رجّح البنك الدولي في تقرير صادر اليوم، الثلاثاء 1 من حزيران، أن تكون الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان واحدة من أشد ثلاث أزمات اقتصادية في العالم منذ عام 1850.
ولفت التقرير إلى ما وصفه بالتقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الإنقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، وتأثير ذلك على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلًا والسلام الاجتماعي الهش، في حين لا تلوح في الأفق أي نقطة تحوّل واضحة.
ويواجه لبنان منذ أكثر من عام ونصف، وفقًا للتقرير، تحديات متفاقمة، وهي أكبر أزمة اقتصادية ومالية في زمن السلم، وجائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وانفجار مرفأ بيروت.
كما أشار تقرير البنك الدولي إلى ما وُصف بالكساد الاقتصادي المتعمد، وعدم كفاية استجابة السلطات اللبنانية لهذه التحديات على صعيد السياسات العامة، مرجعًا السبب في ذلك إلى غياب توافق سياسي بشأن المبادرات الفعالة في مجال السياسات، ووجود توافق سياسي لحماية نظام اقتصادي مفلس، أفاد أعدادًا قليلة من المواطنين لفترة طويلة.
ولفت إلى وجود لبنان في نطاق البلدان التي تشهد هشاشة وصراعًا وعنفًا، بالنظر إلى تاريخه المحفوف بحرب أهلية طويلة، وصراعات متعددة.
وبحسب تقديرات البنك الدولي، شهد الاقتصاد اللبناني، عام 2020، انكماشًا في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، بنسية 20%، أمام انخفاض قيمة إجمالي الناتج المحلي للبنان من حوالي 55 مليار دولار أمريكي عام 2018، إلى نحو 33 مليار دولار أمريكي عام 2020.
وانخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنحو 40% من القيمة الدولارية، بما يرتبط مع الصراعات والحروب عادة، في ظل نظام متعدد أسعار الصرف، وحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، وتوقعات بانكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 9.5% في العام الحالي.
كما ناقش التقرير تأثير الأزمات على أربع خدمات أساسية، هي الكهرباء، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والتعليم، مشيرًا إلى دور الكساد في تقويض هذه الخدمات العامة، مقابل عجز الأسر عن توفير البدائل التي يقدمها القطاع الخاص.
ومنذ الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، في 4 من آب 2020، مخلفًا خسائر كبيرة في الأرواح والبنى التحتية، يعيش لبنان عدة أزمات سياسية واقتصادية، من أبرزها ملف الحكومة التي كُلّف الحريري بتشكيلها منذ تشرين الثاني 2020، وفق المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لإنقاذ اقتصاد لبنان الذي يعيش أزمة مصارف تتمثل بتهريب الأموال من المصارف اللبنانية.
وأفقدت الأزمة المودعين القدرة على التحكم بمقدار ما يرغبون بسحبه من أرصدتهم البنكية، وأسهم في ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية، مع تلويح البنك المركزي اللبناني باحتمالية رفع الدعم عن السلع الأساسية.
ورغم تحركات سياسية عديدة تمثلت بزيارتين للرئيس الفرنسي إلى لبنان في أعقاب انفجار المرفأ، وتنظيم مؤتمر دولي لدعم الشعب اللبناني وزيارات خارجية للحريري، وزيارات عربية إلى لبنان، لم يحرز ملف تشكيل الحكومة اللبنانية بعد أي تقدم يذكر.
ويواجه لبنان، بالإضافة إلى 19 دولة أخرى من بينها سوريا، مخاطر انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).
ويتأثر السوريون في لبنان بالظروف الاقتصادية التي انعكست على المهن التي يمارسها بعضهم، بالإضافة إلى حوادث الكراهية والعنصرية التي تطفو من وقت لآخر بشدة متفاوتة، وكان آخرها إحراق مخيم لاجئين في منطقة المنية، في كانون الأول 2020، إثر إشكال بين شخص من آل المير وبعض العمال السوريين، بحسب ما نقلته “الوكالة الوطنية للإعلام“.
وفي كانون الثاني الماضي، وافق البنك الدولي على منح لبنان 246 مليون دولار ضمن ما وصفه بـ”مشروع دعم طارئ جديد”، وذلك بعد مفاوضات متبادلة بين الطرفين منذ نحو شهر تقريبًا.
Recent crises in #Lebanon have threatened to reverse hard-won gains in human capital. Our new World Bank support program will reach the poorest people with cash transfers and also focus on the vulnerable, incl. students, women-headed households, the disabled and the elderly. https://t.co/2iWTABKsXn
— Axel van Trotsenburg (@AxelVT_WB) January 13, 2021
وحدد، حينها، المدير المنتدب لشؤون العمليات في البنك الدولي، أكسيل فان تروتسنبيرغ، الفئات المستفيدة من دعم البنك، وقال عبر تغريدة في حسابه على “تويتر”، إن برنامج دعم البنك الدولي الجديد سيصل إلى أكثر الناس فقرًا بتحويلات مالية نقدية، وسيركز على الفئات الضعيفة، بمن فيها الطلاب وكبار السن وذوو الإعاقة والأسر التي تعولها سيدات.
–