حمص – عروة المنذر
أصدرت رئاسة مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري، في 15 من أيار الحالي، القرار رقم “695” الذي تضمّن فرز المهندسين المتخرجين في عامي 2018 و2019 إلى الجهات العامة في الوزارات كافة، التي ضمنت وظائف جديدة، برواتب زهيدة، للباحثين عن عمل، في حين بقي آلاف غيرهم بانتظار فرص لا تتطلب إصدار ورقة “لا حكم عليه”.
يعاني الخريجون في حمص من قلة فرص العمل، وعدم ملاءمة الراتب الشهري مع الوضع المعيشي وحجم الجهد المبذول في العمل بالنسبة للمهندسين، الذين يفرض عليهم ضمن القطاعين، العام والخاص، إصدار ورقة تثبت عدم إصدار أحكام قضائية أو عسكرية بحقهم، ما حرم المتخلفين عن الخدمة العسكرية من فرصهم، ودفعهم للبحث عن حلول بديلة، كانت الهجرة والسفر أبرزها، وإن كانت صعبة المنال أيضًا.
فرز عشوائي ورواتب زهيدة
لا تراعي حكومة النظام في أغلب حالات التوظيف وفرز العاملين ملاءمة الاختصاص مع مكان التعيين والمهام المطلوبة، ولا تعطي الحد الأدنى من الرواتب والأجور للعاملين ليتمكنوا من تأمين احتياجاتهم، وتفتح البواب أمامهم للرشوة والفساد.
سامر دلة خريج هندسة ميكانيك فُرز إلى مديرية التربية في حمص، قال لعنب بلدي، إن الفرز لا يراعي مجال الاختصاص، “وخلال تسجيل الرغبات في المفاضلة، يحكم الخريجين القرب من مكان الإقامة الدائم لعدم القدرة المادية على السكن في مكان بعيد”.
ويتقاضى المهندسون في بداية تعيينهم بالقطاع العام 42 ألف ليرة سورية (13 دولارًا)، بينما تتراوح رواتبهم في القطاع الخاص بين 150 و400 ألف ليرة (بين 47 و125 دولارًا)، بحسب الاختصاص والشركة التي يعملون بها.
لا يكفي الراتب الحكومي أجور مواصلات في أحسن الأحوال، وضعف رواتب القطاع العام جعل الخريجين تحت رحمة القطاع الخاص، الذي يريد جهدًا كبيرًا مقابل راتب زهيد مقارنة بسعر الصرف أو الوضع المعيشي، بحسب سامر.
“لا حكم عليه” تحرم الشباب من العمل
من ضمن الأوراق التي يُطلب من المقبولين تقديمها للحصول على وظائف في القطاعين العام والخاص، بيان سجل عدلي (لا حكم عليه)، وهي ورقة تُستخرج من وزارة الداخلية، ولا يستطيع المتخلفون عن الخدمة الإلزامية الحصول عليها، لتجريم القانون المكلفين بحكم قضائي في حال التخلف عن الالتحاق بالخدمة.
عدي نور الدين ممن تم تعيينهم بالقرار الأخير، قال لعنب بلدي، إن التخلف عن الخدمة العسكرية أفقده حقه بالتقدم إلى المكان الذي فُرز إليه لعدم قدرته على الحصول على “لا حكم عليه”.
وأضاف عدي أن الفرز بقي من نصيب الشابات والمهندسين الموجودين في الخدمة العسكرية، “هكذا يقسم النظام الشباب الموالين له عن غيرهم”، حسب رأيه.
قلة فرص العمل دفعت أغلب الشباب للتفكير بالسفر والهجرة إلى بقية الدول، للعمل أو التوطين، لكن علاقات النظام السياسية مع بقية دول الخليج والمنطقة صعّب على السوريين الحصول على تأشيرة عمل، إضافة إلى التعقيدات التي فرضتها الإغلاقات التي رافقت جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
عمر حمدان مهندس مدني من محافظة حمص، قال لعنب بلدي، إنه سافر إلى أربيل في كردستان العراق، بداية عام 2012، ولكنه عاد منذ شهر، وكان قد دفع ثمن “الفيزا” 1200 دولار، لكنه لم يستطع الحصول على عمل قريب من اختصاصه، وأغلب الأعمال المتوفرة في ورشات الدهان والصيانة، وبرواتب لا تتعدى 200 دولار في الشهر.
ومضى عامان على آخر قرار فرز للمهندسين، الذي صدر في نيسان من عام 2019، والذي كان خاصًا بفرز خريجي عام (2016/2017)، تقدم خلاله ستة آلاف مهندس وفُرزوا جميعًا، أما خلال الفرز الحالي فبلغ عدد المتقدمين للفرز 9408 مهندسين، وفُرز منهم 6413 فقط بنسبة 68%.
وتعتمد رئاسة مجلة الوزراء آلية جديدة للفرز عن طريق موقعها الإلكتروني، ويتم الفرز بشكل مؤتمت بحسب حاجة كل جهة ورغبات المتقدمين.