الرقة – حسام العمر
تخلى فرحان عن وظيفته في إحدى لجان “مجلس الرقة المدني”، بعد أن طُلب منه تأدية الخدمة الإجبارية في صفوف “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
فرحان العلي (27 عامًا) من سكان الرقة، قال لعنب بلدي، إنه اضطر للتخلي عن وظيفته على الرغم من كونه أحد أوائل الشبان الذين انضموا للمؤسسات التي أُقيمت لإدارة شؤون المدينة، حتى قبل سيطرة “قسد” عليها في أواخر عام 2017.
وأُسّس “مجلس الرقة المدني”، في 18 من نيسان 2017، ببلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي في وقت كانت “قسد” تخوض معارك ضد مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي كان يسيطر على مناطق واسعة من الأراضي السورية.
حال فرحان كالعديد من الشباب الذين اضطروا للتخلي عن وظائفهم بعد فرض التجنيد الإجباري عليهم في صفوف “قسد”، والتضييق الذي عانوه من “الإدارة” التي استبدلت بهم موظفين سابقين لدى مؤسسات النظام السوري.
مصائب قوم عند قوم..
“مصائب قوم عند قوم فوائد”، بهذا المثل الشعبي وصف فرحان حاله وحال رفاقه، إذ استُبدل بهم موظفون سابقون لدى النظام السوري، على الرغم من تمنع أغلبهم عن الانضمام للمؤسسات المدنية التي استُحدثت في الرقة ببدايات سيطرة “قسد” عليها.
ويصدر مكتب “الدفاع الذاتي” التابع لـ”قسد” بين الحين والآخر تعاميم يطالب فيها من يصفهم بالمتخلفين بـ “تسوية أوضاعهم والالتحاق بواجب الدفاع الذاتي”، أحدثها تعميم صدر في 20 من أيار الحالي.
أحد موظفي لجنة “الطاقة والاتصالات” التابعة لـ”مجلس الرقة المدني”، الذي تحفظ على ذكر اسمه خشية من فقد وظيفته، قال لعنب بلدي، إن صديقه اضطر لترك العمل بعد فرض التجنيد الإجباري على الشباب، ووجد نفسه زميلًا لموظف سابق في مؤسسات النظام.
استبدال الموظفين الشباب أثار استياء الموظف الثلاثيني، الذي أشار إلى أن “أغلبية” الشبان من موظفي “الإدارة الذاتية”، كانوا يضطرون للعمل حتى من دون رواتب أو تعويضات نقدية لشهور عدة أحيانًا، حتى أخذت المؤسسات شكلها الحالي، ليجدوا أنفسهم مضطرين لتركها خشية التجنيد.
ميراث الفساد ينقله موظفو النظام إلى “الإدارة الذاتية”
يرى موظفون شباب من الرقة، تحدثوا إلى عنب بلدي، أن نقل ميراث الفساد والرشى من مؤسسات النظام إلى مؤسسات “الإدارة الذاتية” أسهم فيه بشكل رئيس موظفو النظام الذين دخلوا في “الإدارة” عقب انسحاب الفئات الشابة.
“إنه لأمر صعب ترك صديقي ليأتي رجل آخر مكانه، هذا الرجل الذي يشاركني عملي اليوم يحمل بذهنه آلاف الخطط والحيل لتحصيل الرشوة من المراجعين تعلّمها في مؤسسات النظام”، هكذا وصف موظف “الطاقة والاتصالات” زميله الجديد.
وواجهت “الإدارة الذاتية” مظاهرات وتهمًا لكوادرها بالفساد والمحسوبية، وشُبّهت بمؤسسات النظام السوري رغم محاولات “الإصلاح” التي أعلنت عنها.
وأوقف “مكتب الدفاع الذاتي” في “مجلس الرقة المدني” صرف رواتب الموظفين المطلوبين لأداء الخدمة الإلزامية في شباط الماضي، في سبيل الضغط عليهم للالتحاق.
وسبق أن قال أحد العاملين في “مكتب الدفاع الذاتي”، لعنب بلدي، إن أحد إداريي المكتب قال للعاملين فيه، إن “الإدارة الذاتية” و”مجلس الرقة المدني” بإمكانهم استبدال جميع الموظفين الذين سيتأخرون عن تسوية أوضاعهم من خلال الاستعانة بآلاف المسجلين لدى “مكتب التشغيل” في الرقة.
وطبقت “وحدات حماية الشعب” (الكردية) التجنيد الإجباري على الشباب بمناطق سيطرتها في الجزيرة السورية عقب اتفاق “دهوك” عام 2014، الذي وقّعت عليه أطراف كردية سورية، في كردستان العراق، كخطة عمل سياسية وإدارية في بعض المناطق بمحافظة الحسكة وعين العرب بريف حلب الشرقي.
وتبنت “الإدارة الذاتية” سياسة التجنيد الإجباري في مناطق سيطرتها لمصلحة “قسد”، لتعلن، في حزيران عام 2019، التصديق رسميًا على قانون “الدفاع الذاتي” الذي يشتمل على 35 مادة، حددت فيها شروط الخدمة والإعفاء والتأجيل وجميع القوانين الخاصة بالمكلفين والمشمولين بالتجنيد.