يسعى النظام السوري لإنجاز مشهد جديد من “التسويات” في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، امتدادًا لـ”التسوية” الموقعة منتصف عام 2018 بين النظام وفصائل المعارضة بوساطة روسية، الأمر الذي سمح للنظام بعودة سيطرته على كامل المحافظة.
وجاء طرح “التسوية الجديدة” بعد انتهاء الانتخابات التي أطلقها النظام في أيار الماضي، وانتهت بـ”فوز رئيس النظام، بشار الأسد بنسبة 95.1%، أمام منافسيه الآخرين”، وترحيل 150 شخصًا من بلدة أم باطنة بريف القنيطرة الأوسط بعد توترات عسكرية شهدتها البلدة.
وحسبما نقل مراسل عنب بلدي في القنيطرة خلال حديثه مع أهالٍ، تشمل “التسوية” الجديدة الفارين من الخدمة العسكرية، والمطلوبين أمنيًا، إذ ستشطب أسماء المطلوبين لأفرع النظام الأمنية، عبر “لجنة مركزية” من عدة أفرع أمنية.
وبعد ملء استمارة “التسوية”، يحصل الشخص على بطاقة “تسوية”.
ناشط من ريف القنيطرة الجنوبي (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إنه لا يود الذهاب إلى “اللجنة المركزية” لأن “التسوية” الحالية كسابقتها في 2018، إذ لم يخرج المعتقلون من سجون النظام، ولم يُكف البحث عن المطلوبين والمعارضين له.
وأضاف الناشط أنه أجرى “فيش أمني رباعي” في مديرية الهجرة والجوازات، وأظهر “الفيش” أنه ما زال مطلوب لثلاثة أفرع أمنية منذ عام 2014، فـ”التسوية” “مسرحية جديدة تطيل عمر النظام في الجنوب، وجرعات مسكنة لإيقاف التوتر في القنيطرة”.
ولم يلتزم النظام بتعهداته في “تسوية” عام 2018، فـ”التسوية” التي كان من المفترض أن تمنع ملاحقة المعارضين واعتقالهم، لم تكن أكثر من حبر على ورق، ونفذ النظام حملات اعتقال طالت مئات الأشخاص، منهم من قضى تحت التعذيب.
وسيلة لكسب الرزق
الشاب محمد زيتون أجرى “تسوية” أمس، الخميس 3 من حزيران، وهي “التسوية” الثانية التي يجريها.
وبرر إجراءه “تسوية”، في حديث إلى عنب بلدي، بالحصول على بطاقة جديدة تجعله يخرج إلى القرى والمدن المجاورة للعمل في مهنته البناء، فهو بحاجة ماسة إلى العمل، والبطاقة تسهّل مروره عل الحواجز إذا فتشه عناصر الحاجز.
وشكّلت “التسوية” قلقًا لدى أهالي القنيطرة، ولديهم عدة تساؤلات حولها لم تُفسر أو تُوضح من قبل لجان المصالحات، إضافة إلى سبب طرحها في هذا الوقت.
وسبق إعلان “التسوية” ترحيل أهالي أم باطنة، بعد اتفاق أهالٍ من البلدة و”فرع سعسع” (الأمن العسكري) في 20 من أيار الماضي، بوساطة “لجنة المصالحة” في القنيطرة و”اللجنة المركزية” في درعا، بترحيل 30 شابًا من أهالي البلدة مع عوائل بعضهم إلى شمالي سوريا.
وبلغ عدد المهجرين من البلدة 150 شخصًا بينهم مقاتلون ومدنيون من مختلف الأعمار.
ونص الاتفاق على إفراج قوات النظام عن شابين من أبناء البلدة، كان المفاوضون طلبوا إخراجهم في الجولات السابقة.
وكان “فرع سعسع” مصرًا على خيار التهجير منذ التوترات التي بدأت مطلع أيار الماضي، وإجراء “تسوية” للمطلوبين للخدمة الإلزامية في قوات النظام.
ويعتبر الحصار والتهديد ثم الترحيل، الحالة الأولى من نوعها في محافظة القنيطرة بعد سيطرة النظام السوري عليها في تموز 2018، في حين تعرضت مناطق في درعا للاقتحام والتهديد سابقًا وحتى الترحيل.
وشهدت أم باطنة توترات نتيجة هجوم مسلحين، في 1 من أيار الماضي، على نقطة عسكرية تابعة للميليشيات الإيرانية في قرية صغيرة تسمى الدوحة تقع بين تل الشعار وقرى جبا وأم باطنة وممتنة.
وهذه المنطقة قريبة من السياج الحدودي الفاصل بين سوريا والأراضي المحتلة من قبل إسرائيل.
وعلى خلفية الهجوم على الحاجز، قُصفت البلدة بقذائف المدفعية من تل الشعار القريب منها، ما دفع الأهالي إلى اللجوء للبلدات المجاورة.
–