الفنان الإماراتي ياسر العظمة

  • 2021/06/06
  • 11:38 ص

الفنان السوري ياسر العظمة (تعديل عنب بلدي)

نبيل محمد

لم يغب الجدل المرافق لأي سلوك يقوم به الفنان السوري، الإماراتي حديثًا، ياسر العظمة عن أجواء “الميديا” العربية. عنده دائمًا من الجمهور من يحلو له أن يستبق اسمه بصفة الأسطورة، وله أيضًا من يعيب عليه رمادية الموقف تجاه بلاده، إن كان موقفه رماديًا بالفعل. يعلن عن برنامج على “يوتيوب” يقدم من خلاله بعضًا من تجاربه في الحياة، فيلقي الشعر تارة ويتحدث عن أساتذة مدرسته تارة أخرى، ثم يبشّر بمسلسل جديد سيُعرض خلال الموسم الرمضاني، فيتأخر المسلسل عن العرض، ثم يعود حاملًا الجنسية الإماراتية، وشاكرًا رعاة الفن والفنانين الإماراتيين على هذه الأعطية.

يبحث العظمة، صاحب أطول سلسلة تلفزيونية جابت شاشات العالم العربي (مرايا 1982– 2013)، عن أسرار الحفاظ على النجومية والشهرة ومحبة الجمهور، فيبدو أنه يرتبك في ابتداع تلك الوصفة، لا يحذو حذو مواطنه دريد لحّام في الإعلان المباشر والفج عن الدفاع عن النظام السوري، والتحول إلى بيدق في يد طغاة دمشق، يحاول إضحاك الجمهور بين تارة وأخرى بنكات أكل الدهر عليها وشرب فيفشل، ويرفض التقاعد حاله كحال أغلبية الفنانين الذين تقدم بهم السن، فبحثوا عن حضور إعلامي يتجدد بين تارة وأخرى، حضور يوفّر عليهم  جهد العمل في مسلسلات أو أفلام قد يمنعهم سنهم ووضعهم الصحي من القيام بها. وكذا لا يجد العظمة سر الحفاظ على السمعة والصورة في اتخاذ موقف سياسي جريء كسب به فنانون قليلون امتحانًا أخلاقيًا، وخسروا إنتاجًا وحضورًا وبلدانًا في بعض الأحيان. فيجد العظمة في التوسّط وعدم المباشرة، ما يحفظ له على الأقل صفة الأسطورة لدى كثيرين.

امتداح حاكم دبي في منشور العظمة بعد أن نال الجنسية الإماراتية، حسم مشكلة التوسّط وعدم المباشرة التي يراوح الفنان مكانه فيها منذ سنين، فأن تجد فنانًا يورد في جملة كتبها “الشكر لراعي الفنون والآداب والعلوم على هذه المكرمة”، فستكون قادرًا على وضع هذا الفنان في مكان محدد، وهو قابلية شكر الرعاة، أولئك الذين أنى استبدلتَ أسماءهم بقيت الجملة تحمل الوقع ذاته، فمنذ ستينيات القرن الماضي، كان في هذه البلاد دائمًا رعاة، ترد أسماؤهم في الجملة ذاتها التي تختلف باختلاف المجال الذي يقوم الشكر فيه، فالعالم يشكر راعي العلوم، والصناعي راعي الصناعة، والفنان راعي الفن… الراعي ذاته الذي تشمل رعايته كل المجالات، وتهتف باسمه الجموع لحظة إطلاقه مكرمة خاصة أو عامة.

لم ينزل ياسر العظمة إلى درك دريد لحّام، حيث المقارنات بينهما دائمًا ما تُحسم لمصلحة العظمة بلا شك حتى من قبل شريحة كبيرة من جمهور مؤيدي الديكتاتوريات، فلحّام استهلك دعابته منذ سنين طويلة، وصار اتكاؤه على مجموعة مصطلحات سمجة غير قادر على الحفاظ على صورته إلا لدى الجهات الرسمية التي لا تبالي بثقل الدم طالما وظّف هذا الثقيل “ثقالته” في المكان الصحيح، لكن قدسيّة ياسر العظمة المتأتية في كثير من الأحيان من هذه المقارنة، هي قدسيّة غير جديرة بأن تنال مكانتها، هو ميّال بما لا شك فيه إلى الانتماء إلى المدرسة ذاتها، مدرسة مخاتير الفن الذين أنتجوا فنونهم في معالم الديكتاتوريات ذاتها، ولم يستطيعوا الانعتاق منها، بل وشرحوا مواقفهم لجمهورهم أن أي خروج لهم عن القوالب التي وضعتها الأنظمة السياسية ما هو إلا خروج منظم بموافقة الأجهزة ذاتها، وأنه عندما تبدأ المعركة الوجودية لتلك الأنظمة سيكونون في المكان المخصص لهم، تصريحًا مباشرًا أو غير مباشر أو حتى صمتًا مؤقتًا، وأنهم لا يمكنهم أن يكونوا في أي مكان لا رعاة فيه للفن والفنانين يشكرونهم على أعطياتهم التي قد لا يكون لاستثمارها زمن طويل متبقٍّ للفنان المسن. يجدون شكر الرعاة واجبًا دائمًا، فلا فن من منظور مدارسهم تلك بلا رعاة.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي