أو الأمريكي الجنوبي، بسبب الإصابات التي خلّفتها المسابقات المحلية الأوروبية، والتي انتهت قبل أسبوعين تقريبًا في معظم دول أوروبا والقارة الأمريكية، بالإضافة إلى الإصابة بجائحة “كورونا”.
ويضرب هذا الغياب، وخاصة في أوروبا، جرس الإنذار، إذ تقام البطولة على ملاعب متعددة من دول القارة في غضون شهر كامل، وليس في منطقة واحدة يمكن فيها تطبيق الإجراءات الصحية والتنظيمية اللازمة لضمان أمن وسلامة الفرق.
لم يسبق أن كانت كرة القدم مهددة ببطولاتها الرسمية بهذا الشكل منذ انطلاق اللعبة في القرن ما قبل الماضي، ولم يسبق أن كانت رزنامة كرة القدم في العالم بهذه الفوضى.
كنا نرى هذه الأشياء فقط في عالمنا العربي وفي الشرق الأوسط، أما في أوروبا وفي الدول الأبرز على مستوى العالم، فقد كشفت الجائحة عمق المصيبة من خلال حرمان الجماهير، وضرب التعاقدات مع النجوم، وأزمات صناديق الاتحادات المالية، والإصابات والغيابات بالجملة.
كل هذه العناوين والمفردات وأكثر من ذلك تضع القارة الأوروبية وأمريكا الجنوبية في ساعة الاستعداد والتأهب وعلى المحك رسميًا، بينما تنتظر الجماهير نتائج الفوز والتتويج، حتى زوال هذه الغيمة عن ملاعب الرياضة وعن العالم أجمع.