بُنيت رواية “البطء” للكاتب والروائي الفرنسي ميلان كونديرا على قصتين عاطفيتين، إحداهما في القرن الـ18 والأخرى في القرن الـ20، ويبدأ الروائي كلتا القصتين بـ”مونولوج” (حوار داخلي) مع نفسه، وكأنه يرتدي قبعة الإخفاء في رحلاته عبر الزمن، ليشهد خيانات وقصص حب غير علنية.
يعتمد سرد الرواية على الكثير من وصف التفاصيل والأحاديث بين شخصياتها، وهنا يبرز البطء في أحداث الرواية من خلال قصتها الأولى.
يُغرق كونديرا قصته الأولى في الرواية بوصف التفاصيل الوجودية لدى الإنسان، فيقول “ثمة وشيجة سرية بين البطء والذاكرة، كما بين السرعة والنسيان، لنذكر بهذا الصدد وضعية قد تبدو عادية للغاية، رجل يسير في الشارع، ثم فجأة يريد تذكر أمر ما، لكن الذاكرة لا تسعفه، في تلك اللحظة، بطريقة آلية يتمهل في الخطو، أما من يسعى إلى نسيان طارئ شاق وقع له توًا، على العكس، يُسرع لا شعوريًا في مشيته”.
أما في القصة الثانية، فتبدأ وتيرة الأحداث بالتسارع أكثر، وتكثر ردود الفعل والنقاشات حول معنى الحب، فهو وفقًا لأحداث القصة الثانية، “هدية غير مشروطة”، أي أن تكون محبوبًا من دون اشتراط صفة معيّنة ليتولد هذا الشعور، وهو البرهان على الحب الحقيقي.
يحكم الرواية بشكل عام محاولة كاتبها ربط الأحداث الغرامية بفلسفة الزمن من ناحية كيفية تغير استغلاله بين الماضي والحاضر، وتظهر فلسفته عن طريق العلاقات الحميمية في القصتين، ليوضح تغير مفاهيم الرغبة والحب عبر الزمن.
فمن السائد بوجه عام أن مفهوم اللذة يعني نزوعًا لا أخلاقيًا نحو حياة المتعة، إن لم تعتبر رذيلة، وهذا “مجانب للصواب” برأي كونديرا، لأن من يشعر باللذة هو من لا يتألم، فالألم إذًا هو الفكرة الأساس لمذهب اللذة.
رواية “البطء” بمثابة عرض لأفكار كونديرا حول حياة تفتقد إلى اللذة والسعادة والتأمل في مقابل الانتصار للسرعة والتطور والراحة الجسدية.
ميلان كونديرا كاتب وروائي فرنسي من أصول تشيكية، ويعد من أشهر الروائيين اليساريين، ومن أشهر أعماله رواية “كائن لا تحتمل خفته”، التي حُوّلت إلى فيلم يحمل الاسم ذاته، وكذلك رواية “المزحة” ورواية “كتاب الضحك والنسيان”.