"معظم الأدوية تؤخذ بعد الطعام، والحي يفتقر لكليهما"
“الموت” بانتظار أطفال الوعر المحاصرين والأطباء عاجزون
جودي عرش- حمص
يعيش قاطنو حيّ الوعر، آخر الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حمص، أوضاعًا إنسانية متردية، ولا يقتصر الحصار المفروض عليهم على الطعام والخضار فقط، بل تعدت سياسة التجويع إلى أطفال الحي، فمنذ ثلاثة أشهر لم يدخل أي نوعٍ من الأدوية وحليب الأطفال، ما أدى إلى انتشار أمراض سوء التغذية وتهديد حقيقي بمأساة جديدة.
100 طفل مريض يوميًا
وينتشر مرض سوء التغذية لدى الأطفال بشكلٍ سريع وغير مألوف، حسب الدكتور (ز.ق) إخصائي طوارئ، والذي أفاد أن معظم الأطفال لديهم حالة سوء التغذية بسبب النقص الحاد في الحليب بالدرجة الأولى مرورًا بالمواد التموينية، ما أدى إلى نقص المناعة لديهم وانتشار أمراض التسمم إضافة للالتهابات الجلدية والتجفاف.
20 حالة مرضية يستقبلها الطبيب يوميًا متوسطة الخطورة، إضافة إلى الحالات الاعتيادية أو الخطرة، ليصل عدد مراجعيه إلى قرابة 100 حالة بشكل يومي، معظمها من الرضع تحت سن العام بنسبة 70% وما تبقى دون سن الخامسة عشر.
وتابع الطبيب «معظم الحالات لا تستجيب للعلاج، وهذا يعود لإطعام الأهالي الرضيع المعكرونة والأرز في سن الشهر والشهرين، نظرًا لانقطاع حليب بعض الأمهات لأسباب نفسية وعدم وجود غذاء كافٍ حتى تشبع الأم نفسها قبل أن تشبع رضيعها»، وأردف «حتى اللحظة لم يدخل أي لقاح للحي وهذا يؤدي لوقوع كارثة إنسانية وعودة الأمراض المنقرضة كشلل الأطفال والحصبة والجدري والسحايا».
«ابنتي مصابة بـ 5 أمراض»
الطفلة سالي، ابنة العام الواحد، أصيبت بوعكة صحية حادة أدخلتها المشفى لتوضع تحت المراقبة، وقالت والدتها «عندما فحصها الطبيب وأجرى التحاليل اللازمة تبين لنا أنها مصابة بخمسة أمراض وهي: فقر الدم، التهاب الأمعاء، التهاب المجاري البولية، رمل الكلى، والتجفاف».
لم تصدق والدة سالي أن الحصار سيصل بابنتها إلى السيرومات، وتابعت «يصعب عليّ رؤيتها توخز بالإبر خصوصًا أنها هدية الله لي من زوجي الراحل، لكنني وكسائر الأمهات لا أملك غذاءً لها سوى الأرز فهي الوجبة المعتادة لنا».
لا نملك أدوية لأطفالنا ضد الجرب والقمل
ويشكو القطاع الطبي في حي الوعر من نقص في الأدوية والتجهيزات اللازمة، بما فيها اللقاحات الدورية للأطفال، بحسب أبو محمد، الصيدلاني المقيم في الحي، والذي اعتبر أن حوالي 50% من الدواء الذي يطلبه الأهالي منعدم تمامًا، «نواجه نقصًا حادًا شمل كافة الأدوية، بما فيها الالتهابات والفيتامينات والأدوية القلبية وأدوية مرض السكر، وهذا يعني أننا نواجه خطر موت حقيقي لعشرات المصابين بعد إيقاف دخول الأدوية منذ ثلاث أشهر».
وأوضح أبو محمد أن أهالي الحي تقدموا مؤخرًا بطلب للهلال الأحمر لإدخال الأدوية إلى الحي لكنّ النظام رفض ذلك كليًا، بالتزامن مع وقف إدخال المساعدات الأممية أيضًا، وتابع «لا يمكننا وقف أمراض الجرب والقمل من الانتشار عند الأطفال، فنحن لا نملك العلاج اللازم لذلك وهذا الأمر سبب أزمة كبيرة».
أنا طبيب أخجل من الأطفال
حالة وهنٍ انتشرت بين الأطفال البالغ عددهم قرابة 15 ألفًا، في ظل انتشار أوبئة جديدة كالحمى المالطية واليرقان، كما وصف الدكتور أبو المجد الخالدي، أحد القائمين على المشفى الميداني الوحيد في الوعر، وأضاف «خلال قيامنا بالفحوصات الطبية اكتشفنا حالات سوء تغذية وحالات وهن منها في المرحلة المتوسطة ومنها من وصل للمرحلة الخطيرة، وأغلب الحالات التي تأتينا هي للأطفال الرضع وسط انعدام الحليب والمغذيات والحفاضات».
يعجز الأطباء عن تكريس خبراتهم وتقديم المساعدات الطبية للحالات الطبية المتفاقمة، وسط انعدام مقومات العمل الطبي والصحي في الوعر، وغياب أفق الحلول في ظل الحصار المستمر، وتابع الخالدي «أخجل من كتابة الأدوية للأطفال لأنّ أغلبها غير موجود ولأن معظمها يأخذ بعد الطعام وللأسف نحن لا نملك الطعام».
يشار إلى أنّ الاتصالات وخط التفاوض عاد مؤخرًا بين لجنة المفاوضات في الحي وقوات النظام، كما تلقى الحي وعودًا بإدخال الحليب والدواء في الأيام المقبلة، في حين بقيت قضية المواد الغذائية معلقة بخروج لجنة المفاوضات إلى دمشق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :