أثار انتخاب منظمة الصحة العالمية بالإجماع النظام السوري لعضوية المجلس التنفيذي فيها، استياء عاملين سوريين في القطاع الصحي، وناشطين ومنظمات وجمعيات مجتمع مدني عاملة في الشأن السوري، بسبب انتهاكات النظام الموثقة دوليًا في القطاع الصحي.
“صحة إدلب” تحتج على القرار
خرج عاملون في مديرية صحة إدلب في وقفة احتجاجية اليوم، الاثنين 31 من أيار، استنكارًا لقرار “الصحة العالمية” ضم النظام لعضوية مجلسها التنفيذي.
وتساءل مسؤول العلاقات العامة في المديرية، غانم الخليل، عن المعيار الذي اختير وفقه النظام للعضوية، وقال في حديث إلى عنب بلدي، “هل هو مكافأة على إجرامه طوال السنوات الماضية من قتل للأطباء والكوادر الطبية والممرضين، واستهداف سيارات الإسعاف والمسعفين، وتدمير المستشفيات والمراكز الطبية؟”، بحسب قوله.
وأضاف الخليل أن منظمة الصحة العالمية “فُضحت” من خلال هذا الإجراء، إن لم تراجع سياستها وقرارها في عضوية النظام بالمجلس التنفيذي رغم “إجرامه”.
واستنكر حسام إبراهيم من مديرية صحة إدلب قرار “الصحة العالمية”، داعيًا المنظمة إلى التراجع عن قرارها وإلغائه بشكل كامل ومحاكمة النظام ومعاقبته.
بيانات شجب واستنكار
احتجت منظمة “بنفسج” العاملة في الشمال السوري على قرار المنظمة، معتبرة إياه غير منسجم مع الواقع، وخاصة أنه صادر من منظمة أممية، لها دور أساسي في رعاية النظام الصحي في العالم والعاملين في هذا القطاع.
وقال بيان صادر عن المنظمة اليوم، إن القرار لم يحترم دماء 930 عاملًا في القطاع الصحي قُتلوا، وتدمير 595 مرفقًا طبيًا، واعتقال ثلاثة آلاف و329 عاملًا في القطاع الطبي بينهم 282 سيدة، حتى شباط 2021، وقضى منهم 84 شخصًا تحت التعذيب.
وأضاف أن استهداف النظام للقطاع الطبي تسبب في هجرة 70% من الأطباء، وبذلك صارت نسبة الأطباء من عامة الشعب طبيبًا واحدًا لكل عشرة آلاف شخص، بينما كانت قبل ذلك طبيبًا لكل 600 شخص.
وقالت منظمة “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) في بيان، الأحد 30 من أيار، إن “إحباطًا حقيقيًا وصدمة كبيرة شعرنا بها كمنظمات مجتمع مدني، بسبب انتخاب نظام الأسد غير الشرعي، عضوًا جديدًا في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية”.
واعتبر البيان أن هذا الإجراء يعد “مكافأة له على ما ارتكبه من جرائم بحق المدنيين وعمال الإغاثة والكوادر الطبية، ومن تدمير ممنهج للمستشفيات وغيرها من المراكز الصحية”.
واعتبرت “رابطة الشبكات السورية” خطوة منظمة الصحة العالمية، في بيان صادر في 29 من أيار الحالي، “انتكاسة” للجهود الرامية إلى دعم قضية حماية المرافق الصحية والعاملين في المجالين الصحي والإنساني وعمال الإنقاذ.
واستنكرت الرابطة إهدار حقوق الضحايا الذين سقطوا في الاعتداءات على المرافق الصحية، وأدانت “مكافأة وكالة أممية للجلاد، واعتباره شريكًا، بدلًا من ملاحقته قانونيًا من قبل المجتمع المدني”، بحسب ما جاء في البيان.
وقال البيان، إن المجتمع المدني السوري يعتبر انتخاب النظام عضوًا جديدًا في المجلس التنفيذي للمنظمة، “انحيازًا غير مقبول وغير مبرر يشرعن الجرائم والانتهاكات بدل إدانتها”.
لا اعتراض دوليًا على الترشح
ويُظهر المقطع المصوّر، الذي شاركه الكاتب والصحفي السوري منصور العمري عبر “فيس بوك“، لانتخاب سوريا في مجلس “الصحة العالمية”، عدم اعتراض أحد من ممثلي الدول الأعضاء الحاضرين للاجتماع على الترشح.
وقالت رئيسة جمعية المنظمة، بعد أن تلت أسماء 12 دولة مرشحة لعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة بما فيها سوريا، “أرى أنه لا أحد يريد التعليق، وأفهم أنه لا يوجد اعتراض، لذلك أعلن انتخاب الأعضاء الـ12”.
والحضور هم ممثلو الدول الأعضاء في المنظمة، بما فيها دول ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وقطر وتركيا.
وبحسب العمري، فإن من يتخذ القرارات عمومًا في الأمم المتحدة ومنظماتها هي الدول الأعضاء لا المنظمة بحد ذاتها.
ما وظيفة المجلس التنفيذي؟
وفي 28 من أيار الحالي، انتخبت “الصحة العالمية” بالإجماع في دورتها الـ74، سوريا لعضوية المجلس التنفيذي فيها، من بين أعضاء آخرين انضموا حديثًا إلى المجلس.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن سوريا انتُخبت “كممثلة عن الشرق الأوسط”، خلال الدورة الحالية لأعمال منظمة الصحة العالمية، التي بدأت افتراضيًا في 24 من أيار الحالي، وتستمر حتى 1 من حزيران المقبل.
لكن حساب المنظمة على “تويتر” نقل الخبر، دون توضيح ما إذا كانت سوريا ممثلة عن الشرق الأوسط أم لا.
ويتألف المجلس التنفيذي للمنظمة من 34 فردًا من ذوي المؤهلات التقنية في مجال الصحة، ويجري تسمية كل فرد من قبل إحدى الدول الأعضاء المنتخبة لهذا الغرض من قبل المنظمة، وتُنتخب الدول الأعضاء لولاية مدتها ثلاث سنوات.
ويجتمع المجلس مرتين على الأقل سنويًا، ويُعقد الاجتماع الرئيس عادة في كانون الثاني من كل عام، مع عقد اجتماع ثانٍ أقصر مدة في أيار.
وتقتصر وظائف المجلس التنفيذي الرئيسة على إنفاذ ما تقرره منظمة الصحة، وإنفاذ سياساتها، وإسداء المشورة إليها، والعمل عمومًا على تيسير عملها.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب أنس الخولي
–